قالت وكالة أسوشيتدبرس إن وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، هنرى كيسنجر، الذى توفى الأربعاء عن عمر ناهز المائة عام، كان له تأثير غير عادى على الشئون العالمية فى عهد الرئيسين نيكسون وفورد، بفضل حضورة المهيمن، وإن كان فظا، وتلاعبه بالسلطة خلف الكواليس، والذى اكسبه انتقادات وأيضا جائزة نوبل للسلام.
وأشارت الوكالة إلى كيسنجر، اليهودى الذى فر من ألمانيا النازية مع عائلته فى سن المراهقة إلى الولايات المتحدة، اكتسب فى سنواته الأخيرة سمعة رجل دولة محترم، وقام بإلقاء الخطابات وقدم المشورة للجمهوريين والديمقراطيين على حد السواء، وأدار شركة استشارات عالمية.
وظهر كيسنجر فى البيت الأبيض فى عهد ترامب فى عدة مناسبات. لكن فى وثائق وأشرطة عهد نيكسون، التى تسربت على مدار السنين، جلبت اكتشافات، كثير منها، على حد تعبير كيسنجر نفسه، ألقت أحيانا ضوءا قاسيا.
ولم يخلو كيسنجر من منتقديه أبدا، بعد أن ترك الحكومة، وطالب البعض بضرورة استدعائه للمساءلة عن سياساته فى جنوب شرق آسيا ودعم الأنظمة القمعية فى أمريكا اللاتينية.
ولمدة ثمان سنوات مضطربة، فى البداية كمستشار للأمن القومى، ثم كوزير للخارجية، وحمل اللقبين معا لفترة، تنوع كيسنجر فى نطاق واسع من قضايا السياسة الخارجية الرئيسية. لقد قام بأول دبلوماسية مكوكية فى السعى لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط. واستخدم قنوات سرية لاستئناف العلاقات الأمريكية مع الصين، منهيا بذلك عقودا من العزلة والعداء المتبادل.
وبدأ كيسنجر مفاوضات باريس التى أسفرت فى النهاية فى وسيلة لحفظ ماء الوجه لإخراج أمريكا من حربها المكلفة فى فيتنام، والتى أسماها كيسنجر "فترة فاصلة لائقة".
كما اتبع كيسنجر سياسة الوفاق مع الاتحاد السوفيتى التى أدت إلى اتفاقيات الحد من الأسلحة، وأثارت احتمالات ألا تستمر توترات الحرب الباردة والتهديد النووى إلى الأبد.
وفي سن التاسعة والتسعين، كان لا يزال في جولة لتأليف كتابه عن القيادة. وعندما سُئل في مقابلة مع شبكة ABC في يوليو 2022 عما إذا كان يرغب في التراجع عن أي من قراراته، اعترض كيسنجر قائلاً: "لقد كنت أفكر في هذه المشكلات طوال حياتي. إنها هوايتي وكذلك مهنتي. ولذا فإن التوصيات التي قدمتها كانت أفضل ما كنت قادرًا عليه في ذلك الوقت.
وواصل كيسنجر مشاركته فى الشئون العالمية حتى فى أشهره الأخيرة. فزار الصين والتقى بزعيمها فى يوليو الماضى فى الوقت الذى كانت العلاقات بين واشنطن وبكين فى أدنى مستوياتها.
وبعد مرور نصف قرن على دبلوماسيته المكوكية التى ساعدت فى وقف إطلاق النار فى حرب أكتوبر 1973، حذر كيسنجر من مخاطر تكرار الصراع بعد أن تعرضت لإسرائيل لهجوم "طوفان الأقصى" فى السابع من أكتوبر الماضى.