مع تشكيل حكومة جديدة فى بريطانيا، يقودها هذه المرة حزب العمال بعد أكثر من 14 قضاها خارج داوننج ستريت، فإن قضايا السياسة الخارجية ستكون فى قائمة أولويات رئيس الوزراء كير ستارمر، لاسيما فى ظل تطورات متلاحقة حول العالم.
ومن بين الملفات الأكثر تحديا التى سيتعين على ستارمر تحديد كيفية التعامل معها، قضية غزة والشرق الأوسط بشكل عام. هذه القضية تحديدا كانت لها أصداء واسعة خلال الحملة الانتخابية، بل وأثرت حتى على نتائج الانتخابات.
فعلى الرغم من الفوز الساحق الذى حققه حزب العمال فى الانتخابات العامة فى بريطانيا، إلا أنه خسر ثلاث مقاعد ذهبت لصالح مرشحين مستقلين مدافعين عن غزة، وتنافس معه بشكل متقارب آخرين، حيث أثرت أزمة الشرق الأوسط على ليلة مبهجة لكير ستارمر، بحسب ما قالت صحيفة الجارديان البريطانية.
وكان جوناثان أشوورث، وزير مكتب حكومة الظل فى حزب العمال أحد أبرز الخاسرين فى ظل تصاعد الدعم للمرشحين المؤيدين للفلسطينيين فى المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية من المسلمين.
وخسر أشوورث مقعده فى ليسر ساوث لصالح المرشح المستقل شوكت أدم، الذى ردد بعد فوزه بفارق ألف صوت: " هذا من أجل غزة".
وفى بلاكبيرن، الدائرة الانتخابية التى كان يشغلها وزير الداخلية السابق جاك سترو، خسرت كيت هولرن من حزب العامال بفارق أقل من 200 صوت أمام المستقل عدنان حسين. وفى ديوسبرى وباتلى، خسرت هيذر إقبال المستشارة السابقة لوزيرة خزانة حكومة الظل راشيل ريفز بفارق 7000 صوت أمام إقبال محمد.
فى المقابل، فاز زعيم العمال السابق، والمستقل حاليا، جيريمى كوربين بمقعد أمام مرشح حزبه السابق، وذلك بعد أن أدار حملته الانتخابية دعما لغزة، فيما وصفته صحيفة بولتيكو الأمريكية بالضربة للعمال.
وتم منع ترشيح كوربين باسم الحزب بسبب تعامله مع معاداة السامية خلال فترة توليه الحزب، ناهيك عن معارضته لحرب إسرائيل فى غزة ودعوته لاعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية.
وكان حزب العمال قد تعهد خلال الحملة الانتخابية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية حال وصوله إلى الحكم. وقال الحزب فى بيان له الشهر الماضى: "إن إقامة الدولة الفلسطينية هى حق الشعب الفلسطينى غير القابل للتصرف، نحن ملتزمون بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كمساهمة فى عملية السلام".
إلا أن صحيفة التايمز قالت فى تقرير لاحق إن ستارمر سيؤجل تنفيذ هذ التعهد خشية أن يقوض الاعتراق علاقة بريطانيا الخاصة مع الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من ستارمر، المتزوج من يهودية متدينة، إن الاعتراف البريطاني بفلسطين كان "عملية من شأنها أن يكون لها التأثير الأكبر، إذا تم ذلك بالتنسيق مع الحلفاء" لكنه نفى أن يؤثر الموقف الأمريكي على توقيت الإعلان.
من ناحية أخرى، يشير الخبراء إلى أن سياسة ستارمر فى الشرق الأوسط سواء ما يتعلق بإيران أو القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الحساسة يرتبط عوامل خارجية، أهمها على الإطلاق نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل، وما إذا كان دونالد ترامب سيعود إلى البيت الأبيض، أم سيظل بايدن رئيسا لفترة ثانية، هذا فى حال استمراره فى السباق الرئاسى بالأساس فى ظل الأزمة التى أثارها أدائه السىء فى المناظرة الرئاسية الاولى.
وذكر تقرير لصحيفة أى نيوز أن القضية الأكثر إلحاحا أمام ستارمر، أنه سيكون هناك أيضا ضغوطا هائلة على حكومة حزب العمال لإعادة تقييم الموقف القانوني بشأن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. وكان خط حكومة المحافظين هو أن الموقف القانوني ظل كما هو، ولكن إذا كان هناك أي دليل على انتهاك إسرائيل للقانون الإنساني الدولي، فإن ذلك سيؤثر على تراخيص التصدير.
وكان حزب العمال قد اتخذ موقفا مختلفا بعض الشيء في المعارضة، وهو أن الحكومة يجب أن تنشر المشورة القانونية، وأن عليها أن توقف المبيعات قبل الهجوم المخطط له على رفح، جنوبي قطاع غزة.