ما زال حادث لبنان، إثر تفجيرات الآلاف من أجهزة البيجر، يثير العديد من التساؤلات حول كيفية يتم اختراق جهاز البيجر، خاصة أنه من الأجهزة الذكية الآمنة التي يصعب اختراقها مقارنة بالهواتف الذكية.
السيناريو الأول يؤكد: الأجهزة صُممت عمدًا للانفجار عند تشغيلها
غموض كبير وراء واقعة تفجيرات البيجر، فكيف تم اختراق هذه الأجهزة في يد أعضاء جماعة حزب الله، في وقت واحد، بهذه الآلية، فهل تم استهداف الأجهزة خلال عملية التوريد وتم وضع مواد متفجرة بداخلها، أم أن الخدعة كانت في عملية التصنيع، ما يشير إلى تواطؤ الشركة التايوانية المصنعة، أم حدث اختراق للموجات انتهت بتفجير الأجهزة من خلال ثغرة فنية.
وطبقًا لتقرير نشر في موقع CNN، فإن حادث تفجيرات لبنان كان عملية مشتركة بين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي، حيث أكد الخبراء، أن الانفجارات كانت على الأرجح ناجمة عن العبث بالأجهزة وليس نظرية أخرى لخرق الأمن السيبراني مما تسبب في تسخين بطاريات الليثيوم وانفجارها.
وأوضح التقرير، أن أجهزة النداء هي أجهزة لاسلكية يمكنها إرسال رسائل دون اتصال بالإنترنت، وقد يتسبب تلف البطارية المستخدمة في هذه الأجهزة وهي بطاريات الليثيوم، في حدوث انفجارات، لكن ما بهذا الشكل التي حدثت في لبنان فهناك استبعاد كبير لشبه أن يكون انفجار البطاريات نتيجة عوامل خارجية السبب في الحادث، مما يؤكد السيناريو الذى يزعم أن الأجهزة صُممت عمدًا للانفجار عند تشغيلها.
وقال بابتيست روبرت، باحث في الأمن السيبراني والرئيس التنفيذي لمختبر بريديكتا، إنه بدلاً من تعرض أجهزة النداء للاختراق، فمن المحتمل أن تكون قد تم تعديلها قبل الشحن، مؤكدا أن حجم الانفجار يبدو أنه هجوم منسق ومتطور.
وقال مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة الاستشارات الأمنية وإدارة المخاطر Le Beck International، إن الانفجار ربما كان ناتجًا عن تعديل الأجهزة وليس هجومًا إلكترونيًا، مما يشير إلى حدوث اختراق كبير جدًا لسلسلة توريد حزب الله لهذه الأجهزة.
رابطة الحماية من الحرائق تنفي: تلف البطاريات لايحدث انفجار بهذا الحجم
وكشف تقرير صادر عن الرابطة الوطنية للحماية من الحرائق، أن بطاريات الليثيوم، قد يظهر عليها علامات التلف التي تسبب في حدوث انفجارات لكن قد يحدث ذلك لعشرات الأجهزة، لكن حدوث تلف في البطاريات في آلاف الأجهزة ليس وارد على الإطلاق.
السيناريو الثاني: إشارة مشفرة عبر الراديو وراء حادث تفجيرات البيجر
وفي سيناريو آخر، ورد في تقرير نشر في وكالة voanews، أكد أن انفجار أجهزة البيجر لدى جماعة حزب الله، وقع عند تلقي إشارة مشفرة تنتقل عبر تردد الراديو، وقد تم توصيل أجهزة النداء المزورة لحزب الله بنظام نداء لاسلكي يتم فيه إرسال إشارات مشفرة عبر تقنية التردد اللاسلكي، أو RF، من أجهزة الإرسال إلى أجهزة النداء، والتي لا تستطيع إلا استقبال وفك تشفير إشارات RF.
كيف تتم عملية الإرسال في أجهزة النداء اللاسلكي "البيجر"؟
وأوضح التقرير، أن عملية إرسال الإشارة في نظام النداء الاسلكي تبدأ لمنطقة واسعة بإدخال المرسل رسالة أبجدية رقمية في محطة نداء مركزية، تُعرف أيضًا باسم وحدة تحكم الإرسال أو جهاز بدء النداء، ثم يتم تشفير هذه الرسالة في إشارة تردد لاسلكي يرسلها جهاز التحكم إلى شبكة من أبراج الإرسال، والتي تنقل الإشارة إلى مشتركي النداء الموجودين ضمن نطاق جغرافي معين من الأبراج.
وعندما يتم تشغيل أجهزة النداء، تلتقط الهوائيات المدمجة بها إشارة التردد اللاسلكي وتغذيها إلى أجهزة استقبال لاسلكية داخلية، والتي ترسل المعلومات المشفرة إلى المعالجات التي تفك تشفير الرسالة الأبجدية الرقمية الأصلية المرسلة من وحدة التحكم وتعيد إنتاجها.
وكشف التقرير، إنه إذا تم ضبط أجهزة النداء أو برمجتها لتلقي الرسالة، فإنها تُعلم المستخدمين بالرسالة الواردة عن طريق إصدار صوت تنبيه أو اهتزاز وعرضها على الشاشة.
معهد الأمن القومي بجورج ماسون يؤكد: تمت برمجة أجهزة البيجر لتنفجر في وقت واحد
وقال برايسون بورت، وهو خبير أمني في معهد الأمن القومي بجامعة جورج ماسون ومؤسس شركة الأمن السيبراني الأميركية سايث، إن مرتكب هجوم حادث لبنان، ربما جهز أجهزة النداء التابعة لحزب الله بمواد متفجرة وبرمجها لتنفجر قبل تسليمها لمستخدميها من حزب الله.
وقال بورت: "من فعل هذا أعاد برمجة أجهزة النداء بحيث عندما تتلقى رمزًا معينًا، ترسل أمرًا إلى صاعق لتفجير المتفجرات، وإذا تم استقبال الإشارة بواسطة أجهزة نداء لم يتم تجهيزها للانفجار، فلا يحدث شيء.
وقال بورت إن جهاز التحكم الذي بدأ الإشارة لتفجير أجهزة النداء ربما كان مسجلاً للعمل في نظام النداء اللاسلكي في لبنان والاستفادة من البنية التحتية لبرج الإرسال.
وقال، إنه بمجرد أن يكون لدى مرتكب الهجوم جهاز تحكم مسجل، فإنه يصبح مثل أي مستخدم عادي آخر للشبكة ويمكنه الاختلاط، باستخدام البنية التحتية التجارية في لبنان بالطريقة التي صُممت للعمل بها".
ولم تتمكن الحكومة اللبنانية ولا حزب الله من تحديد الجهاز الذي أطلق الإشارة التي أدت إلى انفجار أجهزة النداء.
وقال بورت إنه من غير المرجح أن تكون الإشارة قد جاءت من جهاز تحكم مسجل في إسرائيل أو أنها تم نقلها إلى أجهزة نداء في لبنان باستخدام أبراج إرسال إسرائيلية.
وقال بورت: "أعتقد أن هذا هو النهج الأقل ترجيحًا، لأنه سيكون من الواضح للسلطات التي تتمتع بقدرات تتبع الإشارات أن الإشارة قادمة من إسرائيل.
وأوضح قائلا:"تخيل أيضًا مقدار الطاقة التي ستحتاجها إسرائيل لنقل إشارة عبر كامل أراضي لبنان، لن تتمكن إسرائيل من ضمان تلقي جميع أجهزة النداء التابعة لحزب الله والتي يبلغ عددها آلاف الأجهزة الإشارة بهذا النوع من النهج".
السناريو الثالث: اختراق سلسلة التوريد وزرع المتفجرات بالأجهزة
وسيناريو ثالث، يؤكد أن الأزمة بدأت من التسلل في مرحلة سلسلة التوريد بالمتفجرات، حيث تم إدخال 3 جرامات من PETN، في أجهزة النداء، و رباعي نترات بنتا إريثريتول أو PETN، وهي مادة كيميائية مستقرة نسبيًا تستخدم كمتفجرات منذ الحرب العالمية الأولى.
تقرير يؤكد الانفجار وقع بزراعة مادة كيميائية كانت تستخدم في الحرب العالمية الأولى
وقد وجدت أجهزة النداء، التي نادراً ما تستخدم في أماكن أخرى، طريقها إلى لبنان بين نشطاء حزب الله خلال الأشهر القليلة الماضية، وتزعم التقارير أن بعض التعديلات قد أجريت على بطاريات هذه الأجهزة، ويقال إن هذه التعديلات سمحت للبطارية بالسخونة على الفور وتفجير المتفجرات.
ويُعتقد أن إشارة لاسلكية قد أُرسلت إلى أجهزة النداء، عن طريق اختراق شبكة الراديو اللبنانية التي تستخدمها.
تسلل سلاسل التوريد
ومن جانبها قالت شركة Gold Apollo التايوانية التي تحمل علامتها التجارية على أجهزة النداء، إنها لا علاقة لها بتصنيع أجهزة النداء القاتلة، وقد تخلت الشركة عن مسؤوليتها لصالح شركة تصنيع تابعة لجهة خارجية، وهي شركة BAC ومقرها أوروبا.
وقال مؤسس ورئيس شركة Gold Apollo هسو تشينج كوانج: "هناك وكيل في أوروبا تعاوننا معه لمدة ثلاث سنوات، وهو الوكيل لجميع منتجاتنا، كما قاموا بإنتاج جهاز استدعاء، باستخدام اسم علامتنا التجارية، ويدفعون لنا مقابل استخدام شعارنا".
سلسة التوريد نقطة الضعف في النظام الأمني وأسهل نقطة للاختراق
ويتفق خبير الأمن السيبراني باوان دوجال، على أن سلسلة التوريد هي نقطة الضعف الجديدة في النظام الأمني، مؤكدا أن :"نحن لا نعرف أين يتم تصنيع هواتفنا المحمولة، وما نوع البرامج الضارة أو برامج التجسس أو التلوث، الذي يتم إدخاله بالفعل كجزء من سلسلة التوريد وما نوع الاستهداف المحتمل الذي يمكن القيام به".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة