منذ اليوم السابع من شهر أكتوبر 2023، لم تتوقف الاتصالات الأمريكية إلى القيادة المصرية، وهذا لأن واشنطن تعتبر القاهرة هي الدولة الأهم إقليميًا لتحقيق السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط، ووقف الحرب بين قوات الاحتلال الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية، ومساء الجمعة، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، تناول الاتصال سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتأكيد الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، كما تم تناول الأوضاع الإقليمية في الشرق الأوسط وخاصة الحرب في قطاع غزة، حيث ناقش الرئيسان تطورات الجهود الجارية للتوصل لوقف إطلاق نار إنساني، بهدف حماية المدنيين، وتبادل المحتجزين والرهائن والأسرى، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، وبما يدفع في اتجاه خفض التوتر وإنهاء الأوضاع الراهنة، وعدم اتساع رقعة الحرب.
اتصالات أمريكية مكثفة على مصر لوقف الحرب
الاتصالات الأمريكية المكثفة للقيادة المصرية، تؤكد دور مصر المهم في العمل على إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق لحدود 4 يونيو 1967.
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي ، منذ اللحظة الأولى لاندلاع الاشتباكات، بتكثيف اتصالات مصر مع جميع الأطراف ذات الصلة، فمصر على اتصال مباشر مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية منذ (السبت) 7/10/2023 وحتى الآن، سواء على مستوى الرئيس السيسي أو وزارة الخارجية والجهات المعنية.
وتتعاون الولايات المتحدة ومصر بشكل وثيق لتهدئة النزاعات وتعزيز السلام المستدام، وتشترك القاهرة وواشنطن في التزام لا يتزعزع بحل الدولتين المتفاوض عليه باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع تدابير متساوية للأمن، والازدهار، والكرامة للإسرائيليين والفلسطينيين.
وحرص الرئيس السيسي خلال الاتصال الأخير، على استعراض المبادرات والجهود المصرية للتواصل مع الأطراف المعنية بهدف التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، مشيراً إلى ما قامت به مصر من جهود فائقة على مدار الشهور الماضية لإدخال المساعدات الإنسانية، وما تقابله تلك العملية من تحديات وصعوبات يجب تذليلها، مشدداً على أن مصر ستستمر في جهودها لتقديم الدعم لأهالي القطاع لتخفيف وطأة المأساة الإنسانية الجارية عليهم، ومؤكداً ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته تجاه تحقيق تلك الأهداف.
معظم الاتصالات ركزت على الوضع الإنساني في قطاع غزة، حيث تم الاتفاق على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح بشكل مستدام، مع قيام الجهات المعنية في الدولتين بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة لتأمين وصول المساعدات، كما أعرب الرئيس بايدن عن الشكر والتقدير لجهود القيادة المصرية نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وأكد الرئيس السيسي مرارا وتكرارا رفض مصر القاطع لمحاولات التهجير التي تسعى إليها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وكذلك موقف مصر بضرورة التوصل لهدنة إنسانية فورية، لتعزيز الجهود المكثفة التي تقوم بها مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة وكافة الأطراف الدولية الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية لأهالي قطاع غزة.
وقال البيت الأبيض، إن بايدن أعرب عن تقديره لدور مصر الرائد في الجهود المبذولة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في غزة.
وكشفت وسائل إعلام أمريكية عن لقاء هام سيتم في نهاية الأسبوع في إحدى الدول الأوروبية، يجمع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA بيل بيرنز ونظيره الإسرائيلي بعدد من المسئولين المصريين والقطريين، لوضع خطة من أجل تحقيق هدنة وإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
زيارات وزير الخارجية الأمريكي لمصر
وشملت الاتصالات الأمريكية على مصر، زيارات متكررة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى القاهرة عدة مرات خلال الأربع شهور الماضي، لبحث سبل إنهاء العمليات العسكرية، وكذلك العمل على اتفاق ينهى أزمة الرهائن والأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية.
وعقد بلينكن، مع القيادة المصرية ووزير الخارجية سامح شكري عدة لقاءات في القاهرة وفي عدد من الدول أيضا، وقد سلّط الوزيران الضوء على أهمية الشراكة الاستراتيجية القوية بين الولايات المتحدة ومصر، ولا سيما في مجال الأمن والتعاون المستمرّ في مكافحة الإرهاب، وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية، والعمل على إدخال المساعدات عبر معبر رفح وتبادل الرهائن والأسرى بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني.
ونجحت وساطة مصرية - قطرية - أمريكية في 24 نوفمبر الماضي، في إقرار أول هدنة بالقطاع بعد 48 يوماً من الهجوم الإسرائيلي المكثف، وأسفرت الهدنة عن توقف للأعمال القتالية دام أسبوعاً، وسمحت بإطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية.
موقف مصر ثابت في دعم فلسطين
فيما يتعلق بمسار السلام وإيجاد حلول سلمية للقضية الفلسطينية، دعمت مصر كل المؤتمرات والمبادرات السلمية في هذا الصدد، ولا تزال تتحرك في هذا الصدد على قاعدة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ضمن مسار "حل الدولتين".
وتتحرك مصر دائما وهي تواجه بشكل شبه دوري تداعيات جولات التصعيد المتكررة من جانب الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، والتي تطورت خلال الأشهر الأخيرة لتشمل عدة مناطق في الضفة الغربية.
كما لم تتخلى مصر عن نصرة القدس والمسجد الأقصى، ولم تتردد في تقديم كل الدعم والمساندة من خلال دورها الإقليمي والدولي، معتبرة فلسطين جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، بل إنها لم تتوقف عن مخاطبة العالم بأن ما يحدث ما هو إلا نتاج جمود عملية السلام، وليس هناك من دليل على ذلك أقوى من تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي دائما، أن "القضية الفلسطينية على رأس الأولويات المصرية"، وتشديده على ضرورة التوصل إلى حل نهائي بإقامة دولتين بما يسمح بالحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
معبر رفح مفتوح أمام الفلسطينيين
أكدت القيادة المصرية أن معبر رفح البري لم يغلق مطلقا، وظل مفتوحا أمام حركة المرور، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، وقد رفضت القاهرة عبور حاملي الجنسيات الأجنبية من قطاع غزة إلى مصر إلّا بعد السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
وطالبت القاهرة إسرائيل بالتوقف عن استهداف محيط معبر رفح لتمكين مصر ومن يرغب من باقي الدول والمنظمات الدولية والإغاثية لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في أسرع وقت.
وشهد معبر رفح الجمعة دخول دفعة جديدة من شاحنات تنقل مساعدات إغاثية لغزة مقدمة من مصر ودول عربية وأجنبية.
ونقلت شاحنات تابعة للهلال الأحمر المصري المساعدات من مخازن العريش اللوجستية التي فيها يتم استقبال وتجهيز المساعدات المنقولة جوا وبرا وبحرا.
وأوضح بيان لإدارة معبر رفح، أنه يجري اليوم استقبال 40 مصابا وجريحا فلسطينيا فى طريقهم للعلاج في المستشفيات المصرية قادمين من عدد من مستشفيات قطاع غزة و31 أجنبيا قادمين من قطاع غزة في طريقهم إلي مصر ومنها إلي دولهم.