سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 28سبتمبر 1970.. عبدالناصر يستمع لخبر ينتظره فى نشرة أخبار الخامسة ويغلق الراديو ويقول لطبيبه الخاص: «خلاص أنا استريحت يا صاوى» ثم يميل برأسه ويتوقف نبضه

السبت، 28 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 28سبتمبر 1970..  عبدالناصر يستمع لخبر ينتظره فى نشرة أخبار الخامسة ويغلق الراديو ويقول لطبيبه الخاص: «خلاص أنا استريحت يا صاوى» ثم يميل برأسه ويتوقف نبضه جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ذهب الرئيس جمال عبدالناصر إلى مطار القاهرة فى الثالثة والنصف عصر 28 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1970 ليودع أمير الكويت الشيخ صباح السالم، آخر الملوك والرؤساء العرب المغادرين، بعد انتهاء القمة العربية يوم 21 سبتمبر 1970، لوقف المعارك فى الأردن بين جيشها والفدائيين الفلسطينيين.


دعا عبد الناصر لهذه القمة الطارئة، وخلالها كان عبدالمجيد فريد إلى جواره بوصفه أمينا لرئاسة الجمهورية، ويذكر فى كتابه «من اجتماعات جمال عبدالناصر العربية والدولية، 1967، 1970»: «أثناء مراسم توديع أمير الكويت شعر الرئيس بدوخة مفاجئة مع عرق شديد وهبوط وعدم القدرة مع السير، بل على الوقوف على قدميه، لكنه ضغط على نفسه، وأصر أن يبقى واقفا شامخا ممثلا لشعب مصر إلى أن تتحرك طائرة الضيف، وطلب من سكرتيره المرافق فؤاد عبدالحى أن يحضر السيارة حينما يقف ليلقى جسده المجهد على مقعدها، ثم وصل لمنزله بمنشية البكرى وهو فى حالة إعياء وتعب شديد، فحضر إليه عدد من الأطباء».


يكشف «فريد» أن عبدالناصر فى الأيام السبعة التى اشتدت فيها الأزمة، استهلك كل ما لديه من قوة وتعرض لجهد عصبى ونفسى لا يتحمله بشر، ولم ينم فى تلك الليالى إلا بعد الثالثة، وأحيانا الخامسة صباحا ليبدأ لقاءاته فى التاسعة من صباح اليوم التالى، ويكشف «فريد»: «قبل أن يغادر عبدالناصر جناحه بفندق هيلتون الذى أقام فيه الرؤساء والملوك العرب، خرج للشرفة وأطل على نهر النيل وهو ينساب ليلا، وعلى ضفافه تتلألأ أنوار القاهرة والجيزة، وكنت واقفا بجواره فرأيت عينيه تبتسمان يملأهما الإعجاب والافتخار بهذا البلد الجميل، ثم نظر لى وقال: «هذه أول مرة فى حياتى أرى فيها هذا المنظر البديع، الواحد فى منشية البكرى (حيث كان يقيم) بالنسبة لهذا المكان ميت ومش عايش، هل يصح يا عبدالمجيد ألا أرى جمال القاهرة إلا هذه الليلة فقط».


يتذكر الدكتور الصاوى حبيب الطبيب الخاص لعبدالناصر فى مذكراته، أنه توجه لمنزل الرئيس من وسط القاهرة فى نحو ثلث ساعة، ودخل إلى حجرة نومه فوجده مستلقيا على السرير مرتديا بيجامته ورأسه مرتفع قليلا، وقال الرئيس له إنه شعر بتعب أثناء توديعه أمير الكويت فى المطار، وأحس أن قدميه تكادان لا تقويان على حمله.


بدأ الدكتور الصاوى فحصه، ويذكر: «لاحظت وجود عرق بارد على جبهته، ووجهه شاحبا بعض الشىء، والنبض سريعا خيطيا يكاد ألا يكون محسوسا، وضغط الدم بالغ الانخفاض وأطرافه باردة، فأحسست بخطورة الموقف وتوجهت فورا لحجرة مكتبه الملحقة بغرفة النوم أطلب من السكرتارية استدعاء الدكتور منصور فايز «رئيس الفريق الطبى»، والدكتور زكى الرملى فورا، وأحضرت جهاز رسم القلب الموجود بصفة دائمة بحجرة المكتب».


يؤكد «الصاوى»: «شعرت بخوف غامض، وجدت نفسى أدعو له بالشفاء، وقمت بعمل رسم القلب، وبدأت العلاج وحضر الدكتور منصور بعد ثلث ساعة والدكتور زكى الرملى بعد نصف ساعة، وأكدا خطورة الحالة نتيجة انسداد جديد بالشريان التاجى، واستمر العلاج فترة، ولكن لم يكن هناك تغيير فى رسم القلب إلا أن بعض التحسن ظهر فى الكشف الإكلينيكى، وأخذ الدكتور منصور فايز يحادث الرئيس عن رغبته فى زيارة الجبهة، وأخبره الرئيس عن إمكانية التنسيق مع الوزراء الذين اتفقوا على التوجه لزيارة الجنود، وفى الوقت نفسه كان الدكتور زكى الرملى يراقب الموقف ولم أكن أتابع الحديث، كنت أفكر فى الوضع الصعب الذى نحن فيه».


يضيف «الصاوى»، أن الرئيس اعتدل قليلا ليفتح الراديو على الكومودينو بجوار السرير، وقال إنه يرغب فى سماع خبر بنشرة أخبار الخامسة التى بدأت، ولم يذكر هذا الخبر ولم يعرفه أحد، وظل يصغى إلى النشرة حتى انتهت، وطلبت منه ألا يتحرك وأن يستريح، وأغلق الراديو، ورد قائلا: «أنا استريحت يا صاوى»، وفوجئت برأسه يميل إلى الجانب فجأة، وفى الحال تحسست النبض فوجدته توقف، وقمت بعمل تنفس صناعى وتدليك خارجى للقلب، واستمرت المحاولات ثلث ساعة دون جدوى، ولم أجد فائدة من الاستمرار، لقد توفى الرئيس عبدالناصر بالصدمة القلبية أخطر مضاعفات انسداد الشريان التاجى».


يعلق «الصاوى»: «استراح جمال عبدالناصر كما جاء فى آخر عبارة قالها، استراح كما جاء فى دعاء اللهم اجعل الموت راحة لنا من كل شر، ومضيت إلى آخر الحجرة وفى داخلى شعور بالحزن والمرارة، وعلى السلم الداخلى وجدتنى أقول لمن وجدته من أهل المنزل: «خلاص مافيش فايدة». وعن نمط حياة عبدالناصر فى عامه الأخير وحتى وفاته عن 52 عاما»، يقول الصاوى: «مر عام على الأزمة القلبية الأولى التى كان يتعين على عبدالناصر أن يغير نمط حياته بعدها، لكنه بذل فى هذا العام مجهودا فوق الطاقة، كان يعمل أكثر من 18 ساعة يوميا».







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة