شارك الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى فى الجلسة الافتتاحية لـ"مؤتمر بغداد الدولى الرابع للمياه" والمنعقد تحت شعار (نحو مستقبل مائى أفضل .. معاً أفضل)..
وفى كلمته بالجلسة الإفتتاحية توجه سويلم بالتهنئة لجمهورية العراق الشقيق لاستضافتها للدورة الرابعة من "مؤتمر بغداد الدولى للمياه"، هذا المؤتمر الذى بدأته وزارة الموارد المائية والرى العراقية فى عام 2021 وأصبح يشكل منصة حيوية لتبادل المعرفة والتكنولوجيا والدراسات الرامية لتحسين إدارة ومعالجة المياه لخدمه الشعوب، مشيراً للأهمية البالغة للمحاور الأربعة للمؤتمر خاصة فى ظل الظروف الخاصة بمنطقتنا العربية، والتى تعد من أشد المناطق تأثراً بالشح المائى والتغيرات المناخية التى تزيد من تحديات الحفاظ على موارد المياه .
وأشار إلى أن لقاء اليوم يأتى فى وقت يواجه فيه إخواننا فى الأراضى الفلسطينية المحتلة تحديات متزايدة لتوفير احتياجاتهم من المياه، حيث تمثل الهجمات الإسرائيلية فى قطاع غزة تهديداً خطيراً وكارثياً للوضع الإنسانى، مما يثير قلقًا كبيراً خاصة فيما يتعلق بخدمات المياه والصرف الصحى المتاحة للسكان المدنيين المحاصرين، على الرغم من أن توفير المياه هى خدمة انسانية يكفلها القانون الدولى الإنسانى، وبالتالى فإننا لا يمكن أن نغفل آثار الحروب على إمداد السكان بالاحتياجات الضرورية للحياة فيما يتعلق بإمدادات المياه والغذاء والكهرباء مثلما هو الوضع فى قطاع غزة المنكوب، فبالإضافة إلى ما خلفه العدوان على الأراضى الفلسطينية والذى حصد أرواح ما يزيد عن 34 ألف شهيد .. فإن تدهور الأوضاع الإنسانية وفقدان الاحتياجات الأساسية للحياة يجعل هذا الرقم قابل للزيادة بصورة كبيرة.
وسلط سويلم الضوء على التحديات الكبيرة التى تواجه إدارة الموارد المائية فى مصر، حيث يصل نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة إلى حوالى 50% من خط الفقر المائى العالمى، مع اعتماد كبير وبشكل حصرى على مياه نهر النيل الذى يوفر أكثر من 98% من احتياجات البلاد المائية، كما تخصص مصر نحو 75% من مواردها المائية للزراعة، وهو ما يعزز استدامة سبل العيش للسكان، وأمام هذه التحديات تبنت مصر سياسة مائية تقوم على الاستخدام الرشيد والمستدام لمواردها المائية المتجددة .. مع الاعتماد المتزايد على الموارد المائية غير التقليدية، وذلك على التوازى مع سياسة غذائية توازن ما بين إنتاج الغذاء واستيراده لتوفير الأمن الغذائى .
واستجابةً لهذه التحديات تعمل وزارة الموارد المائية والرى بالتعاون مع الوزارات المعنية بمصر على تطبيق خطة وطنية تعاونية تتناول تحديات المياه والطاقة والغذاء والبيئة، حيث تهدف هذه الخطة إلى تحسين إدارة الموارد المائية والتعامل مع الضغوط المتزايدة، وهو ما يظهر من خلال إنفاق 10 مليار دولار خلال الخمس سنوات الماضية لتعزيز كفاءة المنظومة المائية فى مصر ومجابهة التحديات المائية، وقد ساهمت السياسات الخاصة بإعادة استخدام المياه بحوالى 26 مليار متر مكعب من الموارد المائية غير التقليدية فى التوازن المائى، وعلى الرغم من هذه الجهود تضطر مصر إلى استيراد نسبة كبيرة من غذائها بقيمة تبلغ 15 مليار دولار سنوياً وهو ما يعادل 40 مليار متر مكعب من المياه على الأقل من المياه الافتراضية، هذا بخلاق تحديات التغيرات المناخية من خلال ارتفاع مناسيب البحر وزيادة موجات الحرارة العالية وتزايد موجات الأمطار والجفاف .
أكد سويلم على ضرورة وجود تعاون مائى فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمراً وجودياً لا غنى عنه .. ولكى يكون هذا التعاون ناجعاً فإن ذلك يتطلب مراعاة أن تكون إدارة المياه المشتركة على مستوى الحوض باعتباره وحدة متكاملة، بما فى ذلك الإدارة المتكاملة للمياه الزرقاء والخضراء، كما يتطلب ذلك مراعاة الالتزام غير الانتقائى بمبادئ القانون الدولى واجبة التطبيق، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور بناءاً على دراسات فنية وافية، وهو المبدأ الذى يُعد ضرورة لا غنى عنه لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الإضرار ما أمكن .
واتصالاً بذلك، تبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بمبادئ القانون الدولى على أحواض الأنهار المشتركة والتى يُعد أحد أمثلتها السد الإثيوبى الذى تم البدء فى إنشائه دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، وهى الممارسات الأحادية غير التعاونية التى تشكل خرقاً للقانون الدولى بما فى ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى عام 2015، ولا تتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر فى سبتمبر عام 2021، الامر الذى يشكل استمرارها خطراً وجودياً على أكثر من مائة وخمسين مليون مواطن .
وأشار إلى الجهود المكثفة التى تقوم بها مصر لتعزيز التعاون الإقليمى والدولى فى مجال المياه، من خلال انخراط مصر بفاعلية فى كافة المبادرات الدولية المائية .. حيث تمكنت مصر خلال رئاستها لمؤتمر المناخ COP27 وبالتعاون مع الشركاء الدوليين من وضع المياه فى قلب العمل المناخى العالمى وتتويج كل هذه الجهود بإدراج المياه للمرة الأولى على الإطلاق فى القرار الجامع الصادر عن مؤتمر المناخ COP27، كما قامت مصر بدور فعال فى القيادة المشتركة مع دولة اليابان فى الحوار التفاعلى الثالث حول المياه والمناخ والذى أسفر عن توصيات هامة تساعد فى رسم خارطة الطريق لعقد الأمم المتحدة للمياه المقرر عام 2028، كما أطلقت مصر أيضاً مبادرة "العمل من أجل التكيف مع المياه والمرونة" AWARe خلال مؤتمر COP27، كما تفتخر مصر برئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو) الأمر الذى يعزز دورها فى وضع المياه فى قلب العمل المناخى الاقليمى والدولى .
وأضاف أنه وفى ضوء السعى المستمر لمواجهة التحديات المناخية والمائية تبرز أهمية بناء القدرات كعامل حاسم لتمكين الدول النامية من التكيف والتأقلم مع تغير المناخ، مشيراً لدور مصر الرائد فى تعزيز هذه الجهود على المستوى الإقليمى والدولى من خلال تدشين المركز الأفريقى للمياه والتكيف مع المناخ (PACWA) والذى يهدف لتعزيز قدرات العاملين فى مجال المياه وخاصة بالدول الإفريقية فى التعامل مع التغيرات المناخية التى تؤثر سلباً على قطاع المياه .