تمر اليوم الذكرى حصار صلاح الدين الأيوبي لمدينة القدس، أثناء حقبة الحروب الصليبية على الشرق، وضمن حروبه لاستعادة بيت المقدس من أيد الصليبيين، حيث استطاعت قوات صلاح الدين قبلها في استعادة جميع المدن الساحلية كلها تقريباً جنوبي طرابلس، عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان وقطع اتصالات مملكة القدس اللاتينية مع أوروبا، كذلك استولى على أهم قلاع الصليبيين جنوبي طبرية، ما عدا الكرك وكراك دي شيفاليه (قلعة الحصن).
وفي النصف الثاني من سبتمبر 1187 حاصرت قوات صلاح الدين القدس، ولم يكن بمقدور حاميتها الصغيرة أن تحميها من ضغط 60 ألف رجل. فاستسلمت بعد ستة أيام، وفي 2 أكتوبر 1187 م فتحت الأبواب وخفقت راية السلطان صلاح الدين الصفراء فوق القدس.
في نوفمبر 1188 م استسلمت حامية الكرك، وفي أبريل - مايو 1189 استسلمت حامية كراك دي مونريال، وكان حصن بلفور آخر حصن يسقط، ومنذ ذلك الحين صار ما كان يعرف بمملكة القدس اللاتينية بمعظمها في يد صلاح الدين، ولم يبقَ للصليبيين سوى مدينتي صور وطرابلس، وبضعة استحكامات، وحصن كراك دي شيفاليه (قلعة الحصن) في شرق طرطوس. وقد أدى سقوط مملكة القدس إلى دعوة بابا روما إلى بدء التجهيز لحملة صليبية ثالثة، والتي بدأت عام 1189م.
عامل صلاح الدين القدس وسكانها معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون، قبل ذلك بـ100 عام تقريباً، حيث قتل الصليبيون آنذاك كل أهالي القدس من رجال وكهول ونساء وأطفال، و70 الفاً آخرين قتلوهم في ساحة المسجد الأقصى. فلم تقع من صلاح الدين أي قساوة لا معنى لها ولا تدمير، ولكنه سمح لهم بمغادرة القدس في غضون 40 يوماً، بعد دفع فدية عن كل رجل وامرأة وطفل، وأظهر صلاح الدين تسامحاً كبيراً مع فقراء الصليبيين الذين عجزوا عن دفع الجزية.