رُفع الجزء السفلي من كسوة الكعبة المشرفة، بارتفاع ثلاثة أمتار وفق الخطة المعتمدة لموسم الحج، وذلك في إطار عمليات الحفاظ على نظافة الكسوة وسلامتها، فيما تمت تغطية الجزء المرفوع بإزار من القماش القطني الأبيض بعرض مترين ونصف وطول 54 متراً من الجهات الأربع.
تمت أعمال الرفع عن طريق 36 من الكوادر الوطنية الفنية المتخصصة و10 رافعات، حيث يرفع ثوب الكعبة المشرفة عادة على عدة مراحل، تبدأ من فك أسفل الكسوة من جميع الجوانب، وفصل الأركان، ومن ثم فك الحبل السفلي وإخراجه من حلقات تثبيت الكسوة، ولف كسوة الكعبة المشرّفة بارتفاع 3 أمتار، وموازاته على ارتفاع متر واحد، وتثبيته من جميع الجوانب، وفك ثلاثة من القناديل، ثم تثبيت القماش الأبيض على جميع الجهات كل على حدة، مع تركيب القناديل على القماش الأبيض وصولاً إلى المرحلة الأخيرة، لف الجزء السفلي من ستارة باب الكعبة المشرفة.
وفى هذا التقرير نستعرض أبرز المعلومات عن كسوة الكعبة المشرفة
يتم تغييركسوة الكعبة المشرفة مرة كل عام والذى يوافق يوم وقفة عرفات، ويتم غسلها مرتين الأولى في شهر شعبان، والثانية في شهر ذي الحجة، وتغسل كسوة الكعبة بماء زمزم ودهن العود وماء الورد، كما يتم غسل الأرضية والجدران الأربعة من الداخل بارتفاع متر ونصف ثم تجفف وتعطر بدهن العود الثمين.
تصنع الكسوة من الحرير المبطن بالقطن ويتم صبغة باللون الأسود، وتزين بضع من الآيات القرآنية المشغولة بخيوط من الذهب والفضة، ويبلغ طولها 14 متراً يوجد بالثلث الأعلى منها الحزام الذي يبلغ عرضة 95 سنتيمترًا وبطول 47 متراً.
الكسوة قديما
يتكون حزام الكسوة من 16 قطعة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية، بينما تتكون الكسوة من 5 قطع تغطي كل واحدة وجهًا من أوجه الكعبة المشرفة، أما عن القطعة الخامسة تتمثل في الستارة التي تضع علي باب الكعبة المشرفة.
وبالنسبة لتاريخ صنع الكسوة ، فيعد عدنان الجد الأعلى للرسول صلى الله عليه وسلم ، أول من صنع كسوة جزئية للكعبة المشرفة وكانت من برودٍ يمانية، وأوصالٍ وثياب.
بينما أول من كسا الكعبة كسوةً كاملة بالبرود اليمانية وجعل عليها بابًا وجعل له مفتاحا هو تبع اليماني من ملوك حمير باليمن.
ثم كساها خلفاؤه من بعده بالجلود والقماش، حيث لم يرد النبي بعد فتح مكة أن ينزع عن الكعبة كسوة قريش حتى التقطت شرارةً من النار على إثر تبخير إحدى النساء لها.
فاستبدل النبى كسوة قريش بكسوة جديدة من البرود اليمانية وهي ثياب مخططة بيضاء وحمراء، فكانت أول كسوة في عهد الإسلام.
صناعة كسوة الكعبة
وفى عهد الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما فكسوها بالقباطي وهو ثوب دقيق الصنع مُحكم النسج رقيقٌ أبيض كان يصنع في مصر.
ثم جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه فكساها كسوتين كسوة بالبرود اليمانية وكان هذا في يوم التروية، وكسوة فوقها بالقباطي المصرية في اليوم السابع والعشرين من رمضان، فهو أول من كسا الكعبة كسوتين.
رحلة كسوة الكعبة من مصر قديما
أما سبب صناعتها من اللون الأسود فيرجع إلى عهد الخليفة العباسي جعفر المتوكل، حيث شكا الناس خفوت بهاء الكسوة من كثرة التمسح بها، فقد كانت تُصنع من الحرير الأحمر، فأمر أن يُصنع لها إزاران كل شهرين، ثم جاء بعده الخليفة الناصر العباسي فكساها باللون الأخضر، ثم باللون الأسود، واستقر المسلمون على ذلك.
وقد نالت مصر شرف صناعتها مع بداية الدولة الفاطمية حيث كانت ترسل كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت في ذلك الوقت بيضاء اللون، كما كانت ترسل في الدولة المملوكية في عهد السلطان الظاهر بيبرس.
وكانت مدينة تنيس التي تقع بالقرب من بحيرة المنزلة تحوي أمهر النساج في ذلك الوقت، فأوكلوا لها نسج الكسوة، التي ظلت فيهم ستمائة عام.
وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني أصبحت تسعُ قرى مصرية موقوفةً على صنع كسوة الكعبة المشرفة.
وكان يحمل الكسوة جمل، عليه هودج، وحوله جمال وخيل وجند، وكانوا يدورون به في البلاد، ويستمرون على ذلك أيامًا، تقام فيها الاحتفالات، ويتلى فيها القرآن والمدائح النبوية، حتى خروج المحمل مع بدء موسم الحج إلى مكة المكرمة عبر البحر.
قد استمرت مصر في صناعة كسوة الكعبة بالدولة العثمانية، فقد اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وكسوة مقام إبراهيم الخليل.
وفي عهد محمد علي باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام 1222هـ الموافق عام 1807م، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ.
وفى العصر الحديث قد تأسست دار لصناعة كسوة الكعبة بحي الخرنفش عام 1233هـ، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة داخلها، واستمر العمل في دار الخرنفش حتى عام 1962م، إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة حينما تولت المملكة العربية السعودية صناعتها.
وكانت هناك أيضًا محاولات لصنعها فى العراق و لكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأى أحد أن ينازعهم في هذا، وأوقف الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون في عام 751هـ وقفًا خاصًا لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة.