يأتى اغتيال إسرائيل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية فى طهران،بـ غارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامة فى إيران هنيه أدت إلى استشهاده، وأحد مرافقيه، لتؤكد تصاعد حروب الظل بين طهران وتل أبيب، ورسالة من الموساد الإسرائيلى تؤكد قدرته على اختراق طهران، مع بدء عهد الرئيس الاصلاحي الجديد مسعود بزشكيان، وتظهر هشاشة الوضع الأمنى فى الداخل.
العقود الماضية، انخرطت كل من إيران وإسرائيل فى حروب ظل، حيث تبادلتا الهجمات السيبرانية، واتبعت إسرائيل استراتيجية الهجوم عن بعد عبر عملاء لها فى الداخل وشرعت في سلسلة من هجمات تخريبية، إذ سعت إلى إلحاق الضرر بالمنشآت النووية الإيرانية كما تم استهداف العلماء النوويين، وكان للاغتيالات النصيب الأكبر فى عمليات تل أبيب ضد طهران لعلماء إيران النووين والعسكريين فى ساحات الاشتباك فى العراق ولبنان وسوريا.
وكانت أشهر هذه العمليات هى اغتيال محسن فخرى زاده، أكبر عالم نووى إيراني، فى عام 2020، وفى يونيو 2010، تم اكتشاف فيروس Stuxnet، الذي يُزعم أن إسرائيل والولايات المتحدة طوّرته، في أجهزة الكمبيوتر في محطة بوشهر للطاقة النووية. وفى أبريل 2011، اكتشفت وكالة الدفاع السيبراني الإيرانية فيروساً يُطلق عليه اسم "النجوم" مصمماً للتسلل إلى منشآتها النووية وإتلافها.
وفى 23 يوليو 2011، تم اغتيال داريوش رضائى نجاد، أستاذ الفيزياء يعمل فى منشأة أبحاث للأمن القومي،وفى مايو 2012، أعلنت إيران أن فيروساً أطلق عليه اسم Flame أصاب أجهزة الكمبيوتر الحكومية، وحاول سرقة البيانات الحكومية. واتهمت إيران نهاية العام الماضى (2 ديسمبر 2023، بقتل شخصية عسكرية رفيعة المستوى هى العميد رضا موسوى فى ضربة صاروخية خارج دمشق، ووُصِف الجنرال موسوي، وهو مستشار كبير للحرس الثوري، بأنه كان مساعداً مقرباً للجنرال سليماني، وقيل إنه ساعد فى الإشراف على شحن الأسلحة إلى حزب الله.
أما طهران فقد استخدمت السنوات الماضية أذرعتها فى المنطقة، وكلاءها فى كل من العراق كالحشد الشعبى ولبنان حزل الله وجماعة الحوثى فى لبنان والجماعات المسلحة الموالية لها فى سوريا، لتنفيذ هجمات تستهداف المصالح الإسرائيلية والأمريكية بالمنطقة.
هكذا بقي العداء بين إيران وإسرائيل السنوات الأربعون الماضية يحكمه قواعد اشتباك لم يستطيع احد الطرفين تجاوز خطوطها الحمراء المتجسدة فى الاستهداف المباشر لأراضى الطرف الآخر، وذلك حتى تاريخ مارس 2024، إذ استهدفت إسرائيل قنصلية طهران لدى سوريا، وقتلت ضباط عسكريين إيرانيين بينهم القيادى البارز اللواء محمد رضا زاهدي، فى توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لإسرائيل حيث هناك جبهة أخرى فى قطاع غزة، وحرب ضروس يشنها الاحتلال منذ نحو 7 أشهر.
عملية القنصلية دفعت طهران لتغيير قواعد الاشتباك، اذ قامت بأول هجوم فى تاريخها على عمق الأراضى الإسرائيلية ومستهدفة أماكن دقيقة - بحسب بيانات الحرس الثورى الإيرانى- بصواريخ من نوع كروز وطائرات بالستية تحمل رؤوس حربية ووابل من المسيرات، وبعد ساعات أعلنت انتهاء عملية عسكرية محدودة فى تل أبيب وسط رعب إسرائيلى واحتماء مسئوليها فى ملاجئ مضادة للصواريخ. وجاء الرد الإسرائيلي ليلة الجمعة 18 أبريل بصواريخ إسرائيلية استهدفت موقعا في إيران.
واستهدفت إسرائيل مواقع عسكرية قرب أكبر قاعدة لسلاح الجو الإيراني في أصفهان وقاعدة شكاري وسط البلاد، على بعد 120 كيلومتراً من منشأة نطنز النووية الحساسة، هجوم بحسب مراقبين محدود في مداه ورمزي في دلالاته جاء لضبط معادلة الردع دون اللجوء لحرب مفتوحة، حيث ارسلت إسرائيل رسالة من خلاله إلى إيران بأنها غير مقيدة دون إثارة المزيد من التصعيد ولم تعلن عنه رسميا لعدم اثارة أو استفزار طهران، لكن فى الوقت نفسه يحفظ ماء الوجه للتل أبيب ويؤكد بما لا يدع مجالا للشكل أن عهد حروب الظل والاغتيالات بين الطرفين قد ولى والحديث اليوم بات حول هجمات عسكرية مباشرة محدودة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة