ألقت وفاة الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى المفاجئة إثر حادث أليم، سقطت فيه مروحية كانت تقله ومرافقيه من المسئولين في غابات ديزمار الواقعة بين قريتي اوزي وبير داود بمنطقة ورزقان في محافظة اذربيجان الشرقية شمال غرب ايران، الضوء مجددا على اختيار خليفة المرشد الأعلى على خامنئى، لاسيما وأن الرئيس الراحل، كان من أبرز المرشحين لخلافته.
السنوات الماضية ارتبط اسم الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي بخلافته المحتملة لمقعد المرشد الأعلى، وشكل فوزه فى الانتخابات الرئاسية يونيو 2021، جزءا من هذا المشوار، إذ رأى بعض المحللين أن خامنئى سانده ودعمه فى هذه الانتخابات، ليعيد سيناريو قائد الثورة الاسلامية، إذ تولى خامنئي منصب المرشد بعد وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني، وكان خامنئي حينها رئيسا للدولة.
فى الانتخابات الرئاسية عام 2017، تم الدفع بـ إبراهيم رئيسي للمشاركة فى السباق بمباركة على خامنئى، حيث عينه قبل وقت قليل من اجراء الاستحقاق آنذاك، سادنا للروضة المقدسة آستان قدس رضوي، وهي واحدة من أغنى المؤسسات الخيرية في إيران، إلى جانب مسؤوليتها عن إدارة مؤسسات دينية أخرى وأماكن مقدسة داخل إيران على رأسها "الضريح المقدس للإمام الرضا" بمدينة مشهد.
وعقب خسارته أمام روحانى، خاض رئيسي مجددا إلى الانتخابات الرئاسية يونيو 2021، بمباركة خامنئى أيضا، للمرة الثانية، نظر إلى الخطوة وقتها بأنها تعكس قربه الشديد من المرشد الأعلى ولاعتباره المرشح الأوفر حظا لخلافة الأخير.
الرئيس الراحل، يعد بين المقربين من المرشد الأعلى على خامنئى، باعتباره كان أحد طلابه فى إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد حيث ينحدر، يحظى بثقته، وينحدر مثله من مدينة مشهد الدينية التى تقع شمال شرق إيران.
وعينه المرشد مرات عديدة على رأس مناصب حساسة، أهمها رئيس السلطة القضائية، تم تعيينه من قبل خامنئى فى 2016 على رأس المؤسسة الخيرية "أستان قدس رضوي" التى تتكلف بتسيير شؤون ضريح الإمام رضا الذى يقع فى نفس المدينة، ويعتبر الضريح من بين أبرز مواقع الحج بالنسبة للمسلمين الشيعة ويجتذب الكثير من الأموال لهذه المؤسسة الخيرية التى تقوم بعد ذلك باستثمارها. كما تمتلك المؤسسة عقارات عديدة وأراضى زراعية وشركات فى مجالات مختلفة، كالبناء والسياحة وصناعة المواد الاستهلاكية. بعبارة أخرى توصف هذه المؤسسة بالدولة داخل الدولة الإيرانية.
ومنحه ترؤسه مؤسسة أستان قدس رضوي لمدة 3 سنوات قوة سياسية كبيرة ونفوذ فى شتى المجالات، لأن من يترأس مثل هذه الجمعية الخيرية الغنية يعنى أنه يقوم بتسيير "إمبراطورية" اقتصادية. لكن بعد 3 سنوات من العمل، عينه القائد الأعلى للثورة الإسلامية رئيسا للسلطة القضائية الإيرانية فى مارس 2019 وهو منصب حساس وكلفه بـ"مكافحة الفساد".
وغداة تعيينه فى هذا المنصب، شرع إبراهيم رئيسى فى محاكمة مسؤولين إيرانيين كبار وقضاة بتهمة الفساد، فيما استغل المحاكمات القضائية لإبعاد بعض المرشحين الذين كانوا من الممكن أن ينافسونه بقوة فى الانتخابات الرئاسية، على غرار المسؤول السابق على السلطة القضائية صادق لاريجانى، وهو أخ على لاريجانى الذى رفض مجلس قيادة الثورة الإيرانية ملف ترشحه لاحتمال تورط أحد أقاربه فى قضية فساد.
وبوفاته طرحت أسماء أخري على الساحة لخلافة خامنئى، من بينها مجتبى نجل خامنئي، وسيد حسن خمينى حفيد الخمينى، وربما يجدوا حظوظا أوفر السنوات المقبلة بعد أن خلت الساحة برحيل إبراهيم رئيسي
ما هى آلية اختيار الولى الفقيه
يرجع اختيار المرشد الأعلى إلى مجلس خبراء القيادة (وهو هيئة منتخبة من 86 شخصية من رجال الدين ممن يعرف عنهم التقوى والعلم) بمهمة اختيار المرشد الأعلى حال فراغ المنصب بوفاة المرشد، وقد قام أعضاء المجلس بهذا الدور مرة واحدة فقط، وذلك حينما اجتمعوا فورا فى أعقاب وفاة آية الله الخمينى ليختاروا آية الله على خامنئى خلفًا له فى عام 1989، كما يشرف مجلس الخبراء على أداء المرشد الأعلى للدولة الإسلامية وإقالته إذا فشل فى القيام بواجباته.
أما مهام المرشد الأعلى تتلخص فى الأتى: الجمع بين السلطات الثلاثة فى يده (التشريعية والقضائية والتنفيذية) حيث هو من يعين قائد الحرس الثورى، ورئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون الحكومية، ورئيس السلطة القضائية، ورؤساء العديد من المؤسسات الدينية شبه الرسمية، ويتمتع المرشد الأعلى وحده بسلطة إعلان الحرب أو السلام، وبحسب الدستور يقوم المرشد الأعلى بوضع والإشراف على السياسات العامة للدولة، ويحدد طبيعة وتوجهات السياسات الداخلية والخارجية.