دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى على من يستولى على السلع التموينية ويحتكرها ويبيعها فى السوق السوداء: احتكارها حرام شرعا وكبيرة من كبائر الإثم وأكل لأموال الناس بالباطل.. ومن يفعل ذلك له عقاب فى الدينا والآخرة

الجمعة، 19 يناير 2024 01:00 ص
دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى على من يستولى على السلع التموينية ويحتكرها ويبيعها فى السوق السوداء: احتكارها حرام شرعا وكبيرة من كبائر الإثم وأكل لأموال الناس بالباطل.. ومن يفعل ذلك له عقاب فى الدينا والآخرة دار الافتاء المصرية - أرشيفية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تشهد الأسواق أحيانا حالة من اختفاء السلع وزيادة أسعارها، ليُفاجأ المواطنون بقيام الأجهزة المعنية بالقبض على عدد من المتسببين في حدوث هذه الأزمة، فما هي العقوبة المقررة على مَن يقوم بالاستيلاء على السلع التموينية واحتكارها وبيعها في السوق السوداء؟.. وهو ما أوضحته دار الإفتاء بالآتى:

 

مفهوم السلع المدعمة

السلع المدعومة أو السلع التموينية: هي سلع استهلاكية أساسية تتطلبها الحاجة المعيشية للأسر والأفراد في المجتمع -كالغذاء ومواد التنظيف ونحو ذلك- وتقدمها الدولة وتلتزم بتوفيرها وبيعها بثمن مخفض للمواطنين المحتاجين حتى لو ارتفعت أسعار التكلفة، وتتحمل الدولة أعباء ذلك من أجل معونة قطاع كبير من المجتمع يعاني من ضيق الحال وقلة موارد الرزق.
 

حكم احتكار السلع المدعمة وبيعها في السوق السوداء

الحصول على هذه السلع المدعمة بغير استحقاق، أو الاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة، أو بيعها في السوق السوداء، أو احتكارها حرامٌ شرعًا وكبيرة من كبائر الإثم؛ لأن ذلك إضرار واعتداءٌ على أموال المستحقين، وعلى المال العام، وأكل لأموال الناس بالباطل، ومخالفة وليّ الأمر الذي جعل الله تعالى طاعتَه في غير المعصية مقارِنةً لطاعته تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59].
 
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (12/ 222، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت): [أجمع العلماء على وجوبها -أي: طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ- في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية، نقل الإجماع على هذا القاضي عياض وآخرون] اهـ.
 

عقوبة الاستيلاء على السلع المدعمة واحتكارها وبيعها في السوق السوداء

مَن يقومون بهذه الأفعال القبيحة من الاستيلاء على السلع المدعمة وبيعها، والافتئات على ولي الأمر، والاستيلاء على المال العام، ومنع الناس من حقوقهم، والاحتكار، قد توعدهم الشرع الشريف بالعقوبات حتى يرتدعوا ويتوبوا عن هذا الفساد؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، النَّاسُ غَادِيَانِ: فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا» أخرجه أحمد في "مسنده". وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان".
 
وأيّ مال يكتسبه الإنسان من حرام فإن الله تعالى لا يبارك له فيه، وعليه بالتوبة والتخلص منه.
 
أما الاحتكار والتدخل في أسعار أقوات الناس بالغلاء وحبس السلع فإن الله تعالى قد توعّد مَن يقوم بمثل هذه الأفعال بالعقاب في الدنيا والآخرة، ومن هذه العقوبات الأخروية: ما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
 
وأخرج أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَبَرِئَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللهِ تَعَالَى».
 
وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
 
وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» أخرجه الحاكم في "المستدرك".
 
أما العقوبة الشرعية الدنيوية في الاستيلاء على السلع التموينية بغير وجه حق فهي التعزير، إلا إذا تضمن الاستيلاء جريمة أخرى؛ كالسرقة أو القتل وما ورد فيه حدّ من الحدود التي يقيمها الحاكم على الجناة، والتعزير هو العقوبة المشروعة على جناية لا حدّ فيها؛ قال العلامة البجيرمي الشافعي في "حاشيته على الإقناع" (4/ 178، ط. دار الفكر): [التعزير يجري في كل معصية لا حدّ فيها ولا كفارة] اهـ.
 
والتعزير يكون لولي الأمر بما يراه مناسبًا للردع والزجر عن المخالفة؛ كالحبس والغرامة والمصادرة وغير ذلك، فالتعزير يختلف باختلاف الأعصار والأمصار؛ قال العلامة الونشريسي المالكي في "المعيار المعرب" (2/ 416، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [التعزير يختلف باختلاف الأعصار والأمصار] اهـ.
 
وقد جاء في القانون المصري عقوبات تعزيرية لمَن يقوم بمثل هذه الأفعال من الاحتكار والاستيلاء على السلع المدعمة، ومن ذلك ما ورد في قانون "حماية المستهلك" رقم (67) لسنة 2006م، مادة (24)، وفي نصه: [مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشدّ ينص عليها أي قانون آخر، ودون الإخلال بحق المستهلك في التعويض، يعاقب على كل مخالفة أحكام هذا القانون المنصوص عليها في المواد: 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 11، 18، والفقرة الأخيرة من المادة (23) بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تتجاوز مائة ألف جنيه وفى حالة العود تضاعف الغرامة بحديها] اهـ.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة