مع تبقى أشهر قليلة على موعد إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقررة فى نوفمبر المقبل، تزداد المنافسة الشرسة بين المرشحين المفترضين فى تلك الانتخابات الرئيس الحالى الديمقراطى جو بايدن، والرئيس السابق الجمهورى دونالد ترامب، بعد أن حسم كلاهما السباق التمهيدى مبكرا لصالحهما.
وتنعكس شدة المنافسة وشراستها فى الأرقام الخاصة باستطلاعات الرأى والتبرعات التى جمعها كل مرشح حتى الآن فى هذه المرحلة من الحملة الانتخابية. فبعد أسابيع طويلة حافظ فيها ترامب على فارق واضح، بدأ بايدن مؤخرا فى تقليص الفارق معه. وقالت مجلة فوربس فى تقرير لها أواخر مارس الماضى إن الاستطلاعات الوطنية بين المرشحين قد أصبحت متقاربة، ويتقدم ترامب الآن بفارق نقطة مئوية واحدة فقط، وفقا لمتوسط استطلاعات أجراه موقع ريال كلير بولتيكس، فيما وصفه بأقل تقدم للرئيس السابق منذ يناير الماضى فى ظل مكاسب حققها خصمه الديمقراطى بما فى ذلك فعالية جمع فيها 25 مليون دولار من التبرعات.
حصل ترامب على نسبة تأييد بلغت 46.5% مقابل 45.5% وفقا لأحدث متوسط، وكان آخر مرة تحقق فيها هذا التقارب فى 12 يناير. جاء هذا بعد أن حقق بايدن مكاسب فى عدد من الاستطلاعات الأخيرة، فحقق تقدما طفيفا فى استطلاع كوينيبياك، وأظهر استطلاع بلومبرج الشهرى، أن ترامب حقق مكاسب فى ست ولايات متأرجحة، وعزز موقفه فى ميتشيجان وبنسلفانيا وحقق تقدما طفيفا فى ويسكونسن، فيما قال خبراء الاستطلاعات إنه أفضل أداء له على الإطلاق.
وأظهرت ثمانية استطلاعات وطنية على الأقل أجريت فى مارس أن بايدن يتقدم على ترامب، منها استطلاع لرويترز وآخر لجامعة فلوريدا أتلانتك، وإن كان ترامب لا يزال يتقدم فى أغلبية الاستطلاعات التى أجريت هذا الشهر.
وجاء تحسن أداء بايدن بعد أن أجرت حملته عدة تغييرات استراتيجية مؤخرا، فقد حاولت الحملة جذب أنصار نيكى هيلى منافسة ترامب السابقة فى السباق التمهيدى الجمهورى بعد انسحابها، وأطلقت أيضا حملة إعلانات جديدة تشير إلى انتقادات ترامب لهيلى وأنصارها.
وجاء تحسن أداء بايدن فى استطلاعات الرأي بعد إلقائه خطاب حالة الاتحاد فى 7 مارس الماضى، والذى تجاوز توقعات المحللين، ورأى أنصار الرئيس أنه عزز صورته.
سباق جمع التبرعات
من ناحية أخرى، استطاع بايدن أن يحقق تقدما فى جمع التبرعات على منافسه الجمهورى خلال الأسابيع الماضية، حتى قبل فعالية نيويورك أواخر مارس التى شارك فيها الرئيسان السابقان باراك أوباما وبيل كلينتون، والتى استطاع أن يجمع فيها 25 مليون دولار من 5 آلاف ضيف، فيما وصفته حملة الرئيس بأنها أنجح فعالية لجمع التبرعات السياسية فى التاريخ. كما وصفتها السيدة الأولى جيل بايدن بأن أكبر جمع للتبرعات للجنة الوطنية للحزب الجمهورى على الإطلاق.
كانت حملة إعادة انتخاب جو بايدن زادت من تفوقها فى جمع التبرعات فى شهر فبراير، وأعلنت جمعها 71 مليون دولار نقدا خلال هذا الشهر، ليصل إجمالى الأموال التى جمعتها حملة بايدن واللجنة الوطنية للحزب الديمقراطى 97.5 مليون دولار نقدا بنهاية فبراير، أكثر من ضعف المبلغ البالغ 44.8 مليون دولار الموجود فى البنك بين حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهورى. ولا تشمل تلك المبالغ لجان جمع التبرعات المشتركة لأى من الجانبين. ووصل إجمالي ما جمعه بايدن حتى الآن خلال عام 2024 نحو 155 مليون دولار.
فى المقابل، تراجعت التبرعات التى جمعها ترامب فى هذه المفترة مقارنة بما كانت عليه فى انتخابات 2020، ووجه الملايين من الدولارات إلى لجنة عمل سياسى قيادية تساعد فى تغطية نفقاته القانونية. فى حين أعلنت حملة بايدن أنها أنفقت فقط 122 ألف دولار على الخدمات القانونية.
التفاوت المالى جزء من استراتيجية بايدن
وذكرت مجلة بولتيكو فى تقرير سابق لها أن هذا التفاوت المالى يعد جزءا أساسيا من استراتيجية بايدن لإغراق ترامب فى إنفاق إعلانى مبكر ومكثف، والذى بدأ بالفعل هذا الربيع بـ30 مليون دولار على الإعلانات التلفزيونية والرقمية.
وما يزيد الأمور سوءا للرئيس السابق، أنه يعانى ترامب من غرامات قانونية هائلة تكلفه الكثير. فى الأسبوع الماضى دفع ترامب 175 مليون دولار غرامة قضية الاحتيال المدنى فى نيويورك، بعد أن قضت محكمة الاستئناف بتخفيض الغرامة الأصلية وقدرها 454 مليون دولار، ناهيك عن احتساب فائدة يومية بـ 100 ألف دولار. كما دفع ترامب أيضا خلال الأسابيع الماضية أكثر من 83 مليون دولار فى الحكم الصادر ضده بقضية التشهير بكاتبة اتهمته باغتصابها.