كانت ولاتزال مصر ملاذًا آمنا، لكن الأشقاء الذين تقطعت بهم السبل، وكانوا ضحايا الحروب والنزاعات، لجأوا ليجدوا أذرعها مفتوحة أمامهم، وشعب مضياف، عقب اندلاع حربا ضروس بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع السودانية، ومنذ الوهلة الأولى قدمت مصر جهودا مكثفة لاحتواء الأزمة السودانية على مختلف الأصعدة والمسارات، السياسية والدبلوماسية وحتى الإنسانية.
على الصعيد الإنسانى، لم تتخل مصر عن أشقائها، بل فتحت أبوابها للشعب السودانى للفرار من جحيم الحرب، وما خلفه من مشاهد دمار وترويع، حيث أعلنت مصر استقبال أكثر 95 ألف نازح سوداني منذ اندلاع الحرب حتى مايو 2023، من منفذي قسطل وأرقين.. ولا تزال تواصل تقديم المزيد من الدعم للأشقاء.
الدور الإنسانى الذى لعبته مصر تجاه الأشقاء السودانيين حظي بإشادة سودانية، حيث أكد نائب سفير السودان بالقاهرة عمر الفاروق سيد كامل، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أولى رعاية واهتماماً كبيراً للسودانيين فى مصر، حيث قدمت القاهرة دعماً غير محدود لأشقائها الذين لجأوا إليها فى كافة المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وقال نائب سفير السودان بالقاهرة - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، الجمعة، إن الدولة المصرية قدمت كل التسهيلات والمساعدات فيما يتعلق بالوجود السوداني في مصر والذي أصبح متزايداً في الآونة الأخيرة نظراً لظروف الحرب التي يمر بها السودان.
ونوه بأن كل السودانيين الموجودين في مصر يشعرون بأنهم بين أهلهم وفي وطنهم الثاني، مثمناً حرص الدولة المصرية على معاملة كافة الضيوف لديها معاملة المواطنين المصريين وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم.
وفى السابق، أشاد القنصل العام فى السودان في محافظة أسوان السفير عبدالقادر عبدالله محمد بالدور الذى لعبته مصر على مدار العام الماضى، وقام بقديم الشكر للسلطات المصرية في محافظة أسوان ومحافظات الصعيد الست علي حسن استضافتهم لأشقائهم من السودان الذين وصلوا مصر بعد اندلاع حرب تمرد مليشيا الدعم السريع على القوات المسلحة والدولة السودانية في أبريل الماضي.
ووفقا لوكالة الأنباء السودانية سونا، قال السفير عبدالقادر في تصريحات إعلامية بمقر القنصلية في أسوان أن محافظة أسوان حكومة ومواطنين ومنظمات وجمعيات ترجموا توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي في فتح مؤسساتهم ومنازلهم وتسخير امكاناتهم لاستقبال أشقائهم السودانيين مشيداً بـ مبادرة الأشقاء السودانية المصرية لدعم الأسر السودانية التي تضم مجموعة من المتطوعين السودانيين والمصريين لخدمة السودانيين المتأثرين بالحرب.
وأضاف السفير أن وزارة الصحة المصرية قد وجهت فرقها الطبية وعياداتها المتنقلة منذ الاسبوع الأول للمعابر الحدودية للقيام بما يلزم وكذلك جمعية الهلال الأحمر إضافة إلى أن مستشفي أسوان الجامعي والمستشفيات الأخرى قد فتحوا أبوابهم لعلاج السودانيين مجاناً وكذلك للأطباء السودانيين لقضاء فترة الامتياز مضيفاً أن جامعات أسوان، قنا، أسيوط والوادي الجديد، سوهاج والاقصر تضم مئات الطلاب السودانيين في شتى المجالات.
وأشار القنصل إلى نماذج ناجحة للتعاون المشترك بين البلدين متمثلة في هيئة وادي النيل للملاحة ومشروع مكافحة الملاريا المشترك بين البلدين والاكاديمية العربية للنقل البحري التي تضم بعض الطلاب السودانيين. وختم السفير عبدالقادر تصريحاته بأهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية ممثلة في استمرارية التجارة الحدودية.
ولعبت مصر دور محوري منذ اندلاع الأزمة منتصف أبريل 2023، حيث نجحت لم شمل الفرقاء والقوى السياسية السودانية، وما أهلها لهذا الدور هو وقوفها على الحياد بين طرفيها، فنجحت لأن تكون طرفا مقبولا تثق فى رؤياه القوى السياسية السودانية لأجل إنهاء النزاع، وهو ما ترجم على أرض الواقع خلال المؤتمرات العديدة التى استضافتها بمشاركة جميع القوى السياسية كان آخرها مؤتمر القوى المدنية السياسية يوليو الماضى، تحت عنوان معا لوقف الحرب فى السودان، فى العاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة.
وحظى الدور المصرى بإشادة سودانية، فقد أشاد إعلام السودان باجتماعات القوى السودانية فى القاهرة، واعتبرتها خطوة لكسر الحاجز النفسي وبناء الثقة بين فرقاء جلسوا تحت سقف واحد لأول مرة منذ اندلاع الحرب. كما أشاد النشطاء السودانيون من بينهم عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير سلمى نور، بالدور المصرى.
وكانت القاهرة احتضنت قمة دول جوار السودان فى 13 يوليو 2023، لبحث سُبل إنهاء الصراع والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، وفى سبتمبر 2023 عُقد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك. وفى نوفمبر 2023، احتضنت مصر، مؤتمر "القضايا الإنسانية في السودان 2023"، بحضور أكثر من 400 مشارك وجرى خلالها التوافق على الدعوة إلى "توسيع مظلة القوى الداعمة لإيقاف الحرب في السودان".
كما حظى بإشادة أمريكية، فقد أشار المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، خلال مباحثات جنيف التى عقدت اغسطس الجاري بالدور المصرى قائلا :"يشرفني أن أرحب بالوفد المصري لإجراء محادثات حاسمة حول الأزمة السودانية. وأنا ممتن للقاهرة لكونها شريكا استراتيجيا في جهودنا المشتركة لإنهاء الصراع ومعالجة الأزمة الإنسانية. ونتطلع إلى دورهم الحيوي في دفع هذه المناقشات الدبلوماسية قدما".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة