-
عبدالناصر يعلق: يحاولون الوقيعة بينى وبين بابا الأقباط
"إنهم يحاولون الوقيعة بينى وبين بابا الأقباط كيرلس".. كان هذا تعليق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على قضية شغلت الرأى العام حول خطاب قيل أن "البابا كيرلس"، بطريرك الكنيسة المرقسية، أرسله إلى بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل فى يوم 1 يوليو 1960.
وكان من الممكن أن تحدث فتنة بين المسيحيين والمسلمين بسبب هذا الخطاب المزعوم الذى دارت قصته بين القاهرة والقدس وبيروت وبغداد.
وفى كتابه عبد الناصر والبابا كيرلس، يذكر الكاتب الصحفى محمود فوزى القصة كاملة، قائلا أن الخطاب المزور حمل توقيع البابا وسكرتيره، ووكيل عام البطريركية وخاتم الكنيسة، وكان الكلام مكتوبا على ورق تم تزويره ليبدو أنه خاص بالكنيسة.
ويذخر تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالكثير من المواقف والبطولات العديدة للبطاركة على مر العصور فى دعم القضية الفلسطينة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلى بتكذيب أفكاره ومعتقداته التى يستخدمها لصالحه طوال الوقت بمصطلحات شعب الله المختار وأرض الميعاد وغيرها وكذلك محاولات الوقيعة بينهم وبين الدولة المصرية والذى ظهر فى عهد البابا كيرلس السادس مع الرئيس جمال عبدالناصر وكذلك مواقف البابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثانى والذى سيظل معبرًا عن موقف الكنيسة طول الوقت.
نص الخطاب المزور
"وجاء نصر الخطاب المزور كالآتى: من كيرلس السادس المدعو بنعمة الله بابا بطريرك الإسكندرية والنوبة والحبشة والخمس مدن الغربية وجنوب إفريقيا والسودان والشرق الأدنى وسائر الكرازة المرقسية إلى السيد بن جوريون رئيس حكومة إسرائيل المؤيدة بنعمة الرب".
وغننا لا يسعدنا إلا أن نرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله جل وعلا أن يكلأ رجال حكومتكم بعنايته ويحرسكم بقوة واقتدار وعظمة مجده وأن يشتت شمل من يقف فى طريقكم، وان يكون مصيرهم الغرق فى البحر الأحمر، وذلك لأنه بعبادة موسى النبى خلص بنو إسرائيل من عبودية فرعون قديما وشق لهم فى البحر طريقا ونحن ندعو لكم بالنصر على مراوغة القرن العشرين.
وبهذه المناسبة السعيدة لسفر ابننا القمص "مكارى السريانى"، السكرتير الروحى الأول، لحضور مؤتمر الكنائس العالمى فى أمريكا، نبعث لسيادتكم بتحياتنا بشموله بصالح الدعوات، ونأمل أن تكون هذه الرسالة فاتحة خير وبركة للشعب الإسرائيلى كله، كما يسعدنا جدا أن نعتبر هذه الرسالة بمثابة استعطاف سيادتكم بأن تسمحوا للدكتور الأنبا باسيليوس مطران القدس والشرق الأدنى بتحصيل ما يخص الأقباط من إيرادات شهرية تحت رعايتكم، وهذا كل ما طلب على حسب تعليمات سيادتكم ونعمة الرب تشملكم.
الخطاب المزور
اكتشاف الجريمة
وكان قسم شرطة عابدين تلقى محضر رقم 163 من يوسف محمود الشيخ على، صاحب استوديو فريد أمام محكمة عابدين، قال فيه أن شخصا يرتدى الزى الكهنوتى تردد على محله، وعندما سأل العمال عن سبب تردده قالوا له" يكتب شكاوى ويصور ضد البابا كيرلس".
وبتتبع هذا الشخص تبين أنه راهب مطرود اسمه أرمانيوس الأنطونى، واختلس قبل طرده إيرادات حدائق الموز التابعة للكنيسة بالقدس وأريحا، وحين كشفه مطران القدس ضربه وهرب، ولبس العباءة والعقال وتسلل داخل إسرائيل حيث اصطاده الموساد، وعاد إلى القدس ثم جاء إلى القاهرة ليشرع فى جريمته، كما ذكره الكاتب الصحفى سعيد الشحات فى كتابه "ذات يوم.. يوميات ألف عام وأكثر".
أستاذ تاريخ كنسى يروى لحظات القبض على الراهب مزور الخطاب
ويقول القمص يوسف تادرس الحومى أستاذ التاريخ الكنسى أنه عندما تم القبض على الراهب تم استدعاء القمص مكارى السريانى الذى ورد إسمه فى الخطاب والذى أصبح فيما بعد أسقف الخدمات العامة وحينما أستدعوه قال لهم أن هذا الراهب مطرود من الكنيسة وقدم أوراق من البطريركية تثبت هذا الأمر وطلب من النيابة أن تأمره بخلع الزى الكهنوتى الذى يرتديه واستجابت النيابة وبدأت التحقيقات معه وصار هذا الأمر تقليد بين الكنيسة والدولة حتى لا يتجرأ أحد على الزى الكهنوتى وينتحل صفة غير صفته وبعدما تحول الموضوع إلى قضية، وحينما وصل الأمر إلى الرئيس جمال عبدالناصر قال الرئيس إنهم يحاولوا الإيقاع بينى وبين الكنيسة واستندت الكنيسة إلى استخدام كلمة القصر البطريركى فى الخطاب المزور وهى تستخدم دائما كلمة المقر الباباوى وكذلك وجود أختام بجوار ختم البابا وهو منافى للخطابات السابقة واستندوا إلى استخدام كلمة السكرتير الروحى فى الخطاب المزور والكنيسة لا تستخدمها.
وتابع أستاذ التاريخ الكنسى أن البابا كيرلس السادس كان يؤازر عبدالناصر والقضية العربية وكانت كل تصريحات الصادرة من المقر الباباوى تساند هذا الأمر وأرسل إلى إمبراطور أثيوبيا هيلاسلاسى طلب منه تأييد القضية العربية عن طريق مندوبه بالأمم المتحدة وضرورة الوقوف بجانب القضية العربية والفلسطينية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة