تستمر أزمة تغير المناخ فى إثارة قلق العالم، بسبب الخسائر التى يتكبدها بسبب الجفاف والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة، وحذر البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، من تغير المناخ خلال زيارته إلى مدينة فينيسيا، مشيرا إلى التهديدات التى تلوح فى الأفق حول القنوات التى تحيط بالمدينة الإيطالية، مثل أزمة المناخ والسياحة الجماعية.
وقال بابا الفاتيكان أن مدينة فينيسيا هى كيان واحد مع المياه المحيطة بها ومن دون الحفاظ على تلك المنظومة الطبيعية وحمايتها، قد تختفى المدينة عن الوجود، حسبما قالت صحيفة المساجيرو الإيطالية.
ويتوافق هذا التصريح مع آخر المستجدات فى المدينة المدرجة فى قائمة التراث العالمى لليونسكو، والتى اعتمدت فى الآونة الأخيرة رسوم دخول بقيمة 5 يوروهات فى اليوم، تفرض على السيّاح أعفى منها الحبر الأعظم بصفته ضيفًا، لكن ينبغى على الزوار غير المقيمين الآتين من أجله تسديدها.
خسائر اقتصادية
ومن أبرز تداعيات تغير المناخ المثيرة للقلق، الخسائر الاقتصادية، حيث تهدد التغيرات المناخية بتحمل الاقتصاد العالمى تكاليف تُقدر بـ 38 تريليون دولار سنويا فى غضون 25 عاما نتيجة الأضرار المترتبة عليها، وفق دراسة أجراها 3 علماء من ألمانيا.
ونقلت صحيفة لابانجورديا الإسبانية دراسة تم نشرها فى مجلة نتشر أن الاقتصاد العالمى سوف يتحمل هذا الكم من التكاليف السنوية بحلول عام 2049، وأن النطاق المحتمل للتكاليف السنوية للأضرار يتراوح بين 19 تريليون دولار و59 تريليونا.
واستندت الدراسة فى تقديراتها إلى تحليل بيانات حول تأثير التغير المناخى على الاقتصاد فى أكثر من 1.6 ألف منطقة حول العالم على مدار 40 عاما مضت.
وتابعت الدراسة بأن متوسط الخسائر الاقتصادية الدائمة على مستوى العالم سوف يبلغ 19% بحلول 2049، وأن الخسائر المُقدرة بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا قد تبلغ قرابة 11% مقارنة مع 22% بالنسبة لإفريقيا وجنوب آسيا، وترتفع الخسائر لأكثر من ذلك بالنسبة لبعض الدول منفردة.
الخسائر الأوروبية وتغير المناخ
وتسبب تغير المناخ أيضا فى خسائر فادحة فى أوروبا بقيمة أكثر من 13.4 مليار يورو خلال عام، 81% منها بسبب الفيضانات، والكوارث المناخية تسببت فى مقتل أكثر من 150 شخصا، بحسب تقديرات التقرير السنوى عن حالة المناخ فى أوروبا الذى أعدته خدمة كوبرنيكوس الأوروبية لتغير المناخ والعالم منظمة الأرصاد الجوية (WMO) التابعة للأمم المتحدة.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيليست ساولو، أن أزمة المناخ هى التحدى الأكبر الذى يواجه جيلنا، وقد تبدو تكلفة العمل المناخى مرتفعة، ويجب علينا تسخير العلم لتقديم حلول لصالح المجتمع.
ويحذر التقرير من أن أوروبا هى القارة الأسرع احترارا، حيث ترتفع درجات الحرارة بنحو ضعف المعدل العالمى، موضحا أن عام 2023 كان العام الأكثر دفئا على الإطلاق، حيث كانت درجات الحرارة أعلى من المتوسط لمدة 11 شهرا من العام، بما فى ذلك أحر شهر سبتمبر تم تسجيله على الإطلاق، ووفقا لتقرير عن حالة المناخ فى أوروبا صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج كوبرنيكوس التابع للاتحاد الأوروبى، فإن أوروبا سجلت ارتفاع فى درجات الحرارة يبلغ 2.6% فى حين أن كوكب الأرض ككل سجل ارتفاع 1.4%.
تغير المناخ ووفيات امريكا اللاتينية
وسجلت أمريكا اللاتينية زيادة بنسبة 140% فى الوفيات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، ووفقا لتقرير لانسيت، كانت الإكوادور والسلفادور وجواتيمالا وهندوراس هى البلدان التى زادت فيها الوفيات بشكل أكبر بسبب ارتفاع درجات الحرارة. خبراء يحذرون من تأثيرات الحرارة على حمى الضنك والتلوث.
وأشار التقرير إلى أن التغير المناخى فى أمريكا اللاتينية يؤثر على الوضع الصحى للسكان حيث يؤدى إلى سرعة انتشار الأمراض.
وتعتبر أجندة المناخ من أبرز التحديات التى تمر على انتخابات دول القارة العام الجارى، حيث أصبحت قضية مكافحة تغير المناخ العنصر المحرك للإبرة الإنتخابية والاقتصادية.
أجندة المناخ من التغيير الرئاسى فى المكسيك - وهى إحدى دول مجموعة العشرين، وهى الدولة رقم 13 فى قائمة أكبر الدول المصدرة للغازات الدفيئة، وتسعى المرشحة كلوديا شينباوم، مرشحة لوبيز أوبرادور والتى تأتى على رأس استطلاعات الرأي، بخلفية علمية مناخية ومن المتوقع أن تؤدى التغييرات فى أولويات الطاقة إلى إعطاء مساحة أكبر للطاقات المتجددة واستعادة ريادة البلاد فى سياسة المناخ الدولى.
ومن ناحية آخرى، نجح لولا دا سيلفا فى البرازيل فى تحقيق النتائج (انخفاض بنسبة 61% فى إزالة الغابات فى ذلك البلد فى عام 2023، مقارنة بالعام السابق) وتوليد الاهتمام من خلال استضافة مجموعة العشرين هذا العام وقمة المناخ لعام 2025 (COP30).
وفى السياق نفسه، فعلت كولومبيا، بقيادة الرئيس جوستافو بيترو، صوتها من أجل العدالة المناخية فى مختلف المنتديات الدولية - وستستضيف هذا العام مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية التنوع البيولوجى - سعياً إلى ضمان القضاء على الوقود الأحفورى وتحويل أنظمة الديون التى غير مستدامة بالنسبة للعالم النامى.
وعلى نحو مماثل، تحرز إدارة جابرييل بوريتش فى تشيلى تقدماً فى ضمان الخروج من الفحم بحلول عام 2030، وبدأت فى اتخاذ خطوات للقضاء تدريجياً على أنواع الوقود الأحفورى الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة