تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الاثنين 8 أبيب الموافق 15 يوليو بعيد القديس الأنبا بيشوى، حيث طَيَّبَ قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، جسد القديس الأنبا بيشوى، بديره بوادى النطرون.
وكان قداسة البابا تواضروس الثانى وصل إلى الدير اليوم، واستقبله الأنبا أجابيوس أسقف ورئيس الدير وعدد من الآباء الأساقفة ومجمع رهبان الدير، حيث صلى قداسته صلاة الشكر، قبل أن يبدأ فى طقس تطييب الأنبوبة التى تحوى جسد القديس، الذى تصفه الكنيسة فى صلواتها بـ "الرجل الكامل الذى غسل رجلي مخلصنا الصالح".
ويمثل الأنبا بيشوى الحياة البسيطة المجاهدة فى المسيح، التي تقوم على شركة الحب مع السيد المسيح في علاقة شخصية تحطم الحواجز.
ووُلد القديس الأنبا بيشوى فى شنشا، وهى قرية بمحافظة المنوفية، حوالى سنة 320 م، وكان أحد 6 إخوة بنين رحل والدهم وقامت والدتهم بتربيتهم، ورأت الأم ملاكًا يطلب منها: "إن المسيح يقول لكِ أعطنى أحد أولادكِ ليكون خادمًا له جميع أيام حياته"، وكانت إجابتها: "هم جميعهم للمسيح يا سيدى، الذى يريده يأخذه"، ومدّ الملاك يده ووضعها على هذا القديس وهو يقول: "هذا فاعل جيد للمسيح"، وإذ كان ضعيف البنية نحيف الجسد سألته أن يختار آخر، وكانت الإجابة: "إن قوة المسيح فى الضعف تكمل".
طريق الرهبنة
وحينما بلغ العشرين من عمره، فى عام 340 م، انطلق الشاب بيشوى إلى برية شيهيت ليتتلمذ على يدى القديس أنبا بموا تلميذ القديس مقاريوس، وعكف القديس على العبادة فى خلوة دامت 3 سنوات لم يفارق فيها قلايته، فنما فى الفضيلة والتهب قلبه حبًا لله.
حياة الوحدة
وحينما رحل الأنبا بموا اتفق تلميذاه أنبا بيشوي وأنبا يحنس القصير أن يقضيا ليلة فى الصلاة يطلبان إرشاد الله، وكان من ثمرتها أن ظهر ملاك لهما وطلب أن يبقى القديس يحنس فى الموضع وحده، فأطاع الأنبا بيشوى وخرج من الموضع مفارقًا صديقه، وصنع لنفسه مغارة بقرب الصخرة القبلية تبعد حوالي ميلين عن القديس يحنس.
جهاده
وإذ كان محبًا للصلاة صنع ثقبًا فى أعلى المغارة جعل فيه وتدًا، وأوثق فيه حبلًا ربط به شعر رأسه، حتى إذا غلبه النعاس وثقلت رأسه يشدها الحبل فيستيقظ، أما من جهة الصوم فصار يتدرب عليه حتى صار يصوم طوال الأسبوع ليأكل يوم السبت، وامتزجت صلواته وأصوامه بحبه الشديد لكلمة الله، فحفظ الكثير من أسفار الكتاب المقدس، وكان لسفر إرميا مكانة خاصة في قلبه، قيل أنه كثيرًا ما كان يرى إرميا النبى أثناء قراءاته للسفر، وقد دُعيّ "بيشوي الإرميائي".
وأما عن العمل اليدوى، فكان يراه جزءًا هامًا لبنيان حياته الروحية، وقد آمن بأن من لا يعمل لا يأكل، وقد روى عنه صديقه القديس يحنس القصير أن أحد الأغنياء جاء إليه بمال كثير يقدمه له، أما هو فقال له: "ليس لسكان البرية حاجة إلى الذهب، وليس لهم أن يأخذوا منه شيئًا، امضِ إلى قرى مصر، ووزعه على الفقراء، الله يباركك". وإذ مضى الرجل، ودخل القديس قلايته لاقاه إبليس وهو يقول: "لقد تعبت معك جدًا يا بيشوي." أجابه بإيمان: "منذ سقطت وتعبك باطل."
تركه برية شيهت
وحينما حدث الهجوم الأول للبربر على برية شيهيت سنة 407 م، هرب الرهبان من البرية؛ ولما سأل القديس يحنس القصير الأنبا بيشوى: "هل تخاف الموت يا رجل الله؟" أجاب: "لا، لكننى أخاف لئلا يقتلنى أحد البربر ويذهب إلى جهنم بسببى".
ومضى الأنبا يحنس إلى جبل القلزم عند دير الأنبا أنطونيوس حيث رحل هناك، ومضى الأنبا بيشوي إلى مدينة أنصنا (قرية الشيخ عبادة بملوي) وسكن فى الجبل هناك حيث توثقت علاقته هناك بالقديس أنبا بولا الطموهي حتى طلب من الرب ألا يفترقا حتى بعد رحيلها، وتحقق لهما ذلك.