رحل عن عالمنا، اليوم، الأحد، الكاتب اللبناني الكبير إلياس خوري، عن عمر يناهز 76 عاما، بعد مسيرة أدبية حافلة بالأعمال الرائعة، ويعد الراحل من أبرز الكتاب اللبنانين، حيث كتب عشر روايات ترجمت إلى العديد من اللغات وثلاث مسرحيات وسيناريوهات، وله العديد من الكتابات النقدية. عمل في تحرير عدة صحف لبنانية، ومن أشهر روايات الراحل إلياس خوري:
باب الشمس
فى "باب الشمس" يمضى إلياس خورى بسرد مسيرة المطر والموت والوحل، تهجير ومخيمات وأناس يحلمون بالحياة، يحلمون بالوطن ولكن نهيلة تقول لن يكون هناك وطن قبل أن نموت جميعاً، والآن ماتت نهيلة ومات ذاك المريض وماتت شمس، شخصيات ثلاث تطوق بأبعادها الإنسانية الفلسفية أحداق الأحداث، تلفها بصمت بليغ، لم يترجم معانيه سوى دموع المآقى والمطر.
ينسج إلياس خورى من كسر الحكايات الشخصية للفلسطينيين مادة روايته مقيما معمارا تتداخل فيه حكايات شخصياته وتتراكب ويضيء بعضها بعضا ويوضح البقع الغامضة فى بعضها الآخر، واذا كانت الحكاية المركزية فى الرواية هى حكاية يونس الأسدى، الرجل الذى يرقد فى مستشفى الجليل فاقدا وعيه، فإن حكاية الراوى نفسه، أو حكايات أم حسن وعدنان أبو عودة ودنيا وأهالى مخيم شاتيلا، لا تقل مركزية عن تلك الحكاية الأساسية التى تشد الحكايات الأخرى الى بعضها بعضا، والتى يقوم الكاتب بتضمينها فى جسد حكاية يونس الأسدى وتوزيعها على مدار النص للوصول فى النهاية الى لحظة الموت وصعود الحكاية الى أعلى، والى سدة التاريخ المخادع الذى يهزم الكائنات.
اسمى آدم
يروي الكاتب الفلسطيني "إلياس خوري" فى رواية "أولاد الجيتو - اسمي آدم" حكاية "آدم دنون"، المهاجر الفلسطيني إلى نيويورك، الراوي الذى حاول أن يكتب رواية، ومن ثم ينتقل إلى كتابة حكايته الشخصية، فيروي عن طفولته في مدينة اللد التي احتلّت عام 1948 قبل طُرد أغلب أهلها وسكانها وكيف بقيت والدته مع رضيعها في المدينة المحتلة، في ملحمة درامية عن الصمود أمام المحتل وصمت الضحايا.
سينالكول
يقدم لنا الكاتب تصويرًا شفافًا للمجتمع اللبنانى بمختلف طبقاته خلال الحرب الأهلية اللبنانية التى تأخذ حيزا من التشخيص يجعلها أحد أبطال وشخصيات هذه الرواية.
هناك محور وهو عائلة الصيدلى "نصرى الشماس" وولداه "كريم" و"نسيم" ولكن هناك عدد كبير من الشخصيات والأحداث الجانبية التى تدخل فى سياق السرد، يعبر الكاتب عن ضياع الفرد والقيم فى أتون الحرب. وكل المشاريع التى تحلم بها الشخصيات والبطل كريم تبوء بالفشل، وينتهى أصحابها بالهروب إلى فرنسا، الهروب الذى لا يمكنه محو ذاكرة المجتمع بكل مآسيه.
أولاد الغيتو
يعتمد الكاتب إلياس خورى فى روايته "أولاد الغيتو" والصادرة عن دار الآداب اللبنانية والفائزة بجائزة كتارا، على سرد حادثة، يوحى بأنها واقعية حصلت معه فى نيويورك، حيث تقوده طالبته سارانج إلى مطعم فلافل، ويلتقى هناك آدم دنون الذى يغلف شخصيته بضبابية ما، يقدم نفسه إسرائيليا فى الوقت الذى يكون فيه فلسطينيا بالأصل.
و"تتطرق رواية "أولاد الغيتو" لمواضيع شيقة من بينها الذاكرة والهوية والكتابة والأدب وعلاقته بالواقع وبالتوثيق التاريخي، فتتقاطع لتشكل سؤالاً واحداً هو جوهر الكتاب: ما هي الوسيلة للتكلم عن أهوالٍ اختار ضحاياها الصمت، وهى، علاوة على ذلك، أهوال لم يوثّقها التاريخ سوى جزئياً؟ .
يالو
وتدور أحداث رواية إلياس خورى فى عام 1993 وتبين كيف غيرت الحرب كل المعايير الاجتماعية، فنرى أن بطل الرواية السريانى يالو (دانيال) الذى تحمِل الرواية اسمه لا يستطيع فهم وجوب تلقيه العقاب بسبب بضع جرائم اغتصابٍ وسرقةٍ قام بها، فى حين جرى اغتصاب وذبح آلاف النساء والرجال من حوله. يبدو بالنسبة ليالو بطل الرواية أنَّ عدد النساء اللاتى تركهن يمضين بسلام يفوق أهمية عدد اللاتى اغتصبهن.
ويسرد خورى من منظور "يالو" قصة مقنعة تمامًا عن طفولة يالو، وعن فترة ذهابه إلى المدرسة، وانضمامه إلى القوات غير النظامية، وهروبه إلى فرنسا، وعودته إلى لبنان، ويُبرز فى الوقت نفسه وبشكلٍ متكررٍ أنَّ محيطه قد عايش "الأحداث" بشكل مختلف، وغالبًا ما يعيش يالو وسط فهمٍ خاطئٍ للوقائع، وما يريد التكتم عنه يجد دائمًا طريقًا للإفلات منه.