تجسيدا للدور المصري المحوري فى المنطقة، لاسيما فى وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والذى دخل شهره الخامس، جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للقاهرة ولقاءه بالرئيس عبد الفتاح السيسي لتترجم على أرض الواقع مركزية القاهرة فى إيجاد حلول لأزمات الشرق الأوسط وفى القلب منها الصراع – العربي الاسرائيلى.
وتكثف مصر جهودها قبيل حلول شهر رمضان المعظم، لوقف الحرب ورفع معاناة الفلسطينيين، وعقدت القيادة السياسة مشاورات مهمة مع الوزير الأمريكي من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والتوصل إلى تفاهمات تفضي الى هدنة طويلة الأمد، وبدء تطبيق الرؤية المصرية التي تحظى بتأييد الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تقضى بالعودة للمسار السياسي وتطبيق حل الدولتين، لإنهاء الصراع.
وتعول القوى الدولية على مركزية مصر ووقوفها على الحياد وعلاقاتها بالفصائل الفلسطينية، في إنهاء الحرب ووقف المجازر الإسرائيلية وحقن الدماء، والتوصل مجددا لصيغة سياسية، توقف العمليات العسكرية وتسمح بدخول المساعدات الإنسانية لغزة تفاديا لتدهور الوضع الإنساني بشكل أكبر مما هو عليه وتضع أساس متين لاستمرار عملية تفاوضية تؤدي الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وينطوى التشاور بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية على استراتيجية العلاقات المصرية الأمريكية وهى سمة تحكم هذا الثنائى فى مختلف العصور والرؤساء المتعاقبين، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، لاسيما وأن واشنطن تنظر للقاهرة بصفتها الدولة الأهم إقليميًا لتحقيق هذا الهدف.
ويواصل البلدان جهود التشاور والتنسيق حتى يصلا لوقف اطلاق نار إنساني بهدف حماية المدنيين، وتحقيق انجاز في صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، على غرار اتفاق اكتوبر 2023 بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية، والتي نجحت فى إدخال عدد كبير من القوافل الإنسانية والمساعدات والوقود إلى قطاع غزة، إضافة لإفراج الفصائل الفلسطينية عن 50 من النساء والأطفال المحتجزين في غزة مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من النساء والأطفال المحتجزين بسجونها، وحظيت بإشادة العالم فى مقدمتها الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى ثمن وقتها الدور المحوري الذي تقوم به مصر وجهودها الإيجابية على جميع المسارات ذات الصلة بالأزمة الحالية، والذى أكد علىً تقدير الولايات المتحدة للمواقف المصرية الداعمة للاستقرار في المنطقة.
ويأتي التنسيق الأمريكي ليؤكد تأييد الولايات المتحدة لرؤية القاهرة الشاملة لوقف الصراع العربي – الاسرائيلى، المتمثلة فى خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال "حل الدولتين"، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
وفى وقت سابق قال مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان إن حل الدولتين هو المفتاح الوحيد لتحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط على المدى الطويل. كما أن هناك توافق مصري - أمريكي حول رفض تهجير الفلسطينيين قسريا ورفض احتلال إسرائيل لقطاع غزة أو حتى تقليص مساحتة كما أن هناك توافق أيضا بين الطرفين على أن السلطة الفلسطينية ستكون مسئولة عن إدارة الضفة وقطاع غزة.
وسبق أن حذرت القاهرة من خطورة استمرار هذا الصراع لأنه سينتج عنه اتساع رقعته لدرجة يصعب احتواء تأثيراته على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، كما تؤكد مصر على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته للضغط على إسرائيل لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى داخل قطاع غزة.