يبدو أن هناك أزمة قريبة بين إسرائيل والولايات المتحدة، حيث ظهر أكبر خلاف علني بين الحليفتين بشأن سلوك ومستقبل الحرب في غزة، مع تزايد الفجوة بسبب الدعوات العالمية لوقف إطلاق النار وسط تجاهل جيش الاحتلال الذي لا تزال غاراته مستمر في جميع انحاء القطاع المحتل، ما أدي إلى ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين والتسبب بأزمة إنسانية قد تكون غير قابلة للاحتواء.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل تفقد الدعم الدولي بسبب قصفها العشوائي، وأنه يتعين على نتنياهو تغيير حكومته التي تهيمن عليها الأحزاب اليمينية المتشددة، وانتقد الحكومة الإسرائيلية التي وصفها بالمتشددة التي لا تريد حل الدولتين".
وأضاف : "لقد بدؤوا يفقدون هذا الدعم"، مشيرا إلى أن سلامة الشعب اليهودي على المحك حرفيا كما أضاف بايدن الذي صرح أكثر من مرة بأنه صهيوني وداعم كبير لإسرائيل- أن نتنياهو يحتاج "إلى تغيير حكومته المتشددة" لإيجاد "حل طويل الأمد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وأكد على أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل وهي لا تريد حل الدولتين.
وتحدث بايدن على وجه التحديد عن إيتمار بن غفير، زعيم حزب إسرائيلي يميني متطرف ووزير الأمن القومي في ائتلاف نتنياهو الحاكم، الذي يعارض حل الدولتين ودعا إسرائيل إلى إعادة السيطرة على كامل الضفة الغربية وغزة.
وبعد ساعات فقط، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، بأغلبية 153 صوتاً مؤيداً، مقابل 10 أصوات وامتناع 23 عن التصويت. وعلى الرغم من ان التصويت الغير الملزم رمزي إلى حد كبير، ولكنه يخدم كمقياس مهم للرأي العام العالمي. ولم تنضم أي من القوى الكبرى إلى إسرائيل والولايات المتحدة في معارضتهما لوقف إطلاق النار.
وتسببت الحرب في موت ودمار غير مسبوقين للقطاع الساحلي ، مع محو معظم شمال غزة، واستشهاد أكثر من 18 ألف فلسطيني، ونزوح أكثر من 80% من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وحثت الولايات المتحدة إسرائيل على بذل المزيد من الجهود للحد من الخسائر في صفوف المدنيين منذ أن شنت غزوها لجنوب غزة في بداية الشهر الجاري، لكن عدد الضحايا استمر في التصاعد بنفس المعدل على ما يبدو ما تسبب في انهيار نظام الرعاية الصحية وعمليات المساعدات الإنسانية في أجزاء كبيرة من غزة، وسط الحصار الإسرائيلي للقطاع والغارات الجوية المكثفة والقتال، وحذر عمال الإغاثة من المجاعة وانتشار الأمراض بين النازحين في الملاجئ ومخيمات الخيام.
وكانت تعليقات بايدن بمثابة انتقاد مباشر لإسرائيل حتى مع استمرار إدارته في تقديم دعم دبلوماسي وعسكري ثابت للحملة العسكرية في غزة في مواجهة الغضب الدولي المتزايد.
تم إجراء تصويت الجمعية العامة يوم الثلاثاء، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد دعوات لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، وأرسلت ذخائر دبابات إلى إسرائيل للسماح لها بمواصلة الهجوم. وقد حشد الأمين العام للأمم المتحدة والدول العربية جزءًا كبيرًا من المجتمع الدولي خلف الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وفقا لاسوشيتد برس، خلافات بين الحليفين بشأن الجدول الزمني للحرب وحول كيفية حكم غزة في المستقبل ظهر إلى العلن.
وفي إحاطة إعلامية مع وكالة أسوشييتد برس، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إلى أن المرحلة الحالية من القتال البري العنيف والغارات الجوية يمكن أن تستمر لأسابيع وقد يستمر النشاط العسكري الإضافي لعدة أشهر وقال نتنياهو إنه سيتعين على الجيش أن يحتفظ بسيطرة أمنية مفتوحة على غزة بعد انتهاء الحرب.
ومن جانبها قالت إدارة بايدن إن إسرائيل يجب ألا تعود إلى الاحتلال العسكري وإن السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا يجب أن تحكم غزة مع استئناف المحادثات بشأن إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وبدا أن نتنياهو يستبعد ذلك، حيث أقر بوجود خلاف مع الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن الحرب في غزة وسط انتقادات لم يحاول بايدن إخفاؤها للحكومة الإسرائيلية.
في منشور على منصة إكس، قال نتنياهو إنه يقدر بشدة الدعم الأميركي لتدمير فصائل المقاومة وإعادة المحتجزين، ويأمل أن يتوصل مع حكومة بايدن إلى اتفاق بشأن مستقبل غزة بعد الحرب وشدد على أنه لن يسمح لإسرائيل بأن تكرر خطأ اتفاقية أوسلو التي اعترفت بسلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي، قائلا إن "غزة لن تكون للفصائل"
وقال: "لن أسمح لإسرائيل بتكرار خطأ أوسلو"، في إشارة إلى عملية السلام في التسعينيات التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية وكان الهدف منها التوصل إلى حل الدولتين.