يعتبر تغير المناخ من أكبر الأزمات التى تفاقمت خلال عام 2023 الماضى، حيث شهد العالم تغيرات كبيرة فى الظروف البيئية من فيضانات وجفاف وحرائق أدت إلى خسائر اقتصادية فاحة فى عدد من الدول فى العالم.
ويتسبب التغير المناخى فى ظواهر جوية متطرفة مثل حرائق الغابات والفيضانات الحادة والجفاف الشديد، وغيرها من الكوارث التى تتسبب فى إخفاء معالم سياحية وأثرية، وتدمير مناطق سكنية بأكملها، وتشريد آلاف البشر، بالإضافة إلى خسائر مادية فادحة.
وقالت صحيفة "بيرفل" الإسبانية فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى، إن الكوارث الطبيعية التى ارتبطت بتغير المناخ أدى إلى خسائر فادحة من تلف المحاصيل وتدمير المنازل والممتلكات وتشريد العديد من المواطنين، مما اثر على القطاع المالى.
وأوضح التقرير، أنه فى الأرجنتين خلف التغير المناخى وخاصة الجفاف خلال 2023 آثار اقتصادية كبيرة، وخاصة قطاع الزراعة وأدى إلى خسائر اقتصادية فى حدود 20 ألف مليون دولار للبلاد، دون الأخذ بعين الاعتبار التأثير على البنود الأخرى المرتبطة به.
وأشار التقرير إلى أن الرصيد السلبى الذى بلغ متوسطه على جميع الأرجنتينيين يعنى خسارة سنوية تبلغ حوالى 425 دولارًا للشخص الواحد، وهو على أى حال أقل من الكوارث المناخية الأخرى التى وقعت العام الماضى فى أجزاء مختلفة من العالم.
ففى الولايات المتحدة وحدها، بلغت الخسائر المرتبطة بتغير المناخ خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام نحو 58 مليار دولار، وفقًا لبيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
وتسببت الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخى فى نزوح ملايين البشر حول العالم داخل بلدانهم هذا العام، من بينهم 43.1 مليون طفل، وفقًا لبيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وتتوقع المنظمة أن تؤدى الفيضانات وحدها ستؤدى لنزوح 96 مليون طفل خلال الأعوام الثلاثين المقبلة.
وقامت منظمة Christian Aid الخيرية بقياس تأثير حرائق الغابات والفيضانات المدمرة فى أجزاء مختلفة من العالم خلال عام 2023، وأنشأت تصنيفًا يتصدر هاواى، بتكلفة سلبية للفرد تبلغ 4161 دولارًا أمريكيًا، نتيجة الحرائق التى ضربت الولايات المتحدة.
وفى نيوزيلندا، كان للعواصف تأثير سلبى قدره 468 دولارًا للفرد، وأضافت الفيضانات الناتجة خسائر أخرى قدرها 371 دولارًا للفرد. وتعد إيطاليا، التى بلغت أرصدتها باللون الأحمر 164 دولارًا لكل مواطن نتيجة للفيضانات الاسوأ التى تعرضت لها والتى أدت إلى خسائر فادحة فى البلاد حتى أصبحت إيطاليا، الدولة الأوروبية الأكثر تضررًا، تليها إسبانيا، التى سجلت فى المقابل خسائر قدرها 50 دولارًا لكل مواطن، نتيجة للجفاف.
وفى أمريكا الجنوبية، تأثرت تشيلى بالحرائق والفيضانات مما أدى إلى عجز قدره 39 دولارًا و30 دولارًا على التوالي. بينما تكبدت بيرو خسائر قدرها 20 دولارًا للفرد بسبب العواصف و9 دولارات أخرى بسبب الفيضانات.
وفى هذه الخريطة العالمية للتوازنات فى الأزمات، لم تتمكن قوى مثل الولايات المتحدة والصين من تجنب تأثير المناخ أيضًا، على الرغم من أنه تم تقسيم الأرصدة السلبية على عدد أكبر من السكان، بطبيعة الحال، إلى 31 دولارًا للفرد فى العالم. حالة أمريكا الشمالية، و23 دولارًا للفرد فى الأراضى الشرقية بسبب الفيضانات.
وبحسب تحليل قائمة الكوارث المناخية العشرين الأكثر تكلفة لعام 2023، فإن العواصف القوية (مثل تلك التى تعرضت لها بوينس آيرس والمناطق المحيطة بها قبل بضعة أسابيع)، والفيضانات وحالات الجفاف والحرائق، تؤثر بشدة على أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف إعادة البناء وهى من قبيل الصدفة الدول التى ساهمت بأقل قدر فى أزمة المناخ من خلال حرق كميات أقل من الوقود الأحفورى مقارنة بالدول الغنية التى واجهت كوارث مناخية أقل.
وفحص البحث 20 كارثة طبيعية تفاقمت بسبب الانهيار المناخى الذى أثر على 14 دولة خلال العام الماضي. وكانت أعلى تكلفة بشرية هى حرائق الغابات فى هاواى فى أغسطس.
وبالإضافة إلى ذلك فإن التغيرات المناخية تؤدى إلى حدوث تغير بالخريطة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية على مستوى العالم، ويشدد على أن بعض المحاصيل تتأثر بالتغيرات المناخية بشكل واسع، على سبيل المثال إنتاج الشاى فى الهند والكاكاو فى البرازيل والحبوب فى مناطق اخرى حول العالم، مما سيؤدى خسائر اقتصادية فادحة لبعض الدول المصدرة لتلك المحاصيل.
وبحسب إفادة صادرة عن البرلمان الأوروبى، لا يوجد تعريف واضح ومحدد ورسمى للخسائر والأضرار ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ، غير أن المصطلح يشير عادة إلى الآثار الناجمة عن تغير المناخ التى لا يمكن تخفيفها من خلال جهود التخفيف أو التكيف.
وتعتبر الإفادة أن التمييز بين "الخسائر" و"الأضرار" أمر بالغ الأهمية، فالخسائر تشير إلى ضرر لا يمكن إصلاحه، مثل خسارة الأراضى بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، فى حين أن الأضرار تنطوى على آثار قابلة للإصلاح، مثل الأضرار التى تلحق بالبنية التحتية المرتبطة بالتغيرات المناخية.
ويمتد نطاق الخسائر والأضرار إلى الخسائر الاقتصادية وغير الاقتصادية. إذ تشمل الخسائر الاقتصادية الأصول الملموسة، فى حين تشمل الخسائر غير الاقتصادية الأصول غير الملموسة، بما فى ذلك التراث الثقافى والتنوع البيولوجى وسبل العيش.