قادت الدولة المصرية جهودا كبيرة الأشهر الماضية، لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة، مع كل الأطراف الضالعة وخاصة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، ما دفع هذه القوى لتغيير مواقفها وتأييد رؤية مصر الشاملة لإنهاء الصراع العربى – الإسرائيلى لإقامة دولة فلسطينية.
الجهود المصرية أسهمت فى فضح أكاذيب الاحتلال الإسرائيلى ومجازره البشعة فى غزة، وبالتالى أدرك العالم عمق الأزمة الفلسطينية وخاصة على المسار الإنسانى بعد وصول الشهداء إلى اكثر من 27 ألف شهيد وتشريد أهالى القطاع بالكامل تقريبا وسط وضع صحى فى غاية السوء.
وحدث تناغم مصرى مع القوى الدولية فيما يتعلق بالرؤية المصرية، والدليل على ذلك، تغيير وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرون رؤيته وتأكيده أن بلاده يمكن أن تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية بعد وقف إطلاق النار فى غزة، وأضاف كاميرون: "كما قلت، فإن دولا مثل بريطانيا، وكجزء من سياستنا، كانت دائما مؤيدة لحل الدولتين، نقول أنه سيأتى يوم سنعترف فيه بتلك الدولة، بما فى ذلك بالأمم المتحدة، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك فى بداية العملية..يجب أن تنطلق العملية. ولكن يجب أن لا تكون فى نهايتها".
ومنذ بدء الأزمة أعلنت القاهرة رؤية شاملة لوقف الصراع العربى – الإسرائيلى، المتمثلة فى خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال "حل الدولتين"، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
ألمانيا أيضا غيرت موقفها للاعتراف بدولة فلسطينية، وسبق أن أكد سفير ألمانيا فى مصر، أن السلام لن يتحقق لإسرائيل إلا عندما يعيش الفلسطينيون بسلام وكرامة فى دولتهم، ولذلك يتعين كسر الحلقة المفرغة من العنف والكراهية التى تؤدى إلى مزيد من العنف، كما يتعين فتح الطريق نحو الحل السياسى مرة أخرى وقال:"علينا مسؤولية إنسانية مشتركة فى هذا الصدد".وأشار سفير ألمانيا بمصر إلى أن الدعم لإسرائيل كان ولا يزال قويًا فى ألمانيا، لأسباب فى تاريخنا، لكن ما لا يفهمه الناس بشكل كافٍ فى كثير من الأحيان، هو التاريخ الطويل والمعقد للصراع الذى لم يبدأ فى يوم 7 أكتوبر، حيث لا يعى الناس فى بلدى المنظور الفلسطينى والعربى للصراع بشكل كافٍ.
وسبق أن قال مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان أن حل الدولتين هو المفتاح الوحيد لتحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط على المدى الطويل.
وتكثف مصر جهودها قبيل حلول شهر رمضان المعظم، لوقف الحرب ورفع معاناة الفلسطينيين، وعقدت القيادة السياسة مشاورات هامة مع الوزير الأمريكى من أجل وقف العدوان الإسرائيلى على غزة والتوصل إلى تفاهمات تفضى إلى هدنة طويلة الأمد، وبدء تطبيق الرؤية المصرية التى تحظى بتأييد الولايات المتحدة الأمريكية، والتى تقضى بالعودة للمسار السياسى وتطبيق "حل الدولتين"، لإنهاء الصراع.
وينطوى التشاور بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية على استراتيجية العلاقات المصرية الأمريكية وهى سمة تحكم هذا الثنائى فى مختلف العصور والرؤساء المتعاقبين، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، لاسيما وأن واشنطن تنظر للقاهرة بصفتها الدولة الأهم إقليميًا لتحقيق هذا الهدف.
ويواصل البلدان جهود التشاور والتنسيق حتى يصلا لوقف اطلاق نار إنسانى بهدف حماية المدنيين، وتحقيق انجاز فى صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، على غرار اتفاق اكتوبر 2023 بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية، والتى نجحت فى إدخال عدد كبير من القوافل الإنسانية والمساعدات والوقود إلى قطاع غزة، إضافة لإفراج الفصائل الفلسطينية عن 50 من النساء والأطفال المحتجزين فى غزة مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من النساء والأطفال المحتجزين بسجونها، وحظيت بإشادة العالم فى مقدمتها الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى ثمن وقتها الدور المحورى الذى تقوم به مصر وجهودها الإيجابية على جميع المسارات ذات الصلة بالأزمة الحالية، والذى أكد علىً تقدير الولايات المتحدة للمواقف المصرية الداعمة للاستقرار فى المنطقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة