مع بداية أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حث الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء على تجديد احتياطياتها من الغاز في حال قررت روسيا قطع الإمدادات، وقررت أيضا تنفيذ سياسة تقليل استهلاك هذا الوقود الأحفوري لتقليل الاعتماد على المورد الرئيسي للمنطقة الأوروبية حتى ذلك الحين، حتى بدأت تتجاوز القارة العجوز تلك الأزمة.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة الاكونوميستا الإسبانية، فقد كان يعد سعر الغاز أحد أكبر مخاوف الأوروبيين عند حلول فصل الشتاء، بل وأكثر من ذلك منذ اندلاع الصراع في حرب أوكرانيا واستخدام روسيا للغاز كسلاح ضد أوروبا، إلا أن يتم تداول سعر الغاز الطبيعي الأوروبي دون متوسطه التاريخي في منتصف ديسمبر بعد موجة برد قصيرة أثرت على النصف الشمالي من القارة.
واستمرت الإجراءات التى تم تنفيذها فى ذلك الوقت تؤتي ثمارها طوال عام 2023، مما أدى إلى خفض الطلب على الغاز الطبيعي إلى أدنى مستوى له في السنوات الأخيرة.
وأشار التقرير إلى أنه تم تحديد TTF (مرفق نقل الملكية، العقود الآجلة للغاز الطبيعي المرجعي في أوروبا) بسعر 35.2 يورو لكل ميجاوات في الساعة، أي أقل من متوسط السنوات الخمس الماضية، وهو 49 يورو لكل ميجاوات في الساعة، بالإضافة إلى ذلك انخفض سعر الغاز بأكثر من 55% عن أعلى مستوياته خلال العام وهو عند مستويات منخفضة بشكل غير طبيعي لهذا الوقت، مقارنة بالسنوات الماضية وليس فقط مع عام 2022 المفاجئ وبالتالي فإن الغاز هو المادة الخام التي تخفض معظم أسعارها لذلك بعيدا هذا العام.
ووفقا للتقرير الإسبانى عادة ما يتم تسوية عقود الغاز الطبيعي بخصم على إمدادات الشهر التالي بدءًا من مارس أو أبريل، وفقًا لبلومبرج، عندما تميل درجات الحرارة إلى الارتفاع، إلا أنها المرة الأولى منذ عام 2020 (بسبب تأثير الوباء) التي يكون فيها الفارق بين أسعار الغاز العقدية مقارنة بالشهر التالي أقل من الصفر في منتصف فصل الشتاء. على سبيل المثال، يتم بالفعل دفع ثمن الغاز المستقبلي لصيف 2024 بتكلفة أعلى من يناير المقبل.
غاز أقل وفحم أقل
ووفقا لأحدث التقارير الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، فقد خفض الاتحاد الأوروبي في عام 2023 استهلاكه للفحم بأكثر من 20% مقارنة بالعام السابق، ووفقا لبيانات يوروستات، كانت احتياطات الغاز فى الاتحاد الأوروبى فى الصيف الماضى أعلى بـ20 نقطة، عما هو معتاد فى ذلك الوقت من العام.
وفي النصف الأول من العام، خفضت فنلندا استهلاكها من الغاز بنسبة 55.7% مقارنة بما فعلته في شتاء عام 2022. وفي حالة إسبانيا، اقترب الانخفاض في النصف الأول من العام من 11%. في المقارنة على أساس سنوي، وتعتبر مالطا هى الوحيدة التى زادت استهلاكها من الغاز بين شهرى يناير ويونيو 2023 ، وقد فعلت ذلك بنسبة 13% تقريبا.
وفي الوقت الراهن، لا يزال اتفاق توفير الغاز ساري المفعول، وكما هو مبدئي، فإن الانضمام إليه طوعي، ويعني ضمناً ادخار ما متوسطه 15% كل عام. ولذلك فمن المتوقع أن يستمر الطلب على هذا الوقود في الانخفاض في منطقة اليورو.
أسباب انخفاض أسعار الغاز الطبيعى
هناك عدة تأثيرات تتسبب في انهيار أسعار الغاز الطبيعي المعلنة، رغم أن ثلاثة منها تهيمن على الباقي: تحتفظ الولايات المتحدة بشحنة ثابتة من الغاز المسال عن السفن، والمخزونات في أوروبا ممتلئة، والصناعة الأوروبية لا تحتاج إلى الكثير العرض لأنه ليس بكامل طاقته.
وأشارت صحيفة لاراثون الإسبانية إلى أنه على الرغم من موجة البرد القصيرة التى غطت معظم شمال وشرق أوروبا بالثلوج فإن الحقيقة هى أن درجات الحرارة معتدلة بشكل عام ، إلى جانب حقيقة أن الحرب فى أوكرانيا تركت شعارا مفاداة أن الشتاء قادم ويجب الاستعداد له، ولذلك فإن مخزونات الغاز الطبيعى أصبحت أعلى من 90% من طاقتها الإجمالية، وذلك يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة خلال الفترات السابقة.
وتسجل دول مثل ألمانيا، التي تعد من أكبر المستهلكين في منطقة اليورو وتتمتع بأكبر قدرة تخزينية، مستوى 92%، وفقًا لوكالة تخزين الغاز الأوروبية AGSI مع بيانات حتى 13 ديسمبر، الدول التالية التي لديها أكبر قدرة على تخزين الغاز، فرنسا وهولندا وإيطاليا والنمسا، هي أيضًا في المتوسط بينما تمتلك إسبانيا ودائعها بنسبة 97٪، على الرغم من أن قدرتها أقل من 34 تيراواط في الساعة.
في المجموع، لدى الاتحاد الأوروبي 1،026.86 تيراواط ساعة مخزنة، إلا أن مخزونات أوروبا المرتفعة من الغاز لا تضمن استقلالها في مجال الطاقة ولو لمدة عام واحدة، ويبلغ متوسط الاستهلاك السنوي في منطقة اليورو 3760 تيراواط/ ساعة، وهذا يعني أن الودائع ستوفر أقل من ربع الاستهلاك. وهذا الاستهلاك ليس عادلا، إذ أن الفترة الحالية هي الفترة الأكثر طلبا. والواقع أن الحسابات تشير إلى أن فصل الشتاء في ظل الظروف العادية من شأنه أن يستنفد القدرة الإجمالية لمنطقة اليورو في ما يزيد قليلاً عن شهر.