أثار الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهورى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، جدلا فى الآونة الأخيرة بعد دعوته إلى أجراء اختبار الولاء للناخبين المتدينيين، الأمر الذى أثار حفيظة قادة اليهود والكاثوليك، وسلط الضوء أيضا على تأثير الدين والانتماءات الدينية، لاسيما المسيحية، وهى الأغلبية فى الولايات المتحدة فى الانتخابات.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن ترامب إصدار اختبار الولاء للأمريكيين المتدينين، معلنا أنه يستطيع حماية حرياتهم على أفضل وجه بينما ألقى باللوم على أتباع ديانات معينة بشكل استباقى فى حالة خسارته للانتخابات الرئاسية المقررة فى نوفمبر المقبل.
وقال ترامب مؤخرا أنه بإمكان اليهود والكاثوليك التصويت له والنجاح فى الاختبار، وأولئك الذين لا يفعلون يحتاجون إلى فحص رؤوسهم على حد قوله. وأضاف ترامب أن الشعب اليهودى سيكون له علاقة كبيرة بالخسارة.
وقالت أسوشيتدبرس إنه من بين القادة اليهود الذين فزعوا من تصريحات ترامب، الحاخام ريك جاكوبس، رئيس الاتحاد من أجل إصلاح اليهودية، وهى مجموعة شاملة لأكثر من 800 معبد إصلاحى فى أمريكا الشمالية.
وقال جاكوبس فى منشور على منصات التواصل، موجها حديثه لترامب: كلماتك التى تلقى اللوم بشكل مسبق على اليهود لخسارتك المحتملة فى الانتخابات هى جزء من أكاذيب معادية منذ آلاف السنين حول القوة اليهودية. وأضاف ان هذه التصريحات تجعل اليهود الأمريكيين هدفا، وتجعلك حليفا ليس لمجتمعنا الضعيف، على حد تعبيره، ولكن لهؤلاء الذين يتمنون له الأذى، فتوقف.
من جانبه، قال ستيفين مايلز، أستاذ اللاهوت فى الاتحاد اللاهوتى الكاثوليكى فى شيكاغو، إنه لا ينبغى لغير اليهود التعبير عن آراء عامة بشأن طبيعة اليهودية الجيدة، ولا ينبغى لغير الكاثوليك التعبير عن آراء عامة بشأن الكاثوليكية الجيدة.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن المتحدثة باسم حملة ترامب كارولين ليفت، وردا على انتقادات القادة اليهود، أرسلت بيانات منها ومن العديد من أنصار ترامب اليهود. لكن هذه البيانات لم تتناول إلقاء اللوم مباشرة على اليهود فى هزمية ترامب لو حدثت، ولكمنها صورت ترامب على أنه مؤيد أقوى لإسرائيل من الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس، منافسة ترامب الديمقراطية فى الانتخابات الأمريكية.
على مدى عقود طويلة، كان الدين عاملا مؤثرا فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، على العكس مما هو الحال فى أوروبا. حيث تصنف الولايات المتحدة، وبحسب تقرير لسكاى نيوز، من أكثر الدول تدينا فى الغرب. حيث يُعرف نحو ثلثى الناخبين فيها أنفسهم بأنهم مسيحيين. إلا أن الأمور تتغير، وأصبحت البلاد أقل تدينا فى العقود الأخيرة.
وفى تقرير عن مدى تأثير الدين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، قالت سكاى إن البعض قد يعتقد أن المجتمعات المدتينة أقوى فى الولايات المتحدة، لكن الدين يتراجع حقا.
ففى التسعينيات من القرن الماضى، كان 90% من الأمريكيين يعرفون أنفسهم كمسيحيين. والآن فإن أكثر من الربع يقولون إنهم لا ينتمون لدين معين.
وأوضح التقرير أن هذا الأمر معهم للانتخابات لأن 70% من الناخبين غير المتدينيين فى أمريكا أكثر احتمالا للتصويت لصالح الديمقراطيين، وفقا لمسح أجراه مركو بيو فى إبريل الماضى. وهذا التحالف أكثر قوة بين اللادينيين بنسبة 78% والملحدين بنسبة 84%.
إلا أن الدين لا يتراحع فى كافة أنحاء أمريكا، ففى بعض الولايات، مثل أوكلاهوما وميسيسيبي وأركنساس ولوزيانا وألاباما، بشكل أساسى ما يسمى بـ "حزام الإنجيل فى أمريكا"، يصبح أكثر قوة.
وبشكل عام فإن المسيحيين فى أمريكا، سواء البروتوستانت أو الكاثوليك، أكثر تحالفا مع الحزب الجمهورى.
لكن العرق يلعب دورا أيضا فى هذا المجال. حيث أن 84% من البروتوستانت اليود و60% من اللاتينيين الكاثوليك أكثر احتمالا لتأييد الديمقراطيين. لذلك، فى حين أن الديمقراطيين يحققون مكاسب فى الولايات الأقل تدينا، فإنهم يخسرون الناخبين فى مناطق أخرى أكثر محافظة فى البلاد.
وهذا الأمر له أهميته فى الولايات المتأرجحة. في انتخابات 2020، حسمت نتائج سبع ولايات أمريكية بفارق أقل من ثلاث نقاط مئوية، وهو هامش ضيق للغاية يمكن أن يتغير هذا العام. كانت هذه الولايات هي: أريزونا وجورجيا وميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن وكارولاينا الشمالية ونيفادا. فاز جو بايدن بكل بهذه الولايات في عام 2020، باستثناء كارولينا الشمالية، التي فاز بها دونالد ترامب.
وبالنظر إلى التغييرات التي حدثت بين تعدادى 2010 و2020، نجد أن ولايات ميشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا وجورجيا أصبحت أقل تدينًا. في حين أصبحت ولايات نورث كارولينا ونيفادا وأريزونا أكثر تدينًا.
ووفقا للاتجاه الذى يشير إلى أن الولايات الأقل تديناً هي الأكثر احتمالاً للتصويت للديمقراطيين والولايات الأكثر تديناً هي الأكثر احتمالاً للتصويت للجمهوريين، فإن هذا يعطي الديمقراطيين الأفضلية في أربع من الولايات السبع المتأرجحة مع فوز الجمهوريين بثلاث ولايات فقط.