جاء نابليون بونابرت بحملة شهيرة إلى مصر، لكنه عادر مصر في 22 أغسطس من سنة 1799، فلماذا غادر، وكيف كان حال جيشه؟
يقول كتاب تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قُبيل الوقت الحاضر لـ عمر الإسكندري وسليم حسن:
انقطاع المواصلات عنه بمصر بعد تدمير أسطوله بموقعة "أبوقير البحرية"، وعجزه عن الاستيلاء على عكا التي هي في نظره مفتاح الشرق، وضياع أمله في فتح الهند؛ كل ذلك ملأه يأسًا، وذهب أدراج الرياح ما كان له من الآمال في تكوين دولة عظيمة بالمشرق، ثم إن «السير سدني سمث» كان قد أرسل إليه طائفة من الصحف الأوروبية، فقرأ فيها أن الحرب تجددت بين فرنسا والنمسا، وأن الأخيرة استردت شمالي إيطاليا الذي كان قد استولى عليه هو قبل مجيئه إلى مصر؛ فعوَّل في الحال على أن يعود إلى فرنسا سرًّا، فغادر مصر يوم (١٩ ربيع الأول سنة ١٢١٤ﻫ/٢٢ أغسطس سنة ١٧٩٩م) بعد أن عهد بقيادة الجيش للقائد «كليبر".
خرج نابليون من مصر وترك الجيش الفرنسي تهدده الأخطار من كل جانب؛ إذ كان عدده قد نقص كثيرًا في معارك الشام وغيرها، ودبَّ السخط في نفوس الجند وقلَّت أموال الخزينة، وأصبح الجيش في حاجة إلى الذخيرة والملابس، وأرسلت الدولة العثمانية جيشًا آخر إلى العريش يقوده الصدر الأعظم، وأسطولًا إلى دمياط؛ تريد إعادة الكَرَّة على مصر، هذا إلى أن المماليك عادوا إلى مكافحة الفرنسيس. نعم، إنهم في جمادى سنة ١٢١٤ﻫ هادنوا المماليك الذين كانوا قد تغلبوا على معظم الصعيد بزعامة رئيسهم مراد بك، بأن ولَّوْا مرادًا حكم بلاد الصعيد، بشرط أن يكون خاضعًا لسلطتهم مستعدًّا لمعونتهم، ولكنه كان متربصًا بهم النوازل حتى يستبد في قومه بملك مصر.