تهدد موجة الجفاف التى تمر بها قناة بنما التى يُطلق عليها "جسر العالم " فى الوقت الحالى، الاقتصاد العالمى، ويضعه على حافة الهاوية، ورغم جميع الإجراءات التى تم اتخاذها إلا أن الخسائر من المتوقع أن تصل إلى 700 مليون دولار، مما يلقى بظل الشك على القدرة التنافسية والقدرة التشغيلية لـ"جسر العالم" حيث تفرض الطبيعة نفسها بشكل سلبى على التجارة الدولية.
وتعتبر قناة بنما ركيزة أساسية فى الاقتصاد العالمى، ويرجع ذلك إلى أنها بمثابة حلقة وصل بين محيطين أحدهما يمر عبره ما يقرب من 6% من التجارة العالمية و40% من الحاويات الأمريكية، وهو ما يعنى عبور أكثر 12 الف سفينة كل عام لنقل البضائع إلى أكثر من 160 دولة، لكن قناة بنما تشهد أزمة لا مثيل لها بسبب الجفاف ونفاد المياه بها مما أدى إلى تراكم طابور من القوارب فى انتظار التمكن من استخدام القناة، حسبما قالت صحيفة "لا سيكستا" الإسبانية.
وأعلنت هيئة قناة بنما أنها تعتزم تقييد حركة الملاحة لمدة عام كامل، بعدما بدأت، منذ أسابيع، فرض إجراءات بسبب الجفاف الذى أدى لانخفاض مستوى المياه اللازمة لتشغيل هذا الممر الحيوى للتجارة البحرية بين المحيطين الأطلسى والهادئ.
ومنذ 30 يوليو، عمدت هيئة القناة، التى يمر عبرها 6 % من حركة التجارة البحرية العالمية، إلى خفض عدد السفن التى يُسمح لها بالعبور يومياً، من 40 إلى 32، ودفع الجفاف، الذى زادته سوءاً ظاهرة النينو المناخية، إدارة القناة إلى السماح بعبور سفن لا يتجاوز عمق هيكلها تحت سطح المياه 13.11 متر.
وتقع قناة بنما بين مياه البحر الكاريبى والمحيط الهادئ، وتعمل من خلال نظام من الأقفال الموجودة فى كل طرف والتى ترفع السفن إلى بحيرة جاتون. وهى عبارة عن بنية تحتية صناعية تبلغ مساحتها 430 كيلومترًا مربعًا، وهى بمثابة خزان للعمليات فى القناة، ويتطلب كل عبور أكثر من 200 ألف متر مكعب من المياه. المشكلة هى أن نهر جاتون ظل يجف منذ سنوات، مما تسبب فى انخفاض كبير فى عدد الممرات اليومية المسموح بها على الطريق.
وبالإضافة إلى جاتون، تعد بحيرة ألاخويلا هى البحيرة الأخرى المسؤولة عن تغذية سلم المياه العذبة الذى يسمح للسفن بالصعود والنزول عبر أقفال القناة. تتمتع كلتا البحيرتين بموارد مائية تم تخزينها لسنوات بفضل الأمطار الاستوائية الغزيرة التى ميزت دائمًا مناخ بنما. على الرغم من أن هذا السيناريو لم يتغير إلا لسنوات، مما أجبر صناعة النقل على التكيف مع الظروف المناخية الصعبة الحالية.
ويقدر معهد الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا فى بنما أن هطول الأمطار فى البلاد فى عام 2023 كان أقل بنسبة تتراوح بين 15% و30% عن المعتاد، مما يجعل العام واحدًا من أكثر الأعوام جفافًا فى أراضى أمريكا الوسطى منذ عام 1981، بسبب ويلات ظاهرة النينيو، التى تسببت فى انخفاض غير مسبوق فى منسوب المياه فى القناة والبحيرة بين المحيطات.
وتتوقع قناة بنما، التى تنقل فى الظروف العادية ما بين 500 إلى 510 ملايين طن من البضائع كل عام، هذا العام انخفاضًا كبيرًا فى الإيرادات بسبب انخفاض حركة المرور لتوفير المياه. وفى عام 2023، كان شهر أكتوبر هو الشهر الأكثر جفافًا على الإطلاق فى الحوض، وتحسبًا لتفاقم الوضع، قررت السلطات تعديل عدد حالات العبور اليومية إلى 22 فى ديسمبر، و20 فى يناير، و18 فى فبراير.
وفى ديسمبر، مددت الحكومة البنمية حالة الطوارئ المناخية والبيئية فى البلاد لمدة خمسة أشهر، فى ضوء التوقعات التى أشارت إلى أن الجفاف قد يمتد حتى منتصف العام الجارى. ومع ذلك، فقد ساعدت إدارة المياه بشكل أكثر "فعالية" وزيادة هطول الأمطار فى الربع الأخير من عام 2023 على ضمان ارتفاع مستويات المياه بما يكفى لزيادة عدد مرات العبور اليومية إلى 24 حتى نهاية أبريل، عندما يبدأ موسم الأمطار التالى.
خسائر اقتصادية 12.5 تريليون دولار بحلول 2050
وحذر تحليل جديد للمنتدى الاقتصادى العالمى المنعقد حاليًا فى مدينة دافوس بسويسرا من أن الكوارث الطبيعية الشديدة الناجمة عن تغير المناخ قد تؤدى إلى خسائر اقتصادية بقيمة 12.5 تريليون دولار وفقدان نحو 14.5 مليون شخص بحلول عام 2050.
جاء ذلك فى بيان صحفى صدر عبر الموقع الإلكترونى للمنتدى، وقال التحليل أن أزمة المناخ ستؤدى إلى تفاقم عدم المساواة فى مجال الصحة العالمية، مما يجعل الفئات الأكثر ضعفا أكثر عرضة للخطر، لذلك، يجب اتخاذ إجراءات عالمية عاجلة للحد من الانبعاثات وحماية صحة الإنسان من الآثار السلبية متعددة الجوانب لتغير المناخ على مستوى العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة