خلاف حاد تشهده العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، بعد أكثر من شهرين من الحرب التي يديرها جيش الاحتلال في قطاع غزة، وأسفرت عما يقرب من 19 ألف شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء العزل، وهو الخلاف الذي أرجعه مراقبون لأسباب عدة من بينها اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وكذلك انحياز البيت الأبيض للرؤية المصرية لحل الصراع وإدارة المشهد بعد الحرب، القائمة علي حل الدولتين ، وهو السيناريو الذي ترفضه الحكومة اليمنية المتطرفة في تل أبيب برئاسة بنيامين نتنياهو.
الخلاف الذي يبدو أنه قائمة منذ أسابيع ، ظهر علي السطح خلال الأيام القليلة الماضية ، وأقر بوجوده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث غرد في منشور على منصة إكس، قائلاً إنه يقدر بشدة الدعم الأمريكي لتدمير فصائل المقاومة وإعادة المحتجزين، ويأمل أن يتوصل مع حكومة بايدن إلى اتفاق بشأن مستقبل غزة بعد الحرب، وشدد على أنه لن يسمح لإسرائيل بأن تكرر خطأ اتفاقية أوسلو التي اعترفت بسلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي، قائلا إن "غزة لن تكون للفصائل".
وجاءت تغريدة نتنياهو بعد أقل من 24 ساعة من تصريحات الرئيس الأمريكي مساء الإثنين الماضي، والتي انتقد فيها الحكومة الإسرائيلية التي وصفها بالمتشددة والتي لا تريد حل الدولتين"، قائلاً إن إسرائيل بدأت تفقد الدعم الدولي بسبب الحرب على غزة، كما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إجراء تغيير على حكومته اليمينية المتطرفة.
وتابع بايدن في تصريحاته بأن "الشعب اليهودي وسلامته علي المحك" ، وأن إسرائيل بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي "بقصفها العشوائي على غزة" الذي أودى بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين.
خلاف واشنطن وتل أبيب الذي ظهر علي السطح ، اعتبرته صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها بـ"أكبر تغير في الخطاب الأمريكي بشأن إسرائيل" منذ عملية طوفان الأقصى، مشيرة إلى أن الانقسام بين إسرائيل والولايات المتحدة "انفجر إلى العلن"، بعد تصريحات بايدن.
ويبدو أن محور الخلاف بين واشنطن وتل أبيب يكمن في رفض الأخيرة لسيناريو حل الدولتين ، وهو المسار الذي طالما حاولت الدولة المصرية إعادة تقديمه إقليمياً ودوليا ، كحل سلمي عادل للقضية الفلسطينية ، وكمفتاح ربما يكون وحيد لحقن دماء الفلسطينيين وإقرار السلام في المنطقة.
وفى الأسبوع الماضي، نقلت مجلة بولتيكو الأمريكية عن مصادر في البيت الأبيض قولها أن واشنطن لديها قناعة شبه تامة بالمقترح المصري، والرؤية التي طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى لإدارة غزة وإنهاء الصراع الممتد منذ أكثر من شهرين.
وذكرت المجلة في تقريرها في ذلك الحين بأن وحشية القصف الإسرائيلى على قطاع غزة وتجاهل نتنياهو للازمة الإنسانية التى تزداد حدة يوما بعد يوم، دفعت الولايات المتحدة لتحدى حليفتها بوضع خطة متعددة المراحل لمستقبل القطاع بعد الحرب التى توقع المسئولين الأمريكيين انتهائها بحلول يناير.
ووضعت الإدارة الأمريكية عودة السلطة الفلسطينية للسيطرة على القطاع المحاصر أول خطوات الخطة التى أمضى المسئولون أسابيع عدة فى وضعها إلى جانب مقترح القاهرة الذى طرحه الرئيس عبدالفتاح السيسى بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
وقالت مجلة بوليتكو، إن المسئولين الأمريكيين ينظرون اليه هذا المقترح باعتباره أفضل الخيارات وربما الوحيد للمنطقة التى دمرت بسبب الحرب، كما يمكن أن يضع الولايات المتحدة على مسار تصادمى مع الحكومة الإسرائيلية.
وذكر مسؤول وزارة الخارجية في تصريحات للمجلة الأمريكية إن عدد كبير من إدارة بايدن يرى أن الحل يكمن فى حل الدولتين وإنشاء دولة للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل، لكن التخطيط فى الوقت الحالى يركز على تحقيق الاستقرار فى غزة.
وذكرت بوليتكو أن مصر من المرجح أن تلعب دورًا رئيسيًا فى غزة ما بعد الحرب، مشيرة إلى أن اقتراح الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح مع وجود أمنى دولى مؤقت وهو الامر الذى تردد صداه فى دوائر إدارة بايدن.