تأتى الزيارة التاريخية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إلى مصر لتفتح حقبة جديدة فى العلاقات و التعاون بين مصر وتركيا فى مختلف المجالات، وتنسيق المواقف لاسيما في ضوء الثقل الإقليمي والوزن الجيوسياسي الكبير والذى تحظي به البلدان، كما أنها تأتى فى توقيت بالغ الحساسية بسبب الازمات التي تعصف بالمنطقة فضلا عن التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، كما أنها تدل على نجاح الجهود المصرية فى المنطقة، وتتويجا للجهود المصرية التركية المشتركة للارتقاء بمستوى العلاقات.
مباحثات الرئيس السيسي وأردوغان ستشمل الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين العلاقات الثنائية وتنشيط آليات التعاون الثنائي رفيعة المستوى بجملة من المصالح المشتركة المباشرة التي يمكن أن يساهم التعاون المصري التركي في تعزيزها، سواءً على المستوى الاقتصادي حيث يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 10 مليار دولار، ويوجد تطلع لوصول هذا الرقم إلى 20 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، وفي السياق نفسه يشكل القطاع الدفاعي والعسكري أحد المساحات الرئيسية للتعاون التركي المصري. من خلال صفقات الأسلحة المتبادلة، أو مشاريع الإنتاج العسكري المشتركة، ولعل إعلان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان منذ أيام عن أن تركيا ستزود مصر بطائرات مسيرة قتالية، كان أحد مظاهر الترجمة الفعلية لمسار التقارب بين البلدين.
وتستهدف الزيارة الهامة لـ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر، بحث النهوض بالعلاقات الثنائية، وتأتي استكمالا لمسار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا، وتكمن أهمية زيارة أردوغان إلى مصر فى كونها تعد الزيارة الأولى له إلى مصر منذ 11 عاماً، فضلا عن أنها تمثل نقطة تحول في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ يعد إعلاناً رسمياً لتقدم مسار التقارب الذي بدأ في مايو 2021، كما تكمن أهمية الزيارة بما ستحمله من تداعيات على بعض أزمات المنطقة، في ضوء الوزن الجيوسياسي الكبير لكلا البلدين.
ولعل تناغم المواقف السياسية بين مصر وتركيا الفترة الماضية فى العديد من الملفات فى مقدمتها القضية الفلسطينية منح للتعاون المشترك بين البلدين زخما كبيرا، ودفع بمستوى التشاور والمباحثات إلى مستوى قادة البلدين، حيث تستمد الزيارة أهميتها من أهمية الملفات المطروحة للنقاش على طاولة الزعيمين السيسي وأردوغان، وتعد الموضوعات التى سيتباحث فيها الزعيمين أحد الاعتبارات الرئيسية التي تزيد من أهمية الزيارة.
ويأتى الملف الفلسطيني فى مقدمة الموضوعات التى تحظى بتناغم فى المواقف السياسية بين البلدين الفترة الماضية، حيث تتفق البلدين على ضرورة وقف فورى للعدوان الإسرائيلى على غزة، واطلاق مسار تفاوضى بين الجانب الإسرائيلى والفلسطينى، فضلا عن تنديد الطرفين بالمجازر البشعة التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، لذا يحظى هذا الملف بهامش كبير في مباحثات الرئيسين المصرى والتركى، كما ستطرق المباحثات لجهود الهدنة الإنسانية الجديدة التي تقودها مصر وقطر، والمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، مع بعض القضايا الاستراتيجية وعلى رأسها سبل استعادة مسار السلام العادل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
أما الملف الليبي فتمثل المباحثات التي ستجري بين الرئيس السيسي ونظيره التركي، فرصة مهمة على طريق بناء تفاهمات بخصوص الملف الليبي، والنفوذ الكبير لهما في الملف الليبي، يمكن أن يدفع قدماً باتجاه حلحلة العديد من الملفات العالقة في ليبيا وعلى رأسها إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وإخراج الميليشيات من ليبيا، جنباً إلى جنب مع الاستفادة المشتركة للشركات المصرية والتركية من عملية إعادة الإعمار.
وتحتل الملفات الأفريقية أيضا مكانة بين تنسيق الموقف السياسية بين البلدين، وعلى رأسها الأزمة السودانية، وكذلك ملف الصومال، خصوصاً ما يتعلق بـ التهديد الإثيوبي للصومال المتمثل في التحرك لإنشاء قاعدة عسكرية وتأجير ميناء بربرة مع ما يُعرف بجمهورية أرض الصومال الانفصالية.
وبخلاف ذلك، يحظى ملف الطاقة في منطقة شرق المتوسط وما يترتب عليه من منافع، بمساحة مهمة في مسار التقارب التركي مع مصر، إذ أن تركيا تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها من الطاقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة