تستمر احتجاجات المزارعين فى بعض الدول الأوروبية، وتقاربت الاضطرابات المستمرة مع التباطؤ فى كل الاقتصادات الكبرى فى أوروبا، الأمر الذى أدى خلق الأسس لأزمة ضخمة، مع استمرار الفوضى وقطع الطرق، فى 11 دولة.
كان الأسبوعان الماضيان صعبين بالنسبة لقطاع الفواكه والخضروات الإسبانى نتيجة لإغلاق الطرق على الحدود بين إسبانيا وفرنسا، مما أثر على الشاحنات المحملة بالمنتجات الموجهة إلى الموزعين فى ألمانيا والمملكة المتحدة، ووجهت 20% فقط من هذه الشحنات، أى حوالى 194 ألف طن، إلى السوق الفرنسية، وتبلغ الخسائر المقدرة للمنتجين والمصدرين نحو 100 مليون يورو فى القطاع الإسبانى.
وفى يناير 2023، صدرت إسبانيا 1.2 مليون طن من الفواكه والخضروات بقيمة 1.6 مليار يورو تقريبًا، وتصدر البرتقال (202 ألف طن) واليوسفى (186 ألف طن) المبيعات، حسبما قالت صحيفة بيرفل الإسبانية.
وقالت الصحيفة، إن اتحاد أصحاب العمل، واتحاد منتجى ومصدرى الفواكه والخضروات، يتهمون إسبانيا بالإضرار بمصالحهم.
وتستمر احتجاجات المزارعين فى الدول الأوروبية بالجرارات التى تؤدى إلى إغلاق الطرق الرئيسية وتثير حالة من الفوضى، وذلك احتجاجا على سياسات الاتحاد الأوروبى الخاصة بالزراعة والتى تجعل الإنتاج الزراعى أكثر صعوبة من خلال إدخال قواعد صارمة بشأن استخدام الأسمدة الكربونية والمبيدات الحشرية بموجب الصفقة الخضراء.
وواصل المزارعون الإيطاليون احتجاجاتهم فى جميع أنحاء البلاد منذ الأسبوع الماضى، وشكل المزارعون قافلة بجراراتهم على الطريق الدائرى بالعاصمة روما احتجاجا على السياسات الزراعية للاتحاد الأوروبى، وخاصة تخفيض المساعدات للقطاع الزراعى، حسبما قالت صحيفة المساجيرو الإيطالية.
وعقدت رئيسة الوزراء جيورجيا ميلونى ووزير الزراعة فرانشيسكو لولوبريجيدا اجتماعا مع ممثلى القطاع الزراعى بما فى ذلك المزارعين فى مقر رئاسة الوزراء.
وبحسب الصحيفة الإيطالية، وعدت الحكومة بتقديم بعض التسهيلات للمزارعين، بما فى ذلك الإعفاء من ضريبة الدخل الزراعى التى تفرض ضرائب على المزارعين تصل إلى مبلغ معين.
كما احتج المزارعون من المجر وبولندا على استيراد المنتجات الزراعية والحيوانية الرخيصة من أوكرانيا، مما أدى إلى إغلاق الحدود مع هذا البلد، وطالب مزارعو إسبانيا.
وأعرب المزارعون فى العديد من دول الاتحاد الأوروبى، وخاصة ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا وبولندا وإيطاليا والمجر، عن عدم رضاهم عن السياسات الزراعية التى يتم تنفيذها مؤخرًا.
واحتج المزارعون فى معظم الدول الأوروبية بجراراتهم للفت الانتباه إلى المشاكل التى يواجهونها.
وينتقد المزارعون فى الكتلة الأوروبية بشدة السياسات الزراعية للاتحاد، وأهداف استعادة الطبيعة، وتخفيض الإعانات، وارتفاع تكاليف الطاقة والوقود والأسمدة نتيجة للحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومنتجات الحبوب الرخيصة من أوكرانيا، وإجراءات توفير المياه.
وتشمل المقاطعات الأكثر تضرراً ألميريا وفالنسيا ومورسيا وكاستيلون وأليكانتى وهويلفا، مع خسائر كبيرة فى الحمولة والقيمة، وكان للحصار تأثير متفاوت، حيث يقدر متوسط الانخفاض بنسبة 20% فى الأوقات العادية، ولأن 90% من الصادرات تذهب إلى أوروبا، و94% منها تتم عن طريق البر، فإن تلك الاحتجاجات كان له آثار سلبية على المزارع وعلى العلاقة مع التوزيع.
وقد أدى توقف المبيعات إلى اضطرابات كبيرة فى التحصيل والخسائر، مما أجبر على إبطاء التحصيل أو إيقافه بسبب عدم اليقين بشأن نقل المنتجات القابلة للتلف، ويضاف إلى هذا الوضع ضرورة المضى فى تخزين الإنتاج بسبب عدم توفر منافذ البيع مع زيادة تكاليف الصيانة والخسائر الإضافية بسبب تدهور المنتج. ونتيجة إغلاق الطرق، لم تصل العديد من الشحنات إلى نقاط وجهتها فى المواعيد المتعاقد عليها وطبقا للشروط المتعاقد عليها، مما يعنى دفع الغرامات.
ورغم كونها حالات استثنائية، إلا أن عدم وجود منتجات متفق عليها فتح الباب أمام الموردين من دول أخرى وخفض الأسعار أو التكرار فى مناطق الإنتاج الرئيسية للتصدير.
وفى أجزاء كثيرة من أوروبا، تحولت الاحتجاجات إلى حواجز على الطرق، مما يعكس الغضب من ارتفاع الأسعار، وانخفاض الأجور واللوائح البيئية للاتحاد الأوروبى، وتؤدى المنافسة فى صناعة الأغذية المحلية إلى تفاقم الوضع، مما يترك أملا ضئيلا للمزارعين.
ويقول مزارعون فى فرنسا وألمانيا وإيطاليا، إنهم تكبدوا خسائر اقتصادية بسبب أزمة المناخ، ويتحدثون علناً ضد السياسات الخضراء، التى أقرها الاتحاد الأوروبى، إذ يعتبرونها متناقضة وغير عادلة، وتثير قلقهم بشأن المستقبل.
واشتعلت الاحتجاجات ضد القواعد البيئية الجديدة، بسبب تصور مفاده أن صناع السياسات فى المناطق الحضرية يتجاهلون المناطق الريفية، وتُثار فى دول أوروبية عدة، اتهامات للأحزاب اليمينية المتطرفة بمحاولة استغلال غضب المزارعين، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية.
تهدف "الصفقة الخضراء"، إلى تحديد المسارات التى يمكن أن تتخذها الكتلة الأوروبية لخفض الانبعاثات، وإحداث "ثورة صناعية جديدة"، كما حددت بروكسل القطاع الزراعى باعتباره "مجالاً أساسياً" للعمل المناخى، داعية القطاع إلى خفض الانبعاثات بنسبة 30% على الأقل بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عام 2015.
وتم وصف الأنشطة الزراعية، التى تمثل 10% من انبعاثات الكتلة، على أنها "واحدة من المجالات الأساسية لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة فى الاتحاد الأوروبى بحلول عام 2040".