إسرائيل تقدم دليل إدانتها للعالم عبر الهجوم على رفح.. الاعتداء محاولة لعرقلة وصول المساعدات لغزة.. وإصرار على تنفيذ مخطط التهجير.. وخطوط مصر الحمراء تجرد الاحتلال من داعميه.. وتضع "الفيتو" الأمريكي في حرج

الإثنين، 12 فبراير 2024 05:12 م
إسرائيل تقدم دليل إدانتها للعالم عبر الهجوم على رفح.. الاعتداء محاولة لعرقلة وصول المساعدات لغزة.. وإصرار على تنفيذ مخطط التهجير.. وخطوط مصر الحمراء تجرد الاحتلال من داعميه.. وتضع "الفيتو" الأمريكي في حرج قصف رفح
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية، بعيدا عن كونه إصرارا على مواصلة الانتهاكات المشينة التي يرتكبها الاحتلال، وتحديا صارخا لإرادة المجتمع الدولي، فإنه يمثل في واقع الأمر "إفلاسا" تعانيه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في لحظة تبدو حاسمة للغاية، خاصة وأن كافة الحسابات المنطقية تشير إلى أن الدولة العبرية ستبقى الخاسر الأكبر من وراء تلك الخطوة الانتحارية، في ضوء العديد من المعطيات، أبرزها الفشل الميداني في تحقيق أهداف المعركة الممتدة منذ أكثر من 4 أشهر، بالإضافة تراجع شعبية الحكومة في الداخل، وتدنى مستوى الدعم العالمي لها، مقارنة بالحال مع لحظة اندلاع العدوان، ناهيك عن توسيع دائرة العداء في محيطها الجغرافي وامتدادها عالميا، وهو ما يبدو فيما تمثله هذه الخطوة من استفزاز لدول الجوار، وعلى رأسها مصر.

وفي الواقع، يعد امتداد آلة العدوان الغاشم على رفح الفلسطينية، والتي تقع على الحدود المصرية، بمثابة "حماقة" صارخة من قبل الاحتلال، في ضوء التداعيات الكبيرة للخطوة التي اتخذتها، فيما يتعلق بالعديد من المسارات، أبرزها توسيع نطاق الصراع جغرافيا، وإطالة أمده زمنيا، ناهيك عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، لسكان القطاع، بالإضافة إلى كونها استفزازا صريحا لمصر، على اعتبار أن المدينة متآخمة لحدودها، هو ما يمثل تهديدا أمنيا من جانب، بالإضافة إلى كونها محاولة جديدة لإحياء مخطط تهجير الفلسطينيين، من جانب آخر، خاصة وأن المدينة تأوي أكثر من 1.4 مليون شخص من النازحين الفلسطينيين، والذين اتجهوا إليها من مختلف مناطق القطاع منذ بداية العدوان.

والتهديد الأمني الذي تمثله الهجمات الإسرائيلية، على مدينة رفح، ومخطط التهجير، جنبا إلى جنب يمثلان خطوط حمراء مصرية، ربما ينجم عنها الكثير من التداعيات ليس فقط، على مستوى العلاقات الثنائية، وإنما أيضا فيما يتعلق بالموقف الدولي تجاه دولة الاحتلال، بعدما ضاقت أكبر الدول الحليفة لها جراء سلوكها العدواني، وهو ما يبدو في اختلاف المواقف، ليس فقط على مستوى الغرب الأوروبي، وإنما امتد إلى الولايات المتحدة، التي تمثل الحليف الأكبر لتل أبيب، والداعم الأهم لها، وهو ما يبدو فيما أثير حول رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن، لاجتياح المدينة الفلسطينية، خلال اتصال أجراه مع نتنياهو مساء الأحد، وهو ما يعكس توافقا ضمنيا مع الموقف المصري الرافض لهذه الخطوة.

فلو نظرنا إلى الجانب الإنساني، نجد أن المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مدينة رفح، بمثابة دليلا دامغا على كذب الادعاءات التي سبق وأن ساقتها حكومة نتنياهو، أمام محكمة العدل الدولية، حول تحميل مصر مسؤولية عدم مرور المساعدات إلى القطاع، حيث قدمت الدولة العبرية دليل إدانتها، منذ بداية العدوان، حول رغبتها العارمة في إحكام الخناق على سكان القطاع، بل وملاحقتهم في آخر نقطة جغرافية يمكنها أن تكون ملاذا لهم، بعدما أحرقوا الأخضر واليابس، في كل أنحائه، وهو ما يعكس حقيقة مفادها أن القادة الإسرائيليين مازالوا يصرون على ملاحقة الفلسطينيين، وإجبارهم على ترك مناطقهم بكافة السبل، وهو ما يبدو في استهداف المدنيين ومنشآتهم، بل قتل آلاف النساء والأطفال، بينما كان سلاح التجويع والحرمان من الأدوية والمواد الإغاثية أدوات أخرى لم تتوانى الحكومة عن استخدامها لتحقيق أهدافها.

الدولة المصرية كانت حريصة على إعلان مواقفها منذ البداية، وهو ما بدا في تحركات دبلوماسية قوية، اعتمدت تحقيق توافقات عالمية، جنبا إلى جنب مع إجماع إقليمي، فيما يتعلق بتمرير المساعدات، والرفض المطلق لتهجير الفلسطينيين، وصولا إلى الضغط على الاحتلال للقبول بوقف إطلاق النار، أو على الأقل هدنة طويلة الأمد، وهو ما يبدو في تحرك فرنسا، والتي تعد أحد أبرز القوى الداعمة للدولة العبرية، تحت ذريعة الدفاع عن النفس، في بداية العدوان، نحو تقديم ورقة من شأنها وقف القتال، مع عقد صفقة لتبادل الأسرى، في انعكاس صريح لنجاعة جهود الدبلوماسية المصرية في هذا الإطار، ناهيك عن تداخل أطراف دولية أخرى، على خط الأزمة، عبر اختصام إسرائيل، على غرار جنوب أفريقيا، والتي رفعت دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، وصدر على إثرها حكما تاريخيا بإدانة الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال.

الهجوم على مدينة رفح، يعكس قدرة الدبلوماسية المصرية على قراءة الأحداث، ليس فقط من خلال التحذيرات التي أطلقتها حول خطورة الخطوة، وإنما أيضا من خلال خطوات تراكمية منذ بداية العدوان، رسمت فيها "خطوطها الحمراء" لتكشف من خلالها أمام العالم، آليات الاحتلال لتنفيذ مخططاته المشبوهة، ربما قبل تنفيذها في الكثير من مراحله، لتجرده تدريجيا من حالة الدعم الدولي المطلق التي حظى بها في اللحظة الأولى للعدوان، بينما جعلت الدفاع عنه في المحافل الدولية، بمثابة عبء دولي كبير، على الداعمين له، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، والتي طالما استخدمت الفيتو لخدمة أهداف إسرائيل، ولكن الأمور لا تبدو على وفاق كبير، في الآونة الأخيرة، خاصة مع الرفض الأمريكي للهجوم

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة