تتزايد احتجاجات المزراعين الأوروبيين ضد الميثاق الزراعى المشترك، وعلى الرغم من أن العديد من النقاط المطلوبة أصبحت أكثر مرونة من بروكسل، إلا أن المزراعين في عدد من الدول الأوروبية مستمرون في الاحتجاج وإغلاق الطرق الرئيسية والمدن في جميع أنحاء أوروبا، لليوم الـ30 على التوالي.
والآن تنظم أوروبا الوسطى والشرقية لتكون مسيرة موحدة، وقالت المتحدثة باسم الغرفة الزراعية في جمهورية التشيك، باربورا بانكوفا، إن الاحتجاجات الدولية تمت الموافقة عليها من قبل وفود من جمهورية التشيك وسلوفاكيا وبولندا والمجر وليتوانيا ولاتفيا، مضيفة "لقد تمت دعوة دول أوروبية أخرى للانضمام"، حسبما قالت صحيفة لابانجورديا الإسبانية.
وقال جان دوليال، رئيس الغرفة الزراعية التشيكية، في بيان ، إن "منظمات المزارعين التي حضرت اجتماع (13 فبراير) استمعت إلى دعوتنا للاتحاد لمواجهة التحديات الوجودية التي نواجهها جميعا". ويعتزم المتظاهرون "التوجه" إلى المعابر الحدودية، في ظل غياب مزيد من التفاصيل، حسبما قالت قناة سير على موقعها الإلكترونى.
وبحسب دوليال فإن التنسيق بين المزارعين الأوروبيين هو الإمكانية الوحيدة "للفت الانتباه إلى الوضع اليائس الذي تجد الزراعة الأوروبية نفسها فيه حاليا والضغط على السياسيين الأوروبيين والتشيكيين لتبني تدابير لمساعدة المزارعين أخيرا". وقد حدد المزارعون في أوروبا الشرقية ثلاث قضايا رئيسية تحتاج إلى معالجة.
فأولا، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يزيل فائض المنتجات الزراعية من الواردات الأوكرانية المعفاة من الرسوم الجمركية. ثانيا، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكيف الأنظمة البيئية ويضمن التعويض العادل للمزارعين. ثالثا، هناك حاجة إلى تبسيط السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي للحد من البيروقراطية التي يواجهها المزارعون.
وقد قدمت المفوضية الأوروبية بالفعل بعض التنازلات، على سبيل المثال من خلال تمديد الإعفاء الجزئي من قاعدة الامتثال المتبادل للأراضي البور. علاوة على ذلك، ستقوم الهيئة بسحب اللائحة المقترحة التي تهدف إلى تقليل استخدام المبيدات الحشرية بنسبة 50٪ بحلول عام 2030.
ومع ذلك، لا يزال المزارعون غير راضين عن تدابير الاتحاد الأوروبي. وقالت الغرفة الزراعية التشيكية إنه إذا لم تقدم المفوضية الأوروبية خطة تعالج بشكل واقعي جميع المشاكل التي تم تحديدها، فسيتم تكرار الإجراءات الحدودية المعلنة.
وفى إيطاليا، تتزامن احتجاجات المزارعين الإيطاليين مع احتجاجات مشابهة تشهدها العديد من الدول الأوروبية، أبرزها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبولندا وهولندا وبلجيكا والمجر، وعلق بابا الفاتيكان على تلك الاحتجاجات قائلا إن مجموعة من المزارعين المحتجين الذين تجمعوا في ساحة القديس بطرس، وأحضروا معهم ضيفة غير متوقعة، وهى بقرة تدعى إركولينا ، التي أصبحت أيقونة الاحتجاج الذى قاموا به خلال الأسابيع الماضية.
لكن البقرة لم تكن الضيف الإستثنائي الوحيد، حيث أحضر المزارعون كذلك جراراً برتقالياً صغيراً كهدية للبابا، وكتبوا إليه رسالة يشرحون فيها سبب احتجاجهم.
ويشكو المزارعون من أن السياسات البيئية وغيرها من السياسات التي تنتهجها دول الاتحاد الأوروبي تشكل عبئاً مالياً، وتجعل منتجاتهم أكثر تكلفة مقارنة مع المنتجات القادمة من خارج أوروبا، كما أنهم يدينون قواعد السياسة الزراعية الأوروبية المشتركة ، وتفاقم كل شيء بسبب موجة الجفاف الشديدة التي أدت إلى نقص في المحاصيل.
وفى إسبانيا، سيطر آلاف المزارعين ومربي الماشية على شوارع وسط مدريد احتجاجا على السياسات الزراعية للحكومة والاتحاد الأوروبي، حيث أغلقوا الطرق بالجرارات مرة آخرى، ومن بين مطالبهم تطبيق قانون يضمن أن يدفع مشتري الجملة أسعارا عادلة للمنتجات.
وأشارت صحيفة "الموندو" الإسبانية إلى أن مئات المزراعين الإسبان تجمعوا أمام أبواب وزارة الزراعة ، في احتجاجات تم تنظيمها تحت شعار "بدون زراعة وبدون مواشى ..مائدتك فارغة"، حيث أعدت المنظمات الزراعية الرئيسية الثلاث، ASAJA وCOAG وUPA، تقويمًا للتعبئة التي ستصل إلى العاصمة هذا الأسبوع، كما قامت العديد من المنصات المستقلة بتنظيم إجراءات مختلفة في الأسابيع الأخيرة دون الحصول على التراخيص ذات الصلة، بالإضافة إلى ذلك فقد تم اعتقال 43 شخصا بسبب الفوضى التي سببتها الاحتجاجات.
في الوقت الحالي، تم الإعلان عن احتجاجات للمزارعين الإسبان طوال شهر فبراير في أجزاء مختلفة من إسبانيا.
لماذا يحتج المزارعون؟
يحتج المزارعون ومربي الماشية الإسبان على الأزمة في القطاع والسياسات الزراعية للاتحاد الأوروبى والحكومة ومناطق الحكم الذاتي، ويطالبون الإدارات باتخاذ إجراءات عاجلة ومنسقة.
بالإضافة إلى ذلك فإن من بين أسباب خروج تلك الاحتجاجات هى الافتقار إلى أسعار عادلة لمنتجاته لتحقيق الحد الأدنى من الربحية وارتفاع تكاليف الإنتاج والبيروقراطية المفرطة والشروط الصارمة للأنظمة الزراعية، من بين أشياء أخرى كثيرة.
وكما ذكرت المنظمات الزراعية، يتم تنظيم الاحتجاجات "للمطالبة بخطة صدمة طموحة تتضمن تدابير على مستوى الاتحاد الأوروبي وحكومة إسبانيا ومجتمعات الحكم الذاتي".
وقال الخبير الإقتصادى سانتياجو نينو بيسيرا إن "المزارع يدفع 6 او 7 أضعاف السعر الى يتقضاه ، ويجب عليه أن يواجه سلسلة من اللوائح الخاصة بأوروبا".
استغلال اليمين المتطرف
وقالت صحيفة البوبليكو الإسبانية إن هناك بعض القطاعات التي تستغل تلك الاحتجاجات منها اليمين المتطرف، حيث تظهر الاستطلاعات الأخيرة أن الدعم للأحزاب اليمينية المتطرفة قد زاد منذ بداية هذه الاحتجاجات، التي خرج فيها العديد من المزارعين إلى الشوارع للتظاهر ضد التضخم، وزيادة الضرائب على الديزل والواردات الأوكرانية.
وفي فرنسا، أعرب حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف عن دعمه للمزارعين. وقال المتحدث باسمها، لوران جاكوبيلي، "ما ندفعه اليوم هو البيئة العقابية للمدافعين عن البيئة المجانين في بروكسل"، من جانبه، نشر جوليان أودول، وهو زعيم آخر لحزب الجبهة الوطنية، في مقال بعنوان "لقد صادقت على اتفاقيات التجارة الحرة الكارثية".
وقال عالم الاجتماع فرانسوا بورسيجل من جامعة تولوز الزراعية إنه غير مقتنع بأن استياء المزارعين من لوائح الاتحاد الأوروبي سيؤدي بالضرورة إلى دعم أكبر لليمين المتطرف. وأكد أنه، باستثناء مناطق النبيذ، حيث يوجد لدى الجبهة الوطنية بعض المسؤولين المنتخبين، فإنه يعتقد أن هؤلاء المنتجين من المرجح أن يمتنعوا عن التصويت في الانتخابات.
كما أعرب حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف عن دعمه للقطاعات التي تم حشدها في بلادهم ، "نحن ندعم المزارعين والمواطنين الآخرين الذين يتظاهرون سلمياً من أجل حقوقهم ومصالحهم. وقال في بيان: "إنهم يخرجون إلى الشوارع نيابة عن جزء كبير من المجتمع". ويطالب الحزب بمضاعفة التخفيض على الديزل الزراعي، وعدم تطبيق الضرائب على المركبات "دون تعويض المزارعين"، وإنهاء "سياسة الطاقة المجنونة التي تتبعها حكومة الإشارة الضوئية والاتحاد الأوروبي، لتقليص طاقتنا إلى النصف".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة