سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 مايو 1954 .. جمال عبدالناصر يهدى كتاب «فلسفة الثورة» لتوفيق الحكيم قائلا: «إلى باعث الأدب الأستاذ توفيق الحكيم مطالبا بعودة الروح مرة أخرى»

الثلاثاء، 28 مايو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 مايو 1954 .. جمال عبدالناصر يهدى كتاب «فلسفة الثورة» لتوفيق الحكيم قائلا: «إلى باعث الأدب الأستاذ توفيق الحكيم مطالبا بعودة الروح مرة أخرى»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصدر جمال عبدالناصر كتابه «فلسفة الثورة» عام 1954، وذلك بعد عامين من قيام ثورة 23 يوليو 1952، وفى 28 مايو، مثل هذا اليوم، 1954، أهدى الكتاب إلى الكاتب الأديب المفكر توفيق الحكيم، حسبما يذكر الدكتور لويس عوض فى كتابه «الحرية ونقد الحرية»، مؤكدا: «منذ سنوات اطلعت فى مكتب توفيق الحكيم على نسخة من كتاب جمال عبدالناصر «فلسفة الثورة» بها الإهداء التالى: «إلى باعث الأدب الأستاذ توفيق الحكيم مطالبا بعودة الروح مرة أخرى بعد الثورة».


يذكر «عوض»: «لست أحسب أن تاريخ الأدب العربى الحديث بحاجة إلى دلائل على أن توفيق الحكيم له مقام خاص عند الزعيم الراحل»، ويستدعى «عوض» حوادث تؤكد على هذا «المقام الخاص»، منها، يوم اشتدت الحملة الصحفية على توفيق الحكيم عام 1958، حيث حسم الزعيم الراحل الأمر بأن منحه فى 17 ديسمبر سنة 1958 قلادة الجمهورية، وهى ثانى أرفع وسام فى الدولة بعد قلادة النيل التى تمنح عادة للملوك ورؤساء الجمهوريات ومن لهم صفة ملوك الشعوب ورؤسائها.


يرى «عوض»: «كان لهذه الإشارة يومئذ مغزى واضح وعميق، فقد كانت بمثابة إعلان رأى الدولة فى توفيق الحكيم، أو بمثابة فصل الخطاب بمعنى كفى عبثا أيها النقاد الناقصون فى الشعور بمسؤولية الكلمة، فإن توفيق الحكيم قيمة كبرى فى المجتمع المصرى ينبغى أن تصان».


جاءت هذه الخطوة فى توقيت «كان الحكيم فى حالة نفسية بالغة السوء، ويشعر أن مجده الأدبى الكبير ينهار أمام ضربات الناقد أحمد رشدى صالح»، وفقا للكاتب الناقد رجاء النقاش لجريدة «الحياة اللندنية» يوم 28 يوليو 1997، موضحا: «قاد رشدى صالح حملة صحفية ضد «الحكيم» بجريدة الجمهورية، واتهمه بأنه سرق كثيرا من أعماله من نصوص أوروبية، خصوصا «حمارى قال لى»، و«حمار الحكيم» وسرقهما عن الأديب الإسبانى «خمينيز»، ويؤكد «النقاش» أن معظم كتاب مصر شاركوا فى هذه الحملة على صفحات الجمهورية فى ذلك الحين، وبالرغم من أن هناك من ساندوا الحكيم بقوة إلا أن الحملة أثرت عليه بشكل سيئ.


يذكر «عوض»: لم تكن هاتان المناسبتان الوحيدتان «إهداء فلسفة الثورة، ومنح الوسام» اللتان عبر فيهما الزعيم العظيم عن تقديره لتوفيق الحكيم، ففى مطلع الثورة حمى عبدالناصر، توفيق الحكيم فى حركة التطهير، يوم أن أعد إسماعيل القبانى وزير المعارف قائمة بموظفين وزارته غير المنتجين، ودخل بها مجلس الوزراء، طالبا إحالتهم على المعاش، وكان الحكيم يومئذ مدير دار الكتب وأحد كبار الموظفين فى القائمة، فاعترض عبدالناصر، وكان آنذاك رئيس الوزراء، ونوه بما لتوفيق الحكيم من مكانة فى الأدب المصرى الحديث، كما نوه بتكريم الأوساط الأدبية والفنية فى أوروبا له.


انتهت هذه الأزمة باستقالة «القبانى»، ويذكر «عوض»: «بدا للرأى العام عندئذ أن الزعيم الراحل وضع الوزير فى كفة، والأديب فى كفة أخرى، فرجحت كفة الأديب»، ويطرح «عوض» سؤاله: «ماذا كان يقدر جمال عبدالناصر فى توفيق الحكيم؟، ويجيب: «نحن نعرف من ترجمة كتاب الكاتب السويسرى جورج فوشيه «عبدالناصر وصحبه» قائمة ببعض الكتب العربية والمترجمة التى قرأها جمال عبدالناصر وهو طالب فى السنة الرابعة بالمدرسة الثانوية بمدرسة النهضة عامى 1934 و1935، وكان يومئذ فى السادسة عشرة والسابعة عشرة من عمره، وفيها نجد كتاب «حماة الإسلام» لمصطفى كامل، و«أم القرى» و«طبائع الاستبداد» لعبدالرحمن الكواكبى، وكتاب لأحمد أمين عن حركات التجديد فى الإسلام به دراسات عن جمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده، وكتاب عن أعلام الإسلام و«وطنيتى» للشيخ على الغاياتى، ومقالات عن الشرق وأمجاده القديمة للأمير شكيب أرسلان منشورة فى اللواء والأخبار أيام ما كان يديرها أمين الرافعى أحد زعماء الحزب الوطنى».


يضيف عوض نقلا عن «فوشيه»: «كذلك قرأ جمال عبدالناصر فى تلك الفترة من حياته رواية البؤساء لفيكتور هيجو فى ترجمة حافظ إبراهيم، ورواية «قصة مدينتين» لديكنز عن الثورة الفرنسية، وكتابا عن أشهر شخصيات فرنسا به فصول عن فولتير وروسو، ويبدو أن الفتى جمال عبدالناصر تأثر بهذا الكتاب لأنه كتب مقالا فى مجلة المدرسة بعنوان «فولتير رجل الحرية»، كما قرأ مسرحية «يوليوس قيصر» لشكسبير، واشترك فى تمثيلها مع فرق مدرسته فى الحفل الذى أقامته بمسرح برنتانيا فى 19 يناير 1935 تحت رعاية وزير المعارف أحمد نبيل الهلالى، وكان دور يوليوس قيصر من نصيب جمال عبدالناصر».
يؤكد عوض: «لكن الكتاب الذى ترك أعمق الأثر فى نفس الفتى جمال عبدالناصر بين قراءات هذه الفترة كان «عودة الروح» لتوفيق الحكيم، وظهر الاعتراف بهذا الأثر بعد ذلك بعشرين عاما فى كلماته لتوفيق الحكيم «باعث الأدب، مطالبا بعودة الروح مرة أخرى بعد الثورة».







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة