حذر عدد من الخبراء من تأثير تغير المناخ سواء من الجفاف أو موجات الحر أو درجات الحرارة المنخفضة على العالم، مما يتسبب فى أضرار فادحة للعديد من الدول فى العالم، وأيضا يتسبب فى ارتفاع الأسعار بشكل كبير لبعض المواد الغذائية.
وأصبحت التوقعات العالمية لتأثيرات تغير المناخ مثيرة للجدل بعد الوباء الذى خلف أكثر من 15 مليون قتيل فى العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، مع نشوب حربين، يتبع ذلك الجفاف الذى يؤدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير ويضع البلدان الأكثر فقرا فى حالة من انعدام الأمن الغذائى، ووفقا للخبراء فإن الكوارث الطبيعية الشديدة الناجمة عن تغير المناخ قد تؤدى إلى خسائر اقتصادية بقيمة 12.5 تريليون دولار وفقدان نحو 14.5 مليون شخص بحلول عام 2050.
ويرسل الكوكب رسائل واضحة للغاية مفادها أننا ندخل مرحلة حرجة ويجب اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع استمرار ظاهرة الاحتباس الحرارى. ومع ذلك، فإن الحكومات القادرة على عكس هذا الوضع تكتفى بالوعد والتوقيع على الاتفاقيات التى لا تنفذها.
وتعتبر الزيادة فى أسعار المواد الغذائية واحدة من أبرز عواقب التغير المناخى، لأنها تؤثر بشكل مباشر على جيب المستهلك العادى، نظرة عامة على الوضع تظهر كيف ذبلت بساتين الزيتون فى اسبانيا بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وفى عام 2023، قفزت ظاهرة الاحتباس الحرارى إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. وكانت الأرض أكثر دفئا بمقدار 1.48 درجة مئوية مما كانت عليه فى أوقات ما قبل الصناعة، وفقا لخدمة مراقبة المناخ التابعة للاتحاد الأوروبى. هناك قلق واسع النطاق من أن العالم يقترب من ارتفاع درجات الحرارة على المدى الطويل بمقدار 1.5 درجة مئوية.
وكانت محصول الأندلس من الزيتون سيئًا جدًا، ووصل زيت الزيتون، وهو مكون رئيسى فى مطبخ البحر الأبيض المتوسط، إلى أسعار قياسية فى السوق. ويبلغ سعر لتر زيت الزيتون البكر الممتاز حوالى 10 يورو. لقد أصبحت سلعة فاخرة للمستهلك الإسبانى.
تظاهر مئات من المزارعين فى مظاهرات بعدد من الدول الأوروبية وفى فرنسا قاموا بإغلاق الطرق السريعة مثل M6 بالقرب من ليون، وسط فرنسا،وقال رئيس اتحاد المزارعين الفرنسيين FNSEA أن منظمته ستصدر قائمة تضم 40 إجراءً ضروريًا لتحسين ظروف عمل المزارعين.
ووفقا لصحيفة لاراثون الإسبانية فقد تظاهر المزارعون الفرنسيون، فى عدة مدن فى أنحاء البلاد وفى بروكسل ضد الأجور المنخفضة وما يعتبرونه بيروقراطية مفرطة، ويشكل المتظاهرون جزءًا من موجة الغضب المتزايدة بين المنتجين الزراعيين فى جميع أنحاء الاتحاد الأوروبى.
وانتشرت الحركة، التى أغلقت العديد من الطرق والطرق السريعة فى فرنسا، فى جميع أنحاء البلاد فى الأيام الأخيرة. وتتلقى فرنسا، أكبر منتج زراعى فى الاتحاد الأوروبى، ما مجموعه 9 مليار يورو سنوياً فى هيئة إعانات دعم من السياسة الزراعية المشتركة، وهى الحصة الأكبر بين كافة الدول الأعضاء.
وفى الأسابيع الأخيرة، اندلعت احتجاجات المزارعين فى ألمانيا وهولندا ورومانيا ضد قواعد الاتحاد الأوروبى وأسباب أخرى مختلفة تتعلق بصناعة الأغذية المحلية.
وستترأس رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم الخميس الحوار الاستراتيجى حول الزراعة والتحول الأخضر، وسط تزايد الاستقطاب فى أوروبا.
ويتزامن هذا الاجتماع، الذى كان مخططا له قبل بدء التظاهرات، مع احتجاجات واسعة النطاق للمزارعين فى عدة دول أوروبية.
اتفاق مع أوكرانيا
وفى بولندا، تريد حكومة دونالد تاسك الجديدة توقيع اتفاقية مع أوكرانيا بشأن عبور المنتجات الزراعية فى محاولة لتهدئة التوترات المتزايدة بين شركات النقل والمزارعين فى البلاد.
ووفقا لرئيس الحكومة، فإن الاتفاق سيضمن مصالح المزارعين البولنديين ضد التدفق غير المنضبط للسلع من أوكرانيا. واحتج المزارعون فى أكثر من 150 مكانًا فى بولندا.
ويعارض المزارعون التدفق غير المنضبط للسلع من أوكرانيا وإدخال الصفقة الخضراء الأوروبية، التى تجبر المزارعين فى أوروبا على خفض الإنتاج.
أسبوعين من الاحتجاجات
وفى رومانيا، لا يتنازل المزارعون وعمال النقل عن مطالبهم بعد أكثر من 14 يوما متواصلا من التظاهرات التى تشهدها البلاد، وقد أعلن المتظاهرون أنهم غير راضين عن الإجراءات التى أعلنتها الحكومة الرومانية.
وبحسب المتظاهرين، فإن الجمعيات التى أجرت محادثات مع السلطة التنفيذية واتفقت على بعض الإجراءات لا تمثلهم، وأعلنت أنها لن تترك الاحتجاجات حتى تلبية مطالبهم.
المزارعون اليونانيون ينضمون إلى المظاهرات
كما أعرب المزارعون فى اليونان عن استيائهم من ارتفاع تكاليف الإنتاج والتعويضات المدفوعة. وحاول المزارعون فى لاريسا عرقلة حركة المرور على الطريق السريع الوطنى بالجرارات، بينما قرر المتظاهرون فى كارديتسا، بعد التفاوض مع الشرطة، كسر حواجز الشرطة سيرًا على الأقدام بدلاً من الجرارات، مما أجبر السلطات على وقف كل حركة المرور على الطريق السريع E65.
ويطالب المزارعون بتعويض بنسبة 100% عن خسائر المحاصيل الناجمة عن الكوارث الطبيعية والأمراض، فضلاً عن إنشاء البنية التحتية لحماية الزراعة من الظواهر الجوية القاسية وتنظيف المصارف وأنفاق الجسور لمنع الفيضانات فى المستقبل.
والمزارعون هم الأكثر تضررا فى الوقت الراهن، لأن محاصيلهم محكوم عليها بالجفاف. قال أحد العاملين الميدانيين الذى كان قلقاً للغاية بشأن وضعه على المدى القصير: "لقد هطل المطر بالكاد لمدة 4 أشهر، وعندما يهطل المطر فإنه يكون لفترة قصيرة".
إذا استمر الوضع على هذا النحو، فقد تتأثر قطاعات مثل صناعة الضيافة بشكل خطير. وتقترح الحكومة تزويد خزانات بريورات بالمياه من نهر إيبرو، وسيتم تنفيذ هذا الإجراء فى حالة إفراغ الخزانات بالكامل.
وأصر وزير العمل المناخى، ديفيد ماسكورت، على أن اقتراح الحكومة هو الحل لضمان دعم الرى فى منطقة بريورات وبالتالى ضمان البقاء لقطاع النبيذ.
وأوضح "علينا أن نضمن دعم الرى بهذه الكمية القليلة من المياه، لأن كروم العنب وأشجار الزيتون تحتاج إلى القليل جدا من المياه لإنتاجها، وما سنفعله هو منحهم الفرصة للعيش فى منطقة مثل بريورات".
أسعار البن
كما يهدد تغير المناخ فى عدة دول فى العالم، بارتفاع أسعار البن فى دول الإنتاج، خاصة فى البرازيل، حيث أن العقود الآجلة أغلقت عند 184.10 دولار أمريكى، وكان الحد الأدنى لسعر التداول 182.75 دولار أمريكى والحد الأقصى 186.75 دولار أمريكى، ووفقا للمسئولين فإن هذا الوضع يزيد من المخاوف بشأن الأضرار المحتملة لمحاصيل البن العربى، ارتفعت العقود الآجلة لروبوستا بنسبة 42% هذا العام.
أسعار القمح
كما يحذر بحث أجراه علماء تشيليون من الآثار السلبية للاحتباس الحرارى والتغير المناخى على إنتاجية زراعة القمح، وهو نوع من الحبوب يعتبر هذا البلد أحد أكبر مستهلكيه، وذلك بعد أن انخفض الإنتاج فى 23.9% فى عام 2023، حسبما قالت صحيفة "التيمبو" التشيلية.
وتشير الدراسة إلى أن تغير المناخ، المرتبط بظواهر مثل ظاهرة النينيو، يدفع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وقد زادت موجات الحر من 9 إلى 62 فى المواسم العشرة الأخيرة، ولن يكون عام 2024 هو الاستثناء، ولذلك فهناك مخاوف من زيادة الاضرار مع انخفاض جديد للإنتاج.