كليوباترا السابعة هى حاكمة مصر من الفترة 51 إلى 30 ق.م كانت قائدة وعرفت كيف تدير شئون دولة كبرى مثل مصر، فقد أنشأت مشروعات كبرى عادت على المصريين بمنافع كثيرة لتكون الإسكندرية مركزاً علمياً وتجارياً مشعاً في حوض البحر المتوسط.
ولدت كليوباترا عام 69 قبل الميلاد، وهي ابنة الملك بطليموس الثاني عشر، وعندما توفي عام 51 قبل الميلاد، انتقل العرش إلى ابنه الصغير، بطليموس الثالث عشر وابنته كليوباترا السابعة، ومن المعروف أن كليوباترا ابنة الـ 18 عامًا كانت تكبر شقيقها بنحو ثماني سنوات، فأصبحت هى الحاكم، وحكمت كليوباترا مصر بضع سنوات.
حظيت ملكة مصر بعشق وإعجاب ليس له مثيل عبر الأزمنة والعصور والحضارات، فلم تكن «كليوباترا» جميلة فقط، فقد كانت أعظم من مجرد امرأة جميلة، فيقول بلوتارخ: «لم يكن جمالها ملفتاً بيهر الناظر اليها، ولكن حضورها كان طاغياً، كانت شخصيتها وما تقوله وما تفعله شىء ساحر حقاً، فعرفت بسلسلة علاقتها العاطفية التي هدفت من ورائها الحفاظ على استقلال مصر عن الامبراطورية الرومانية، كانت الوحيدة التي تعلمت لغة المصريين بين الحكام البطالمة، دعمت كليوباترا اقتصاد مصر بالتجارة مع بلاد الشرق فساعد هذا على تقوية وضع مصر في العالم القديم مما جلب السلام للبلاد بعد أن اضعفتها الحروب الداخلية.
تميزت كليوباترا بكونها ملكة موهوبة، فقد تحدثت بعدة لغات، وقادت الجيوش في سن الواحد والعشرين، وتعلمت في الإسكندرية، منارة العلم في عصرها، وقد عملت على استرداد أمجاد أسرتها الحاكمة، وتمكنت من بسط الاستقرار والسلام في البلاد أثناء فترة حكمها، ومكافحة الفساد، وشُهد لها بفتح مخازن الحبوب لشعبها أثناء فترة المجاعات ورفع الضرائب عنهم، فكانت مصر حينها دولة مزدهرة، تحت حكم ملكة لم يرى الشعب في جنسها عيبًا، فما شغله إلا حسن إدارتها للبلاد".
بدأ حكم كليوباترا البالغة من العمر ثمانية عشر عاماً، وشقيقها بطليموس الثالث عشر، عندما توفي والدها بطليموس الثاني عشر في عام واحد وخمسين قبل الميلاد، إلّا أنّ شقيقها بطليموس الثالث عشر طردها من الإسكندرية في عام تسعة وأربعين قبل الميلاد نتيجة تحريضات مستشاريه، حيث هربت كليوباترا إلى سوريا، وكوّنت هناك جيشاً من المرتزقة لاسترداد العرش المسلوب.
عادت كليوباترا إلى مصر في الثامن والأربعين قبل الميلاد لمواجهة شقيقها بطليموس الثالث عشر على الحدود الشرقية لمصر، ليتزامن ذلك مع هروب القائد بومبي من روما إلى مصر نتيجة وقوع حرب أهلية بينه وبين قيصر، قبل أن يتم اغتياله على يد بطليموس الثالث عشر لحظة وصوله إلى مصر، ويُذكر أنّ كليوباترا ذات الواحد والعشرين عاماً كانت قد أعدّت نفسها في السابع والأربعين قبل الميلاد لمقابلة قيصر الذي وصل إلى مصر لمساعدتها على حل قضيتها مع أخيها، إذ استطاعت الوصول إلى القصر بتهريب نفسها.
وانضم بطليموس الثالث عشر إلى أخته الصغرى أرسينوي، التي تم نفيها إلى روما في السابع والأربعين قبل الميلاد بعد أن حقق قيصر انتصاراً كبيراً ضد بطليموس الثالث عشر في معركة النيل، وتم إعادة العرش لكليوباترا وشقيقها الأصغر بطليموس الرابع عشر، وفي العام السادس والأربعين قبل الميلاد أنجبت كليوباترا ابناً أطلقت عليه اسم بطليموس قيصر، وبعد عام من عودة قيصر إلى روما، دعا كليوباترا لزيارته فوصلت إليه وكان معها شقيقها الصغير وزوجها.
سيطرت كليوباترا مع ابنها الرضيع على مصر لتصبح الدولة أكثر أمناً واستقراراً من أي وقت آخر مضى، إلا أنّ حدوث فيضانات نهر النيل أدّت إلى انتشار الفقر والجوع بين الناس في ذات الوقت الذي حققّ فيه حلفاء قيصر انتصاراً آخر في سلسلة صراعاتهم مع قاتلي قيصر، ولجأ جانبا الصراع لطلب الدعم والإمداد من كليوباترا في مصر الأمر الذي دفعها لإرسال أربعة جحافل رومانية تابعة لقيصر كانت متمركزة في مصر لدعم انتصاراته سابق.
بعد الانتصار الذي حقّقه مارك أنطونيو في روما، استدعى كليوباترا إلى مدينة سيسيليان في طرسوس التي تُعرف حالياً بجنوب تركيا الحديثة، لتقديم شرحاً للدور المعقد الذي لعبته في عملية اغتيال قيصر، وعقب وصولها فُتن بسحر كليوباترا ووافق على حماية مصر من تهديد شقيقتها الصغرى أرسينوي بنفيها وإبعادها عن عرش كليوباترا، ولم يكتفِ أنطونيو بذلك بل وصل به الأمر لأن يتبع كليوباترا إلى مصر بعد عودتها بمدة قصيرة تاركاً خلفه عائلته المكونة من أطفاله وزوجته الثالثة فولفيا في روما.
مكث أنطونيو في الإسكندرية عامًا وبعد عودة أنطونيو إلى روما عام أربعين قبل الميلاد أنجبت كليوباترا توأماً هما كليوباترا سيلين وأُطلق عليها القمر، وألكسندر هيليوس وأُطلق عليه الشمس، وفي عام سبعة وثلاثين قبل الميلاد لجأ أنطونيو مرة أخرى إلى كليوباترا للحصول على المال من أجل تجهيز حملته العسكرية ضد مملكة بارثيا، والتي طال انتظارها مقابل إعادة الكثير من الإمبرطورية الشرقية لمصر، وأنجبت ابناً آخر من أنطونيو أسمته بطليموس فيلادلفوس، وبعد هزيمة أنطونيو المذلّة ضد مملكة بارثيا عاد إلى كليوباترا في مصر رافضاً جهود زوجته أوكتافيا بالانضمام إليه، وفي عام أربعة وثلاثين قبل الميلاد خلال الاحتفال الذي أقيم تحت اسم تبرعات الإسكندرية أعلن أنطونيو أنّ قيصرون؛ ابن قيصر هو الوريث الشرعي للحكم وليس لأوكتافيان ابن قيصر بالتبني، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حرب بينه وبين أوكتافيان وأعلن أوكتافيان الحرب على كليوباترا.
في فجر أحد أيام أغسطس 30 ق. م قدم أحد خدام الملكة كيلوباترا ثعبان الكوبرا وسيلة انتحارها بعد أن سمعت بهزيمة زوجها القائد الروماني مارك أنطونيوس في الحرب، وانتحرت كليوباترا في حالة اليأس هذه بأن وضعت حية سامة على ذراعها أو صدرها – بحسب الروايات.