عرضت قناة الوثائقية، فيما وثائقيا بعنوان "إذاعة القرآن الكريم.. من القاهرة"، يوثق تاريخ نشأة الإذاعة المصرية العريقة وتطورها، بمناسبة ذكرى مرور 60 عامًا على إطلاقها لأول مرة فى 25 مارس 1964.
وكشف الفيلم عن أن المحطة انطلقت عبر الأثير حاملة للسكينة وملأت بأصوات عظماء قرائها جوف السماء، مشيرا إلى أن المحطة أنارت بعذب تلاواتها أركان الأرض وشقت طريقها إلى قلوب المستمعين.
ومع انطلاق الإذاعة المصرية عام 1934 عرف المصريون وأحبوا أصوات الجيل الأول من القراء المصريين ولم يمض أكثر من 3 عقود حتى انتبه عقل حصيف إلى أهمية أن تفرد مساحة إذاعية خاصة لتلك الكوكبة من عظماء القراء، فكانت إذاعة القرآن الكريم التى تلألأت معها مدرسة التلاوة المصرية، ورغم تنوع الأسباب التى ساقت إلى تأسيس إذاعة القرآن الكريم فإن إجماعا تاما يقع بين المؤرخين على أثرها ونجاحها غير المحدود.
وأكد الدكتور محمد عفيفى أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، أنه فى ذلك الوقت ظهرت طبعة من نسخ القرآن الكريم بطبعة أنيقة ومصروف عليها بشكل كبير ولكنها كانت محرفة فى بعض الآيات، مشيرا إلى أنه فى فترة الستينيات، اتهم عبد الناصر بأنه نظام اشتراكى وضد الإسلام وكان هناك محاولات دائمة من نظام عبد الناصر على تأكيد الهوية والبعد الإسلامى فى هذه الفترة، ولا ننسى الصراع بين عبد الناصر والإخوان فى تلك الفترة، وبالتالى اتهام البعض لعبد الناصر بمعاداته للإسلام ولكنه أراد تأكيد الهوية الإسلامية لنظامه من خلال بعض الأمور التى كانت واضحة من تطوير الأزهر وإذاعة القرآن الكريم.
بينما ذكر هيثم أبو زيد متخصص فى تراث التلاوة والإنشاد، أن السياق السياسى ونحن نقترب من منتصف عقد الستينات كان مواتيا لإنشاء هذه الإذاعة، حيث السياق السياسى والاجتماعى.
من جانبه لفت فؤاد السعيد باحث فى علم الاجتماع السياسى، على أن ما ورد على لسان عبد القادر حاتم الذى ذكر فى أحد البرامج على إذاعة القرآن الكريم أنه نمى إلى علم بعض الأجهزة الأمنية فى مصر أن هناك نشاطا لبعض المهندسين من السوفييت لتلقين بعض الأفكار الإلحادية لمهندسين وعمال فى منطقة العمل بالسد العالى منذ بدايات الستينيات.
قال السيد صالح مقدم برامج بإذاعة القرآن الكريم، إنه يُحسب للقيادة السياسية فى عهد الرئيس عبد الناصر والدكتور عبد الحليم محمود والشيخ محمد حافظ سليمان وكل من ساهم فى إنشاء إذاعة القرآن الكريم.
بينما لفت هيثم أبو زيد متخصص فى تراث التلاوة والإنشاد، إلى أن من ساهم فى إنشاء هذه الإذاعة أن مصر كانت امتلكت أول جمع صوتى للقرآن الكريم عام 1961، بصوت الشيخ محمود خليل الحصرى.
وذكرت نشوة علق أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، أن القرآن الكريم سُجل برواية حفص عن عاصم، لتتم إذاعته فى 25 مارس 1964 وظهرت هذه المحطة لتضاف قوة ناعمة للأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وقوة مصر الحضارية والدينية فى العالم الإسلامى أجمع.
ونوه الدكتور أحمد الأزهرى أستاذ الحديث المساعد بجامعة الأزهر، أن رواية حفص عن عاصم هى التى نقرأ بها القرآن الكريم فى مصر، فعاصم بن أبى النجود أحد القراء العشرة كانت قراءتهم هى التى قرأها النبى، وحفص بن سليمان الكوفى كان أحد مشاهير قراء الكوفة مات سنة 180 هجرية وكان حجة، وانتشرت قراءته فى المشرق عموما ومصر خصوصا.
كشفت الدكتورة هالة العسيلى أستاذة الإعلام بجامعة عين شمس، عن أنه عندما طُرحت فكرة إنشاء إذاعة القرآن الكريم كان فى هذا الوقت مجموعة من الإذاعيين العاملين فى البرنامج العام، وتحديدا البرامج الدينية، وكان يرأسها محمود حسن إسماعيل الذى استطاع جمع مجموعة من التلاوات النادرة التى أثرت فيما بعد هذه الإذاعة المتميزة.
من جانبه ذكر السيد صالح مقدم برامج بإذاعة القرآن الكريم، أن التاريخ الحقيقى وأول رئيس لإذاعة القرآن الكريم هو الدكتور كامل البوهى ومعه مجموعة من من شباب المذيعين الدكتور محمد كمال إمام، وعزت حرك، والدكتور عبد الخالق محمد عبد الوهاب.
وفى نفس السياق، كشف هيثم أبو زيد متخصص فى تراث التلاوة والإنشاد، إذاعة القرآن الكريم أصبحت المنصة الطبيعية لتنويع الأصوات.
وذكر أحمد بان باحث وكاتب صحفى، أن مدرسة التلاوة المصرية أقرب إلى طبق الفاكهة المحبب لكل نفس، ومن الصعب أن تتحدث عن قارئ بعينه فكل قارئ يعكس لون وتأثير.
بينما أوضح الدكتور محمود يوسف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الإذاعة ضمت العظام الكبار الشيخ محمد رفعت ومحمود خليل الحصرى والشيخ عبد الباسط عبد الصمد ومحمد صديق المنشاوى ومحمود على البنا.
وأكد الدكتور محمد عفيفى أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، أن مدرسة التلاوة المصرية تاريخ طويل جدا، مضيفا أن العالم العربى والإسلامى سمع القرآن الكريم مرتلا من خلال الإذاعة بسحر مدرسة التلاوة المصرية، ولما ظهرت إذاعة القرآن الكريم ظهرت بعدها إذاعات كبيرة فى عدة بلدان عربية وإسلامية وأراد البعض منافستها إلا أنها حافظت على طابعها المصرى المحبوب لدى كافة المسلمين فى بقاع الأرض، سواء فى العالم العربى أو الإسلامى.
أكد الدكتور أحمد الأزهرى أستاذ الحديث المساعد بجامعة الأزهر، أنه بفضل وجود إذاعة القرآن الكريم أصبح للمدرسة المصرية للتلاوة الريادة فى العالم كله، مشددا على أننا نستطيع القول بأن مصر أرض التلاوة ودولة التلاوة.
بينما ذكر هيثم أبو زيد متخصص فى تراث التلاوة والإنشاد، أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد كان قارئ العالم ويقلده القراء فى شرق آسيا وإفريقيا، وكذلك الشيخ الحصرى وترتيله فى المصحف المرتل ممتدة فى كتاتيب إفريقيا.
وأضاف أن الشيخ مصطفى إسماعيل شائع جدا فى تركيا وإيران ومقدر بطريقة كبيرة، والشيخ الشعشاعى يعرفونه جيدا فى العراق وربما أكثر من مصر، مضيفا أنهم يمتازون بقراءة القرآن الكريم وتزيينه بالمقامات العربية ويقدمونه بالأسلوب الذى يليق بجلالة القرآن.
والدكتور محمود يوسف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن القراء المجيدين الذين ينطبق عليهم القول: نزل القرآن فى مكة والمدينة وقرئ فى مصر.
الفيلم الوثائقى "إذاعة القرآن الكريم.. من القاهرة"، يوثق تاريخ نشأة الإذاعة المصرية العريقة وتطورها، بمناسبة ذكرى مرور 60 عامًا على إطلاقها لأول مرة فى 25 مارس 1964.
ويقدم الفيلم مقاطع صوتية نادرة لكبار قراء القرآن الكريم، والمنشدين، والمبتهلين، من أرشيف الإذاعة، ويكشف عن الكواليس والأسرار التى جعلتها إحدى أهم أدوات القوة الناعمة لمصر فى العالمين العربى والإسلامى، ودورها فى نشر مفاهيم الإسلام الوسطى، ومحاربة الغلو والتطرف، وتوفير منبر لمدرسة التلاوة المصرية العريقة.
وكما يستعرض الفيلم سيرة أجيال من الإذاعيين الذين أسهموا بأصواتهم فى صناعة زخم إذاعة القرآن الكريم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة