الانتخابات الأمريكية
.. تتم عملية انتخاب الرئيس الأمريكى من خلال عدة مراحل لا يعرفها الكثيرون ضمن نظام انتخابى يعد فريدا من نوعه، بل ومن أعقد النظم الانتخابية فى العالم رغم سهولته الظاهرية، وفى هذا التقرير نسلط الضوء مع حضراتكم على الجوانب المختلفة لهذا النظام الانتخابى الرائد من خلال النقاط التالية:
قواعد انتخاب الرئيس فى الولايات المتحدة الأمريكية
يشترط فيمن يترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة أن يكون من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية، وأن لا يقل عمره عن 35 عاماً، وأن يكون مقيما فى الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 14 سنة على الأقل.
كما يشترط توافر نفس الشروط فيمن يترشح لمنصب نائب الرئيس، إضافة إلى شرط عدم جواز أن يكون نائب الرئيس من نفس الولاية التى ينتمى إليها الرئيس وذلك بموجب التعديل الثانى عشر للدستور الأمريكى.
ويتم انتخاب الرئيس الأمريكى ونائبه كل أربع سنوات، وخلافا لما يعتقده الكثيرون فإن الناخبين الأمريكيين لا يقومون بانتخاب رئيسهم مباشرة، بل يتم حسم الانتخابات عن طريق للهيئات الانتخابية أو المجمع الانتخابى (Electoral College) التى تتكون من 538 مندوباً. وهذا العدد يوازى عدد أعضاء الكونجرس الأمريكى بمجلسيه النواب والشيوخ، علاوة على ثلاثة أعضاء من مقاطعة كولومبيا التى يوجد بها العاصمة واشنطن على الرغم من أنها لا تملك أى تمثيل انتخابى فى الكونجرس.
ويكون لكل ولاية أمريكية داخل هذا المجمع الانتخابى عدد معين من الأصوات بحسب عدد سكانها وعدد النواب الذين يمثلونها فى الكونجرس.
فعلى سبيل المثال: يكون لولاية كاليفورنيا –وهى أكبر الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان- 55 مندوبا فى المجمع، فى حين يكون لولاية فلوريدا 27 مندوبا، بينما يكون لولاية كارولينا الشمالية ثلاثة مندوبين فقط. ويحتاج الفائز بمنصب الرئيس من بين المرشحين إلى الحصول على 270 صوتا على الأقل من مجموع أصوات أعضاء الهيئات الانتخابية (أو المجمع الانتخابي).
وتجرى الانتخاب وفقاً لقاعدة أن الولاية تعتبر دائرة انتخابية واحدة، بحيث أن المرشح الذى يحصل على أغلبية أصوات الناخبين فى إحدى الولايات يحصل على جميع أصوات أعضاء المجمع الانتخابى الممثلين لهذه الولاية بغض النظر عن نسبة الأصوات الشعبية التى حصل عليها فى تلك الولاية، فعلى سبيل المثال: إذا حصل أحد المرشحين على أغلبية بسيطة فى ولاية كاليفورنيا، فإنه يفوز بجميع أصوات المجمع الانتخابى للولاية البالغ عددها 55. وذلك باستثناء ولايتى نبراسكا وماين، اللتين تطبقان نظاما نسبيا. بحيث يحصل كل مرشح على عدد من أصوات أعضاء المجمع الانتخابى يتناسب مع عدد ما حصل عليه من أصوات الناخبين.
وتجدر الإشارة إلى أنه يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن أمريكى بلغ سن الثامنة عشرة، شريطة أن يستوفى شروط الإقامة المفروضة فى الولاية التى يتبعها والتى تختلف من ولاية إلى أخرى، وأن يلتزم بالمواعيد النهائية المحددة لتسجيل الناخبين.
كيفية تشكيل الهيئة الانتخابية (المجمع الانتخابي)
الهيئة الانتخابية هى تقليد دستورى أمريكى يعود للقرن الثامن عشر. ويقصد بها مجموعة المواطنين الذين تعينهم الولايات للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائبه نيابة عن جميع المواطنين فى الولاية. لذلك فإن الهيئة الانتخابية تمثل نموذجا لإجراء انتخابات غير مباشرة، وذلك خلافا للانتخابات المباشرة التى تتم من قبل مواطنى الولايات المتحدة الأمريكية لاختيار أعضاء مجلس النواب.
وتختلف عملية اختيار أعضاء الهيئة الانتخابية من ولاية إلى أخرى، ولكن تقوم الأحزاب السياسية عادةً بتسمية أعضاء الهيئة الانتخابية خلال مؤتمرات حزبية أو من خلال التصويت فى اللجنة المركزية للحزب.
ويتم تعيين الهيئة الانتخابية من قبل كل ولاية استناداً إلى الدستور الأمريكى والمجلس التشريعى لكل ولاية على حدة، حيث يقوم الناخبون فى كل ولاية باختيار أعضاء الهيئة الانتخابية فى يوم إجراء الانتخابات العامة، لذلك فإنه -من الناحية الفنية- يكون المجمع الانتخابى -وليس الناخبين- هو من ينتخب الرئيس، وذلك مع ملاحظة أن عمليتى التصويت مرتبطتين بشكل وثيق.
إدارة عملية انتخاب الرئيس فى الولايات المتحدة الأمريكية
تتولى كل ولاية أمريكية – بنفسها- مسؤولية تنظيم وإدارة عملية انتخاب الرئيس، حيث تقوم كل ولاية بتعيين مدير انتخابات تناط به مهمة فرز أصوات الناخبين، أما مهمة تنظيم الانتخابات فإنها تناط بالدوائر الانتخابية فى كل ولاية، حيث تضع هذه الدوائر ضوابط الاقتراع وتحدد أوقات فتح مراكز التصويت وإقفالها، كما تحدد طريقة التصويت: إلكترونى أو تقليدى (يدوي).
أما من الناحية المالية، فإن هذه الانتخابات تكلف بعض الدوائر الانتخابية ملايين الدولارات، حيث تتحمل الولايات عبء تمويل الانتخابات، ولا تحصل إلا على دعم ضئيل من الحكومة المركزية.
مراحل انتخاب الرئيس فى الولايات المتحدة الأمريكية
يتم انتخاب الرئيس فى الولايات المتحدة الأمريكية عبر عدة مراحل، تبدأ بانتخابات التصفيات داخل الأحزاب السياسية وتنتهى بمرحلة انتخابات الهيئة الانتخابية. وذلك على النحو التالي:
المرحلة الأولى: وفيها يشكل الراغبون فى الترشح لجنة استكشافية (أو لجنة استطلاع) لحشد التأييد لأنفسهم بين أنصارهم فى الحزب، ويحصلون على ضمانات من المانحين بتقديم إسهامات مالية لحملاتهم الانتخابية. وإذا اعتقدوا أنهم يتمتعون بتأييد يكفى لخوضهم الانتخابات يخطرون السلطات الفيدرالية باعتزامهم ترشيح أنفسهم، لتأتى بعد ذلك عمليات جمع الأموال وخوض سباق الانتخابات الحزبية.
المرحلة الثانية: وفيها يتم اختيار مرشح الحزب الذى سيخوض الانتخابات الرئاسية أمام مرشحى الأحزاب المنافسة. حيث يتعين على الناخبين المؤيدين لأحد الأحزاب السياسية أن يختاروا مرشح الحزب من بين عدد من مرشحى هذا الحزب.
وتبدأ الانتخابات التمهيدية (التصفية) فى الولايات الأمريكية فى شهر يناير من عام الانتخابات، حيث يخوض المرشحون منافسة ضد زملائهم من أعضاء نفس الحزب للفوز بترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية.
ويقوم أعضاء وفود الحزب القادمة من الولايات المختلفة والمشاركة فى المؤتمر القومى للحزب الذى يعقد عادة فى الصيف باختيار المرشح النهائى للانتخابات. وفى انتخابات التصفيات يختار الناخبون أعضاء هذه الوفود الذين يعلنون غالباً تأييدهم لمرشح معين، ويحتاج المتنافسون على ترشيح الحزب إلى أغلبية من هؤلاء الأعضاء فى مؤتمر الحزب للفوز بالترشيح.
وتستخدم بعض الولايات مثل “ولاية أيوا” نظام المؤتمر الحزبى بدلا من نظام انتخابات التصفيات لاختيار أعضاء الوفد الذى سيمثل الولاية فى المؤتمر القومى للحزب. وفى انتخاباتات
التصفيات يختار الناخبون الأعضاء الذين يؤيدونهم أما فى ولايات نظام المؤتمر الحزبى فيتم اختيار الأعضاء عبر عدة مراحل.
المرحلة الثالثة: وفيها يتم تنظيم مؤتمرات الأحزاب والتى تعد واحدة من أكثر الأحداث إثارة فى السياسة الأمريكية. حيث يصل وفد كل ولاية إلى القاعة التى يعقد فيها المؤتمر القومى للحزب يحمل لافتة عليها اسم مرشح الحزب الذى يتمتع بتأييده. وعادة يكون الحزب قد كون فكرة عن مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية بحلول هذه المرحلة. ويقوم وفد كل ولاية باختيار مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية رسميا.
ويفوز بترشيح الحزب المرشح الذى يختاره أكبر عدد من الوفود، كما يحصل على دعم منافسيه داخل الحزب أيضا، ثم يقوم المرشح الفائز باختيار نائبا له يخوض معه حملته الانتخابية.
المرحلة الرابعة
وفيها يكثف المرشحون المتنافسون من الأحزاب السياسية الأمريكية المختلفة تركيزهم على الحملة الانتخابية. وتعاد صياغة سياسات كل مرشح لتأخذ فى الاعتبار مطالب أنصار منافسيه السابقين داخل حزبه. وهذه المرحلة من سباق الانتخابات تستغرق وقتا أقصر مما تستغرقه انتخابات التصفيات داخل الأحزاب.
وفى الأسابيع الأخيرة يركز المرشحون اهتمامهم على ما يعرف بالولايات “الغامضة”. ويقصد بها الولايات التى لم يتضح بعد أى مرشحين ستؤيد فى الوقت الذى يستعدون فيه لانتخابات الهيئة الانتخابية الحاسمة.
المرحلة الخامسة
ويطلق على هذه المرحلة “الانتخابات العامة”، وتجرى هذه المرحلة –دائما- فى أول يوم ثلاثاء يلى أول يوم اثنين فى شهر نوفمبر ويُطلق عليه “الثلاثاء الكبير”. حيث يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة البلاد. ثم تفرز الأصوات وتعلن النتائج الأولية للانتخابات –عادة- خلال 12 ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع.
وبعد فرز الأصوات تنتقل العملية الانتخابية إلى الهيئة الانتخابية، حيث يجتمع أعضاء المجمع الانتخابى للتصويت على اختيار الرئيس ونائبه فى أول يوم اثنين فى أعقاب ثانى يوم أربعاء فى شهر ديسمبر فى سنة الانتخاب. مع ملاحظة أنه ليس هناك ما يلزم أعضاء الهيئة الانتخابية –قانونا- باختيار المرشح الفائز أو الاختيار وفقا لميولهم السياسية. ومن الناحية العملية، لم يحدث أن خالف أعضاء الهيئة الانتخابية اختيار سكان ولاياتهم.
وفى حالة عدم حصول أى من المرشحين للرئاسة على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية (أى 270 صوت)، وأيضا فى حالة عدم حصول أى من المرشحين لمنصب الرئيس على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية، يتوجب على مجلس النواب أن يقرر المرشح الفائز، حيث يقوم أعضاء مجلس النواب بالإدلاء بأصواتهم لاختيار المرشح الفائز بمنصب الرئيس، ويكون لكل عضو صوت واحد.
أما فى حالة المرشحين لمنصب نائب الرئيس، فيتوجب على مجلس الشيوخ أن يقرر المرشح الفائز، حيث يقوم أعضاء مجلس الشيوخ بالإدلاء بأصواتهم لاختيار المرشح الفائز بمنصب نائب الرئيس، ويكون لكل عضو صوت واحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة