فتحت إيران، الخميس، باب الترشح لـ الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 28 يونيو المقبل، والتي تم الإعلان عنها عقب الوفاة المفاجئة للرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحيته الأسبوع الماضى 19 مايو.
وبدأ التسجيل، حسبما نقلت وكالات الأنباء الإيرانية، في الثامنة صباحاً (4 صباحاً بتوقيت جرينتش)، الخميس، على أن ينتهي عند 18:00 مساءً بالتوقيت المحلي. ويتم تسجيل الطلبات في مقر وزارة الداخلية الإيرانية في طهران، ويستمر تسجيل أسماء الراغبين بالترشح للانتخابات حتى 3 من يوليو.
وبشأن شروط الترشح، فوفقا للمادة 35 من قانون انتخابات رئاسة الجمهورية في إيران، يشترط أن يكون المتقدم "مطلعاً دينياً وسياسياً وإيراني الأصل، ويحمل الجنسية الإيرانية ومديراً ومدبراً وحسن السيرة والأمانة والتقوى والإيمان والاعتقاد بمبادئ الجمهورية الإسلامية والمذهب (الشيعي) الرسمي للبلاد".
ووفق الجدول الزمن المعد، سيتم البت في أهلية المرشحين خلال الفترة الممتدة ما بين 4 و10 يونيو المقبل،حيث سيتم رفع الأسماء المرشحة بعدها الى مجلس صيانة الدستور المنوط إليه صلاحية المصادقة النهائية لخوض الانتخابات.
ويشترط مجلس صيانة الدستور في إيران، وهو من الهيئات التنظيمية الرئيسية في البلاد، عدة شروط لنيل أهلية الترشح في الانتخابات الرئاسية، منها أن يكون المترشح قد تولى مناصب حكومية أو أكاديمية أو عسكرية.ويحدد مجلس صيانة الدستور، أهلية المرشحين أو استبعادهم من الانتخابات، سواء كانت الرئاسية أو البرلمانية.
ومن المقرر أن تعلن القائمة النهائية للمرشحين بحلول 11 يونيو من قبل وزارة الداخلية الإيرانية، ومن المرتقب أن تنطلق الحملات الانتخابية للمرشحين الرئاسيين في 12 يونيو، وتستمر حتى 27 من الشهر ذاته، فيما سيقام الاقتراع المباشر في 28 يونيو، على أن تكون الجولة الثانية فى 5 يوليو.
المرشحين المحتملين
وكان أول من أعلن نيته الترشح، سعيد جليلي (محافظ متشدد)
وشغل منصب الأمين السابق لمجلس الأمن القومي وعضو فى مجلس الأمن القومي الأعلى، والمفاوض النووى السابق الذى خدم فى الحرس الثورى وشارك فى الحرب العراقية الإيرانية وانسحب فى انتخابات 2013 الرئاسية لعدم امتلاكه حظوظ للفوز، كما يشغل قبل ذلك منصب مساعد وزير الخارجية الإيرانية لشؤون أوروبا وأمريكا، وبدأ نشاطه الدبلوماسي ملحقا في الخارجية منذ عام 1989 وتولى مسؤوليات مختلفة مثل الملحق السياسي ورئيس دائرة التفتيش وسكرتير السفارة ومساعد دائرة أمريكا الشمالية والوسطى والمدير العام لمكتب مرشد الثورة الإيرانية ومستشار رئيس الجمهورية.
محمد مخبر (الرئيس المؤقت)
ومن بين أعضاء الحكومة الحالية، فإن احتمال ترشيح محمد مخبر هو الأعلى، لأن أمامه 50 يوما ليظهر نفسه على أنه الشخص الثاني في البلاد، ويشغل محمد مخبر منصب النائب الأول للرئيس الإيراني منذ تعيينه في 8 أغسطس 2021، بناء على اختيار رئيسي له، وكان مخبر رئيساً للجنة تنفيذ أمر الإمام، وهي مؤسسة غير حكومية مختصة بالشئون الخيرية في الفترة من 15 يوليو 2007 حتى 8 أغسطس 2021.
كما شغل مخبر الذي يحمل درجتي دكتوراه في القانون الدولي والإدارة منصب نائب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة خوزستان للاتصالات والعضو المنتدب لشركة دزفول للاتصالات ونائب وزير التجارة والنقل لمؤسسة المحرومين ونائب محافظ خوزستان.
قاليباف (رئيس مجلس الشورى الاسلامى)
وفى تردد اسم قاليباف بقوة لخلافة رئيسين إلا أن وسائل اعلام إيرانية نقلت عنه عدم نيته الترشح، ورغم ذلك لايزال يتردد اسمه، لأن محمد باقر قاليباف رئيس مجلس الشورى الاسلامى (البرلمان) الحالى، لديه طموح قاليباف ليس جديدًا على أحد فقد ترشح للرئاسة عدة مرات، بدءًا من عام 2005. يعد قاليباف أكثر من كونه تكنوقراطًا بدلًا من كونه أيديولوجيًا، وكان قائدًا فى الحرس الثورى الإيرانى خلال الحرب العراقية الإيرانية، ومن المحتمل أن يحظى بدعم من داخل صفوفه، وتميزت فترة عمله الطويلة كعمدة لطهران (2005-2017) بدرجة من الكفاءة.
وقال مسؤول مقرب من الرئيس السابق روحاني: "مشكلة قاليباف هى أنه يريد ذلك بشدة. الجميع يعرف أنه ليس لديه مبادئ وسيقوم بأى شيء من أجل السلطة". إذا سجل قاليباف للترشح فى انتخابات رئاسية تم تنظيمها بسرعة، فقد يجد مجلس صيانة الدستور صعوبة فى رفضه، نظرًا لارتباطاته العميقة بهياكل السلطة فى إيران. وداخل البرلمان، يواجه قاليباف معارضين من التيار الأصولي.
وبين المرشحين المحتملين الرئيس المتشدد السابق، محمد أحمدي نجاد الذى وعد انصاره بدراسة امكانية ترشحه من عدمه.
المعسكر الاصلاحى
ومن بين الأسماء المطروحة للمشاركة في السباق الرئاسي، مسؤولون سابقون محسوبون على المعسكر الإصلاحي الأكثر اعتدالاً، على غرار وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، أو رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني. وتضم القائمة المحتملة، محمد جواد آذری جهرمی، وزير الاتصالات الشاب فى حكومة الرئيس السابق روحانى، واسحاق جهانجيري، النائب الأول لروحانى.
وشكلت وفاة الرئيس الإيرانى الراحل، إبراهيم رئيسى، مدخلا يعود منه تيار الاصلاحات للمشهد السياسى مجددا، وذلك بعد أن مورس ضده عملية اقصاء جماعى واسعة لكوادره من قبل مجلس صيانة الدستور فى الانتخابات التشريعية (انتخابات البرلمان) التى عقدت مارس الماضى، وحظر المشاركة فى الانتخابات وقتها، لكن الاستحقاق الرئاسى المبكر المقبل يبدو أنه سيغير موازين القوى بين التيارات السياسية.
وفى تقرير سابق ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية لفتت أن جبهة الاصلاحات بدأت فى إعادة ترتيب أوراقها لخوض المعترك الانتخابى، وتعقد اجتماعا لمناقشة كيفية المشاركة فى الاستحقاق الرئاسى، وذلك خلافا لانتخابات البرلمان السابقة التى لم يتم المشاركة فيها.
وشرعن بعض الاحزاب الاصلاحية، بما فى ذلك حزب نداى ايرانيان أى النداى الايرانى، أنشطتها الانتخابية رسميا، ووفقا للمتحدث الرسمى للحزب وأعضاءه فإنه سيعقد اجتماع استثنائى لبحث سياسيا توجهات الحزب تجاه الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفى هذا الإطار، فإنه من بين الوجوه الإصلاحية المحتمل تقديم أوراق ترشحها فى الانتخابات هى : محمد رضا عارف: وهو قيادى إصلاحى شغل منصب نائب الرئيس الإيرانى الأسبق محمد خاتمى، ورئيس ائتلاف اميد "الأمل" الإصلاحى، وحصل على أعلى الأصوات وحل بالمرتبة الأولى فى العاصمة طهران فى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى 26 فبراير 2016.
عبد الناصر همتي: محافظ البنك المركزى، واستاذ فى جامعة طهران، ولديه دكتوراه فى الاقتصاد، ومرشح سابق فى الانتخابات الرئاسية 2012.
ويأتى هذا الاستحقاق فى الوقت الذى تمر فيه إيران بحالة عدم يقين غير مسبوقة، يطبعها هدوء حذر فى الداخل الذى عاش أواخر عام 2022 على وقع مشاهد حركة احتجاجية نادرة إثر وفاة الشابة مهسا أمينى، وحالة ترقب على المستوى الإقليمى بعد أن خرجت الحرب الخفية بين طهران وإسرائيل إلى العلن بعد تبادل الجانبين للضربات المباشرة فى حدث غير مسبوق.