شهد الأسبوع المنقضي انعقاد الجلسات الاقتصادية المتخصصة للحوار الوطني وذلك بحضور الحكومة والخبراء ولجان المحور الاقتصادي ومجلس الأمناء، وانعكست حالة من التفاعل الثري والجاد والحراك الفكري بين الحكومة والخبراء على طاولة الحوار الاقتصادي لمواجهة تداعيات الوضع الراهن بخطط بناءة وتوصيات قابلة للتطبيق.
وشملت الجلسات على مدار 4 أيام من الإثنين وحتى الخميس الماضي، مناقشات بشأن التضخم وغلاء الأسعار والسياسات النقدية، هيكل وعجز الموازنة وسبل التعامل مع الدين الخارجي، والاستثمارات العامة وترشيد الإنفاق وكيفية زيادة الإيرادات العامة السياسة الضريبي والعدالة الاجتماعية وسبل تمكين المواطن والحماية الاجتماعية.
ويقول الدكتور طلعت عبد القوي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إن مجلس أمناء الحوار الوطني سينعقد خلال أيام لاستعراض نتائج ومخرجات الجلسات الاقتصادية المتخصصة تمهيدا لإحالتها لرئيس الجمهورية، ومن ثم تحويلها للجهة التنفيذية.
وأوضح في تصريح لـ"اليوم السابع"، أن الجلسات كانت مفيدة ومؤثرة للغاية، مشددا أنها استطاعت طرح توصيات المرحلة الأولى
وحضور الحكومة كان قوي وممثل عن رغبة جادة في تحويل المخرجات لواقع، مشيرا إلى أن المشاركين تقدموا بمقترحات قوية وجيدة قابلة للتنفيذ، مبديا تطلعه لخروج قرارات على المدى القريب استجابة لمناقشات الجلسات.
فيما يؤكد الكاتب الصحفي جمال الكشكي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن الأسبوع المنقضي شهد عقد 12 جلسة اقتصادية تخصصية بين لجان المحور الاقتصادي والحكومة، وبذلك يكون قد تم إتمام جلسات الأسبوع الأول وسيعكف القائمين على الملفات التي كانت قيد المناقشات كل لجنة حسب اختصاصها، لبلورة وصياغة مخرجات المناقشات.
ولفت في تصريح لـ"اليوم السابع" إلى أنه سيتم عرضها خلال ايام قليلة على مجلس الامناء تمهيدا لإرسالها لرئاسة الجمهورية الذي وعد بإحالتها إلى الجهة التنفيذية لتحويلها لقرارات أو تشريعات تخدم صالح الوطن والمواطن.
وأكد "الكشكي" أنه كان هناك تفاعل كبير من الحكومة وحرص من الوزارات وممثلي هيئات الدولة على الحضور والتواجد والتعاطي مع المقترحات الواردة، لذلك سيتم بلورة ما تم طرحه وصياغته، واصفا جلسات الأسبوع الأول بالمبشرة والتي اتسمت بالعميقة والقوية وشهدت نقاشات ورؤى واسعة.
اقتراحات بإنشاء مجلس أعلى لسياسات ضبط الأسواق وحماية المستهلك
واعتبر الدكتور سمير صبري، مقرر لجنة الاستثمار الخاص بالحوار الوطني وأحد المتحدثين بجلسة التضخم، أن النقاشات كانت ساخنة في وجود قيادات من وزارات الدولة المختلفة ومن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وتم بحث كيفية مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار للتوصل لسياسات منضبطة تسيطر على الاسواق بما لا يخل بالمنافسة وبالسوق الحر وبمبدأ الأسواق في حرية الأسعار وعدم تدخل الدولة بشكل يعيق الاستثمار.
وكشف أنه كان هناك تواصل خلال جلسة التضحم على إنشاء مجلس وطنى أعلى لسياسات وضع الأسواق وحماية المستهلك ومنع الممارسات الاحتكارية
والذي من الممكن أن يتبع رئيس الجمهورية، وينضم تحته كل الهيئات والجهات الموجودة حاليا التي من شأنها ضبط السوق، على أن يقوم هذا المجلس بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لتعيين الشباب حتى يكون عدد من العاملين لهم الضبطية القضائية ومدربين في الأكاديمية الوطنية للتدريب على حملات التفتيش، موضحا أن هناك مقترحات للإفراج الجمركي عن السلع المتكدسة في المواني كونها لها مردود إيجابي على خفض الأسعار بالسوق في إطار "العرض والطلب".
وأكد أن هناك بعض الاقتراحات خاصة بزيادة الوعي للمواطن في الإبلاغ عن أي مخالفة، يتم إبراز كل المنتجين والمصنعين الذي يحترمون كل سياسات التسعير كقائمة بيضاء يتم تكريمهم لتعزيز المنافسة الشريفة ووضع بعض المحفزات لكي يصل المنتج من المصنع إلى المستهلك بأقل التكلفة.
وقال إن تلك المقترحات درات بالمناقشات خلال جلسة التضخم وغلاء الاسعار، موضحا أنه أكد على أهمية لتعيين وزير استثمار ليكون هو حلقة الوصل بين السياسة المالية والنقدية ومهندس العمليات لضبط السياسات بين كل وزراء المجموعة الاقتصادية، والعمل على ربط التصنيع بالزراعة والتجارة الخارجية والسياحة والانفتاح على الأسواق العالمية.
بينما اعتبر النائب عمرو درويش عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أن جلسات الحوار الوطنى للأسبوع المنقضي كانت ثرية للغاية، خاصة وأن وجود الحكومة مع لجان المحور الاقتصادي ومجلس الأمناء حقق مشاركة فاعلة من الجهة التنفيذية، وذلك بناء على توجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، مشيرا إلى أنه يحمل انطباع بنجاح الحوار الوطني في مرحلته الأولى على تقريب وجهات النظر بين الكتل والأطياف والأحزاب وبين القيادة السياسية والحكومة.
وأضاف في تصريح لـ"اليوم السابع" أن ذلك سيحقق التكامل بين كل العناصر الفاعلة في الدولة المصرية وهو ما سيعود على المواطن والدولة بالخير، لافتا أن جسور الثقة التي بنيت خلال المرحلة الأولى كانت دافع لاستكمال المرحلة الثانية بهذا الشكل، كما أن مشاركة الحكومة تؤكد على مؤشر إيجابي في تحويل مقترحات ومخرجات الحوار الوطني إلى قرارات حقيقية على الأرض.
وأشار إلى أن الملف الاقتصادي يحظى بأهمية في الحوار الوطني والذي يأتي بالتوازي مع تحركات الدولة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وهو ما يؤكد أنه سيكون هناك أثر مهم على النمو الاقتصادي، فمثلما كان الحوار الوطني له دور في تهيئة السبل لانتخابات رئاسية ديمقراطية ناجحة، فهو أيضا سيكون لاعب مهم في تحسين أداء الاقتصاد المصري والجانب الاجتماعي وأيضا السياسي نظرا لقرب موعد انعقاد الاستحقاقات البرلمانية القادمة.