حدث استثنائى، وحضور لافت وفى الميعاد.. عبارة موجزة تلخص ملحمة تصويت المصريين فى الخارج فى الانتخابات الرئاسية 2024، والتى قدمت من خلالها طيور مصر المهاجرة رسائل حاسمة لكل مغرض، ومشهداً مشرقاً لكل مشكك فى قدرات وإمكانات الدولة المصرية وشعبها، وبالأخص، أولئك الذين أبعدتهم المسافات والحدود وربما المحيطات الذين ضربوا مثالاً حياً على مدار 3 أيام فى الوفاء والولاء، والإيمان بسلامة ما تيسير عليه الدولة من نهج، وما تتخذه من حلم، وما تسعى ورائه من طموح.
تصويت المصريين فى الخارج، والذى حقق على مدار أيامه الثلاثة العلامة الكاملة بمشاركة قياسية رصدتها وسائل الإعلام العربية والعالمية على امتداد الخرائط والقارات، قدم رسائل شكر وعرفان للدولة والقيادة السياسية، إلا الرسائل التى حملها المشهد، وما أحاط بها من ظرف إقليمى ودولى شائك، كانت أكثر أهمية وأبعد أثراً.
وبمقدمة الرسائل التى حملها تصويت المصريين فى الخارج، يأتى تجديد الثقة فى الدولة المصرية ومؤسساتها فى الملف الفلسطينى الذى تدميه منذ قرابة شهرين الحرب الدائرة فى قطاع غزة، والتى عكست بالأدلة القاطعة مركزية القاهرة، ودورها الاستراتيجى فى التصدى لمؤامرات الأعداء، خلال وقوفها حائط صد أمام المؤامرة الإسرائيلية، وشعر المصريون بأن لهم قيادة تحمل "درعا وسيف".
فمنذ الوهلة الأولى رفضت الدولة المصرية مبدأ تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، وتنظر للقضية ولسيناء باعتبارهما إحدى دوائر أمنها القومى المباشر، ما دفع سلطات الاحتلال للتراجع رسميا عن تصريحات تهجير الفلسطينيين نحو مصر، وظلت الفكرة ينادى بها مسئوليها على منابر الإعلام.
ويأتى الحرص على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية أيضاً ليقدم رسالة شكر وعرفان على جهود الدولة المصرية فى الداخل، خاصة على ما قدمته ولا تزال من عملية تنمية شاملة فى سيناء التى سال على رمالها دماء المصريين، وأصبحت خطا أحمرا لكل من تسول له نفسه المساس بأمنها القومى من مخططات ابتلاع جزء منها ومنحه لسكان غزة لتصفية القضية الفلسطينية، فى أروع ملحمة مصرية للحفاظ على الأرض والقضية.
فمن خلال مسارات عدة ومتوازية، حيث حظيت سيناء على مدار السنوات الماضية، باهتمام بالغ من الدولة، فحرصت على تنميتها بمشروعات مختلفة من معالجة للمياه وزيادة مساحة الأراضى الزراعية، إلى جانب تسهيل ربط شبه الجزيرة بباقى المحافظات المصرية، وعلى مسار مواز حافظت على أمنها القومى برفض مخطط إسرائيلى لتهجير الفلسطينيين وتوطينهم فى سيناء.
وبما أن العملية الانتخابية انطلقت من الخارج، فإن ما تلحظه وتشهده الجاليات المصرية فى مختلف الدول من انفتاح متزن فى علاقات مصر الخارجية، كان محركاً رئيسياً لكثافة الإقبال على التصويت، حيث ترجمت تلك العلاقات الخارجية التى تحفظ المصالح المصرية فى المقام الأول تواصلاً بناءً بين الدولة وأبنائها فى الخارج من جهة، وأعادت لهم الاعتبار كمكون رئيسى وفاعل فى الدول المقيمين بها، وهى الأهداف التى تشكل حجر زاوية فى رؤية 2030، التى تستند على مبادئ "التنمية المستدامة الشاملة" و"التنمية الإقليمية المتوازنة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة