انتقادات واسعة يواجهها الرئيس الأمريكى جو بايدن فى الآونة الأخيرة، قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، فبخلاف الإخفاق الواسع فى إرغام حكومة بنيامين نتنياهو على وقف العدوان على غزة، فضلًا عن الارتباك الممتد على صعيد مواجهة روسيا فى الحرب الأوكرانية، يواجه بايدن العديد من الانتقادات على صعيد الداخل الأمريكى فى ملفات عدة وسط حالة من الارتباك فى صفوف أنصاره، للجوئه لسياسيات مماثلة لتلك التى كان ينتهجها الرئيس السابق دونالد ترامب، والمنافس الحالى فى المعركة الانتخابية.
وفى مقدمة الانتقادات، يأتى ملف الهجرة، حيث وقع أمر تنفيذى يفرض المزيد من القيود على المهاجرين غير الشرعيين، بخلاف الوعود التى بدأ بيها ولايته الرئاسية ودعواته حينها لفرض سياسات أقل تشددًا من تلك التى كان يتبعها الرئيس السابق دونالد ترامب.
وقرر بايدن بموجب الأمر التنفيذى اغلاق الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بالكامل، حيث يؤدى قراره الأخير إلى وقف اللجوء تلقائيا حتى ينخفض متوسط الاعتقالات اليومية للعابرين بشكل غير قانونى إلى أقل من 1500 لمدة أسبوع على التوالى، وهو معدل تم تسجيله للمرة الأخيرة فى يوليو 2020، خلال ذروة كورونا ولم تحمل قيود اللجوء المتعلقة بالوباء والمعروفة باسم الباب 42 أى عواقب قانونية.
وبموجب القرار، سيتم إصدار أوامر ترحيل للمهاجرين، وسيعرضهم ذلك للملاحقة الجنائية خصوصا إذا حاولوا الدخول إلى الأراضى الأمريكية مرة أخرى وفى حال تكررت المحاولة سيتم منعهم من دخول الولايات المتحدة، حتى ولو بشكل قانونى لعدة سنوا وسيتم فحص المهاجرين الذين يعبرون عن خوفهم على سلامتهم إذا تم ترحيلهم من قبل موظفى اللجوء الأمريكيين وإذا نجحوا، فيمكنهم البقاء لمتابعة أشكال أخرى من الحماية الإنسانية، وسيتم اعفاء الأطفال غير المصحوبين بذويهم، مما يزيد من احتمال قيام بعض الآباء بإرسال أبنائهم وبناتهم عبر الحدود بدونهم.
القرار الذى وصفته بوليتكو بالصارم يتشابه مع الذى اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب فى نوفمبر 2018 بتعليق حقوق اللجوء على الحدود الجنوبية فيما يعرف بـ "الباب 42"، وهى مبادرة تم حظرها فى المحكمة فى نهاية المطاف.
وقالت المجلة الأمريكية، إن ما حدث ما هو إلا تذكير آخر بنجاح الرئيس السابق دونالد ترامب فى إعادة صياغة نقاش سياسى حول القضايا الساخنة وحاجة بايدن إلى إعادة تشكيل سياسة الإدارة ردًا على ذلك، وحتى فى الوقت الذى ينبغى أن يكون فيه ترامب فى أضعف حالاته فى أعقاب إدانته فى قضية الممثلة الإباحية، تم إجبار بايدن على اتخاذ موقف أكثر ميلا لسياسة ترامب بسبب نتائج بايدن المنخفضة فى استطلاعات الرأي.
ورغم سنوات من الجدل داخل إدارة بايدن، أبقت الإدارة الديمقراطية على سياسات ترامب تجاه الصين وبعثت مجموعة من الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ وانضم إليهم زعيم الأغلبية تشاك شومر، برسالة إلى بايدن فى أوائل مايو تطلب منه زيادة الرسوم الجمركية على الصين بشكل أكبر.
وردا على ذلك، أعلن بايدن عن زيادات مستهدفة لبعض الرسوم الجمركية الصينية، بما فى ذلك على السيارات الكهربائية وأشباه الموصلات وبعض منتجات الصلب والألومنيوم. قد يكون هذا نهجا أكثر استهدافا من سلفه، لكنه لا يزال يسلط الضوء على أن الحرب التجارية مع الصين تصاعدت منذ أن تولى بايدن منصبه.
وبحسب بوليتكو، يكمن الضعف السياسى لبايدن والديمقراطيين بشأن القضايا التى تشير استطلاعات الرأى انها تشكل مصدر قلق أكبر للناخبين مثل أمن الحدود والاقتصاد، وفقا لمؤسسة جالوب، يعتقد عدد كبير من الأمريكيين أن الهجرة هى أهم ما يواجه البلاد اليوم. وأظهر استطلاع آخر أن الناخبين يثقون بترامب أكثر فيما يتعلق بالهجرة وأمن الحدود بنسبة هائلة بلغت 27 نقطة ويثق الناخبون بترامب أكثر فيما يتعلق بالاقتصاد بمقدار 21 نقطة.
وقالت المجلة أن بايدن أصبح بعيد كل البعد عن نسخة بايدن عام 2021، عندما تولى منصبه بعد فوز شعبى كبير على ترامب وتقلب خمس ولايات رئيسية متأرجحة. واليوم، يتخلف عن ترامب فى معظم استطلاعات الرأى وفى جميع الولايات المتأرجحة.
ولدى بايدن، بطبيعة الحال، الكثير من مجالات الخلاف الواسعة مع الجمهوريين. وتصر إدارته على أن أنظمة الهجرة الخاصة بها تختلف عن أنظمة ترامب، وقال مسؤول كبير فى الإدارة عن أمر الهجرة الذى أصدره بايدن: "هناك عدة اختلافات بين الإجراءات التى نتخذها اليوم وسياسات عهد ترامب لقد هاجمت إدارة ترامب كل جانب من جوانب نظام الهجرة تقريبًا، وفعلت ذلك بطريقة مخزية وغير إنسانية".
ومع ذلك، كشف إعلان بايدن عن انقسامات دائمة بين الديمقراطيين، حيث انتقد بعض المشرعين ذوى الميول اليسارية والمدافعين عن الهجرة الذين يشكلون جزءًا رئيسيًا من ائتلافه تصرفات بايدن باعتبارها عودة إلى الإجراءات التى ميزت فترة ولاية ترامب.
وقالت النائبة الديمقراطية براميلا جايابال، ، إنها تشعر بخيبة أمل شديدة خلال مؤتمر صحفى مع المدافعين عن الهجرة خارج مبنى الكابيتول، وحثت الإدارة على اتخاذ إجراءات من شأنها توفير الراحة للمهاجرين الموجودين بالفعل فى الولايات المتحدة.
وأضافت: "يعنى أن لدينا أشخاصًا، أشخاصًا يائسين يطلبون اللجوء والذين يجب أن يكونوا قادرين على التقدم، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك".
ووصف السيناتور أليكس باديلا، وهو ديمقراطى من كاليفورنيا شارك فى تواصل حملة بايدن مع المجتمعات اللاتينية، الأمر بأنه إحياء لـ "حظر ترامب للجوء" وقال: "يمكنك بناء جدار بالارتفاع الذى تريده. يمكنك أن تجعل طلب اللجوء صعبًا كما تريد لن يؤدى ذلك إلى خفض عدد الأشخاص الراغبين فى القدوم إلى الولايات المتحدة بشكل مستدام”.
ومع ذلك، أشاد ديمقراطيون آخرون بخطوة بايدن باعتبارها إجراء ضروريًا للاستجابة لمخاوف الناخبين والسيطرة على الحدود الجنوبية التى كانت فوضوية فى بعض الأحيان فى السنوات الأخيرة.
ومن المرجح أن يصبح التناقض أكثر وضوحا الآن بعد أن لم يعد ترامب محاصر فى قاعة المحكمة فى مانهاتن، وأصبح بوسعه قضاء المزيد من الوقت فى الحملة الانتخابية. ويعد بالفعل بتغييرات أكثر جذرية فى السياسات المتعلقة بالتجارة والهجرة.