بدأت محكمة العدل الدولية أولى جلساتها بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وهو الأمر الذى يترقبه العالم لمعرفة ما سينتج عنه من تبعيات على الحرب الدائرة حاليا في القطاع، وفى هذا الإطار نوضح في السطور التالية ماذا بعد الحكم على الكيان الصهيوني وإدانته في حال قررت محكمة العدل الدولية ذلك.
أستاذ قانون دولى: على محكمة لاهاي إصدار أوامر فورية بوقف هجمات إسرائيل على غزة
أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وخبير النزاعات الدولية، أن انعقاد جلسات محكمة العدل الدولية بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، يأتي تطبيقاً لنصوص القانون الدولي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وقال مهران في تصريح خاص لـ"اليوم السابع": "إن مزاعم جنوب إفريقيا بشأن السياسة الإسرائيلية الرامية إلى تدمير الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، تندرج ضمن التعريف الذي نصت عليه المادة الثانية من الاتفاقية لجريمة الإبادة الجماعية"، مضيفًا: "كما أن المادة التاسعة من الاتفاقية منحت محكمة العدل الدولية صراحةً الولاية والاختصاص بالنظر في مثل هذه المزاعم المتعلقة بانتهاك الاتفاقية أو تفسيرها".
وبين أستاذ القانون الدولي، أنه في حال صدور حكم من محكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل على انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، فإن ذلك سيمثل ضربة قوية لمكانة إسرائيل وسمعتها أمام المجتمع الدولي، موضحاً أن التحدي الحقيقي سيتمثل في مدى التزام إسرائيل بتنفيذ ما سيصدر بحقها من أحكام، خاصة في ظل الدعم الأمريكي غير المحدود لها، والذي قد يدفعها نحو تجاهل تلك الأحكام كما حدث من قبل.
وحذر مهران من أن مثل ذلك السيناريو سيمثل ضربة قاصمة لمصداقية مجلس الأمن والمؤسسات الدولية، مشددًا على ضرورة أن يتراجع الموقف الأمريكي المنحاز ويتحمل مسؤولياته كعضو دائم بمجلس الأمن لضمان احترام قرارات الشرعية الدولية.
وشدد على أهمية تراجع الولايات المتحدة، مناشدها للوقوف بحزم أمام حليفتها إسرائيل، وعدم السماح لها بالإفلات من العقاب، حفاظًا على ما تبقى من مصداقية للنظام القانوني الدولي إزاء أخطر الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
وأكد أن القانون الدولي يلزم إسرائيل بالمثول أمام المحكمة والرد على ادعاءات جنوب إفريقيا، موضحاً أنها مجبره علي الحضور لانه في حالة تغيبها سوف تطلب جنوب إفريقيا الاستجابه لطلباتها وهو ما ستقبله المحكمة وفقا للقانون الدولي.
ولفت إلى أن ما جاء في الدعوى من أسانيد ووقائع وأرقام حول الضحايا الفلسطينيين تؤكد وجود دلائل ظاهرة على وقوع جريمة إبادة جماعية فضلا عن تصريحات المسئولين الإسرائيليين، الأمر الذي يستوجب التحقيق العاجل من قبل المحكمة وإصدار الأحكام اللازمة.
وأضاف الخبير الدولي أنه على ضوء ما تضمنته الدعوى من بيانات حول استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، فإن القانون الدولي يوجب على محكمة العدل الدولية إصدار أوامر عاجلة تلزم إسرائيل بوقف فوري لهجماتها، حمايةً للمدنيين هناك من مزيد من الدمار.
وتابع: "تنص المادة 41 من النظام الأساسي للمحكمة على أن للمحكمة الحق في اتخاذ ما تراه ضرورياً من تدابير مؤقتة لحماية الحقوق ومنع تفاقم الأضرار بشكل لا رجعة فيه، وهو ما ينطبق تمامًا على حالة غزة".
وأشار الدكتور مهران إلى أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 تنص في المادة الأولى منها على أن الأطراف المتعاقدة تؤكد أن الإبادة جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنع ارتكابها والمعاقبة عليها، كما حددت المادة الثانية من الاتفاقية أفعال الإبادة الجماعية بأنها الأفعال المرتكبة بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، وهو ما تنطبق عليه بوضوح أفعال إسرائيل بحق الفلسطينيين.
ودعا أستاذ القانون المجتمع الدولي للوقوف صفًا واحداً ضد محاولات إسرائيل تفادي العقاب، وإجبارها على احترام أحكام القانون الدولي والكف فورًا عن سياسة التطهير العرقي والإبادة بحق الشعب الفلسطيني، مناشداً المجتمع الدولي بأسره إلى ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل للالتزام بقرارات الشرعية الدولية ووقف جرائمها المستمرة ضد شعبنا الفلسطيني.
أستاذ علوم سياسية: قرارات "العدل الدولية" ملزمة ولكنها تحتاج إرادة دولية لتنفيذها
وأكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، على أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة لكنها تفتقد الأدوات أوالآليات للتأثير أو للتنفيذ وبالتالي يجب تبنى التدابير الإجرائية لتنفيذ الحكم لأن هناك أحكام عديدة صدرت ولم تنفذ ولم تلقى قبولا من الأطراف المعنية كما حدث في الحكم الخاص بروسيا وأوكرانيا.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في تصريح خاص لـ "اليوم السابع" أن الحديث عن سيناريوهات الإدانة وصدور قرار ملزم لابد من إجراءات وتدابير قانونية متعددة لتنفيذ هذا الحكم والتعامل معه بصورة مباشرة دون أن يكون هناك قيود على التنفيذ وسيحتاج هذا إلى إرادة دولية ويحتاج إلى ضغط على إسرائيل وربما تلجأ إلى الخيارات التوافقية وربما توقف بعض النقاط الرئيسية فيما يخص أعمال الإبادة باعتبارها طرف موقع على اتفاقية الإبادة 48.
وأشار إلى أن عدم إدانتها أمر وارد بمعنى أنها توجه لها بعض الملاحظات في الأحكام دون أن يكون هناك قرارا كاملا مطالبا إسرائيل بوقف إجراءات معينة سواء تقسيم قطاع غزة أو تجزيئه بصورة أو بأخرى، فربما يأخذ بعض الوقت في مراحل التنفيذ واعتقد أنه في كل الأحوال إسرائيل ستماطل في تنفيذ مثل هذه الأحكام لاعتبارات متعلقة بالموقف الإسرائيلي واحتمال أن تقدم مذكرة رد لما يجرى، مشيرا إلى أنه في كل الأحوال إسرائيل مدانة والمهم الآن أن تنفذ العدالة ويكون لها نفاذ على المستوى القانوني والسياسي.
خبير علاقات دولية: مجلس الأمن هو من لديه القوة التنفيذية لقرارات "العدل الدولية"
فيما قال الدكتور طارق البرديسي خبير العلاقات الدولية، إنه أيا ما كان الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية ضد دولة الاحتلال فهو ليس له قوة جبرية لتنفيذه، وأن كل ما في استطاعت المحكمة هو رفع القرار لمجلس الأمن المنوط به استخدام القوة التنفيذية وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف خبير العلاقات الدولية في تصريح لـ "اليوم السابع"، أن كل ما تحاول الدول المتضامنة مع فلسطين فعله حاليا هو الضغوط السياسية والدبلوماسية والإدانة المعنوية والأدبية لما يفعله الكيان الصهيوني من جرائم حرب في قطاع غزة، ولعل أبرز دليل على ذلك ما حدث فيما سبق من أحكام لم تنفذ ضدها حتى الآن.
وشدد على وجود الضغط الدولى وتكاتف الجميع أمام الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال على قطاع غزة من 7 أكتوبر، والضغط لوقف إطلاق النار في أسرع وقت بكل الطرق الممكنة.