حان وقت حساب الكيان الصهيونى الغاصب للأراضى الفلسطينية، فغدا، الأربعاء، تدلى مصر بشهادتها حول أبشع والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية منذ عام 1967، أمام محكمة العدل الدولية بلاهاى.
وتقدمت القاهرة بمذكرة للمحكمة تشمل تأكيد عدم شرعية الاحتلال الاسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الانساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل و تهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة.
كما تتضمن المذكرة رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.
المرافعة الشفهية المصرية تتضمن تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الرأي الاستشاري، باعتبار الجمعية العامة للأمم المتحدة أحد الأجهزة المخولة وفقا لميثاق المنظمة بطلب رأي استشاري من المحكمة، ونظرا لأن الأمر يتناول الأبعاد القانونية لـ المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، المخالفة لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
جرائم الاحتلال الإسرائيلى سبقت عام 1967، فقد راح ضحية نكبة فلسطين 15 ألف شهيد فلسطينى وعربى، سيطرت العصابات الصهيونية على أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية، واستولوا على 774 قرية وبلدة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل وطمسوا معالمها الحضارية والتاريخية، وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه التى لا تعرف طريقا للعدالة فمنذ ذلك الحين وحتى كتابة هذه السطور لايزال الاحتلال يمارس أبشع المجازر بحق النازحين نساء وأطفال، وبشهادات منظمات دولية.
وتحكى تقارير وتصريحات مسئولى المنظمات الدولية عن أرقام يدمى لها القلب، فمنظمة "هيومن رايتس ووتش" سجلت فى تقريرها بمناسبة مرور 50 عاما على احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، مأساة إنسانية فى هذه المناطق من خلال ممارسات الاحتلال، من بينها القمع والتمييز المؤسس و الانتهاكات الممنهجة لحقوق الفلسطينيين.
ويفرد التقرير الذى صدر عام 2017 انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدوليَّين ترتكبها إسرائيل، من بينها القتل غير المشروع؛ التهجير القسري؛ الاعتقال التعسفي؛ إغلاق قطاع غزة والقيود الأخرى غير المبررة المفروضة على التنقل؛ والاستيطان، إلى جانب السياسات التمييزية التى تضر بالفلسطينيين.
ويؤكد التقرير أن العديد من الممارسات التعسفية الإسرائيلية نفذت تحت ذريعة الأمن.. سجن الأطفال من قبل المحاكم العسكرية الإسرائيلية أو اطلاق نار عليه دون مبرر أو هدم منزل أو نقاط التفتيش التى تسمح للمستوطنين فقط بالمرور، لم ينج إلا القليل من الفلسطينيين من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فى ظل الأعوام الـ 50 من الاحتلال.
سجن الأطفال من قبل محكمة عسكرية أو إطلاق النار عليهم دون مبرر، أو هدُم منزل، أو نقاط التفتيش التى تسمح للمستوطنين فقط بالمرور، انتهاكات لحقوق الإنسان لم ينج إلا القليل من الفلسطينيين، وتحتفظ إسرائيل اليوم بنظام يرسخ التمييز المنهجى ضد الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة— يمتد هذا القمع إلى أبعد من أى مبرر أمني".
قتلت القوات الإسرائيلية آلاف المدنيين الفلسطينيين فى النزاعات الثلاثة فى غزة (2009-2008، 2012، 2014) وحدها، وفى عدوان أكتوبر 2023، أكثر من 15 ألف شهيد فلسطينى.
كما سهلت -بحسب تقرير رايتس ووتش- السلطات الإسرائيلية منذ عام 1967 نقل مدنييها إلى الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وانتهكت "اتفاقية جنيف الرابعة"، وتطبق إسرائيل القانون المدنى الإسرائيلى على المستوطنين، وتوفر لهم الحماية القانونية والحقوق والمساعدات التى لا تُمنح للفلسطينيين الذين يعيشون فى نفس المنطقة والذين يخضعون للقانون العسكرى الإسرائيلي، وتزود إسرائيل المستوطنين بالبنى التحتية والخدمات والدعم الذى تحرم الفلسطينيين منه، ما يخلق ويعزز نظاما منفصلا وظالما من القوانين والقواعد والخدمات.
وصادرت السلطات الإسرائيلية آلاف الأفدنة من الأراضى الفلسطينية لصالح المستوطنات والبنية التحتية الداعمة لها، كما استبعدت إسرائيل بشكل تعسفى مئات آلاف الفلسطينيين من سجل سكانها، ما حد من قدرتهم على العيش فى الضفة الغربية وغزة والسفر منهما. بررت السلطات الإسرائيلية هذه الأعمال بالإشارة إلى المخاوف الأمنية العامة، وفى الأعوام الـ 30 الأخيرة، شددت إسرائيل القيود على حركة الناس والبضائع من وإلى غزة.
وسجنت السلطات الإسرائيلية مئات آلاف الفلسطينيين منذ عام 1967، معظمهم بعد محاكمات فى محاكم عسكرية. بالإضافة إلى ذلك، يخضع مئات الأشخاص كل عام للاعتقال الإدارى استنادا إلى أدلة سرية دون توجيه تهم إليهم أو محاكمتهم، و يواجه العديد من المحتجزين، بمن فيهم أطفال، ظروفا قاسية وسوء معاملة.
ومن حقوق الإنسان إلى الأوضاع الإنسانية، فقد أعلنت، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الأونروا فى 7 يوليو 2014، حالة طوارئ إنسانية فى قطاع غزة، بعد تصاعد حاد فى الأعمال العدائية اشتمل على قصف إسرائيلى جوى وبحرى مكثف لمدة 50 يومًا. كان حجم الخسائر البشرية والدمار والتشريد الناجم عن هذا الصراع الثالث فى غضون 7 سنوات كارثياً وغير مسبوق.
ويذكر تقرير للأونروا على موقعها الإلكترونى، يعيش فى قطاع غزة حوالى 2.1 مليون نسمة، منهم 1.7 مليون لاجئ من فلسطين، خلال العقد الماضي، استمر الوضع الاجتماعى الاقتصادى بالانحدار، حصار مفروض براً وبحراً وجواً من قبل إسرائيل.. فضلا عن القيود المشددة على الوصول إلى الأسواق وعلى حركة الأفراد والبضائع من أو إلى غزة. وخلص الأمين العام للأمم المتحدة أن الحصار والقيود المرتبطة به تتعارض مع القانون الدولى الإنسانى حيث يستهدف الحصار ويفرض صعوبات على السكان المدنيين وتتم معاقبتهم على أفعال لم يرتكبوها...وبالإضافة إلى ذلك، حدث عدد من التصعيدات السابقة للأعمال العدائية، بما فى ذلك الغارات الجوية الإسرائيلية.
ويشير التقرير إلى تدهور الأمن الغذائى فى غزة حيث أن 63٪ من سكان قطاع غزة يعانون من انعداما الأمن الغذائى ويعتمدون على المساعدات الدولية، ويذكر "بما أن 81.5 % من السكان يعيشون فى فقر، فإن معدل البطالة الإجمالى البالغ 46.6 % (48.1 % للاجئين فى المخيمات) فى نهاية الربع الثالث من عام 2022، و62.3 % بين الشباب (15-29 سنة، واللاجئين وغير اللاجئين)، فالوضع الإنسانى الهش فى غزة يهدد بمزيد من التدهور".
كما أنه لا يزال الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء عند مستوى الأزمة ويؤثر على كل جانب من جوانب الحياة تقريبًا. فلا تتوفر المياه النظيفة لـ95% من السكان. كما يصل متوسط توافر الكهرباء إلى 11 ساعة فى اليوم اعتبارًا من يوليو 2023.، ويؤثر النقص المستمر فى الطاقة بشكل خطير على توافر الخدمات الأساسية، ولا سيما خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي، ولا يزال يقوض اقتصاد غزة الهش، ولا سيما قطاع الصناعة والزراعة.
وإلى حالة القطاع الصحى التى كشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن كارثة بالقطاع الطبى، وقالت فى تقرير نشره موقعها فى مايو 2018، إنه يوجد مشفى واحد لكل 129000 شخص، تنقطع الكهرباء 20 ساعة يوميًا، تتخطى البطالة نسبة 47%، أكثر من 70% من السكان بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وأكدت على أنه "فى غزة، تصبح الحياة كابوسًا مع استمرار إغلاق كل المنافذ".. ولا يزال الاحتلال يمارس الانتهاكات بحق الفلسطينيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة