تُعدّ الصوب الزراعية أحد الأساليب التي تستخدم في الزراعة لتحسين إنتاجية المحاصيل وتحسين جودتها، كما تساعد على تحسين كفاءة استخدام الموارد المتاحة، وتقليل التأثيرات البيئية الناتجة عن عمليات الزراعة التقليدية وهى واحدة من الخيارات العملية، التي تقدم حلًا، للتغلب على تداعيات التغيرات المناخية، والتي أثرت على البيئة المحيطة بالنبات، وفرضت واقعًا جديدًا يعرقل إتمامه لعمليات نموه على النحو المطلوب، ووصوله لمعدلات الإنتاجية المرجوة من قِبل المزارعين.
وتعد الصوب الزراعية من أهم الأدوات الحديثة التي تساعد على مواجهة التغيرات المناخية، حيث توفر بيئة مناخية يمكن التحكم فيها، مما يساعد على تحسين جودة الإنتاج، وزراعة محاصيل غير محدودة النمو، مما يزيد من كثافة الإنتاج في وحدة المساحة، كما أن استغلال التكنولوجيا والتطبيقات العلمية للدراسات البحثية المتتالية ساهم في نجاح الزراعة، وتقليل حجم الضغوط المفروضة على النباتات بفعل التغيرات المناخية، ما يؤثر على نموها بشكل سلبي.
وتتعرض النباتات لنوعين من الضغوط، حيوية مثل الأمراض البكتيرية والفطرية، والحشرات، والنيماتودا، وغير حيوية مثل ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، الملوحة، والجفاف، حيث أن فهم الفسيولوجيا النباتية يمكن المزارعين من تدريب النبات في مراحل مبكرة من حياته على مواجهة هذه الضغوط بشكل تدريجي، بحيث يتم تحفيز الجينات الدفاعية الساكنة لدى النبات.
أوضح الدكتور محمد العشرى بمركز البحوث الزراعية أن هناك عدة أنواع من الصوب الزراعية، والتي تختلف في تصميمها والمواد المستخدمة في بنائها والنباتات التي يمكن زراعتها فيها، مشيرا إلى أن الصوبة السنجل هي الأساسية والتي تمثل مساحتها 360 متر، حيث يمكن وضع 7 صوب في الفدان الواحد.
أضاف أنه يمكن للصوب الزراعية أن يحقّق تحسينًا كبيرًا في إنتاجية المحاصيل، إذ يمكن التحكم بشكل دقيق في الظروف المناخية والتربة والماء، وبالتالي تحسين جودة المحصول وزيادة الإنتاجية، مشيرا إلى أن إنتاجية الفدان من الصوب الزراعية يعادل 7 أضعاف الإنتاجية في الأرض المفتوحة.
وأكد رمزي أن هناك مجموعة من الأمور التي يجب مراعاتها عند إنشاء الصوبة، أنه يفضل إنشاء الصوبة في التربة الخفيفة، حيث ان التربة الطينية الثقيلة تحتفظ بالمياه لفترة أطول و يراعى أن تكون فتحة الصوبة في اتجاه الريح و يفضل إقامة مصدات للرياح عند عملية الإنشاء.
أضاف رمزى أنه يتم تدريب النباتات وهو ما يشبه تطعيم الأطفال في سن مبكر لتحفيز جهازهم المناعي، مشيرًا إلى أن نفس الفكرة تنطبق على النباتات، حيث يتوجب على المزارع تعريض الشتلات لضغوط طفيفة في بيئة المشتل، بحيث تكون مستعدة لمواجهة التحديات البيئية عند زراعتها في الحقل المفتوح أو الصوب الزراعية.
وشدد على خطورة وتداعيات توفير بيئة "مرفهة" للنباتات داخل المشتل، مؤكدًا أنها تصاب بصدمة شديدة، عند نقلها إلى الظروف الخارجية، مما يؤثر سلبًا على الإنتاج.
وأوضح العشرى كيفية تجهيز الصوب الزراعية لاستقبال الشتلات في العروة الشتوية، مؤكدًا أن الخطوة الأولى هي إزالة بقايا المحصول السابق وتطهير الصوب من الداخل من خلال غسل التربة بشكل كامل و تقسيم الأرض إلى "أحواض" وغمرها بالماء للتخلص من الأملاح المتبقية من الموسم السابق، ويجب تكرار عملية الغسل 3 مرات بفاصل زمني قدره 5 أيام بين كل عملية غسل و يتوجب على المزارع بعد إتمام عملية الغسل، الاهتمام بتهوية التربة وتشميسها باستخدام المحراث، ثم إقامة الخطوط والمصاطب.
أوضح العشرى أنه من الضروري إضافة مكونات التسميد الشتوي، والتي تشمل سبلة الدواجن، والسوبر فوسفات، وسلفات النشادر، وسلفات البوتاسيوم، والكبريت، وسلفات المغنيسيوم، على أن يتم تقليب هذه المكونات جيدًا في التربة، محذرًا من استخدام الكومبوست الحيواني غير النظيف، لاحتمال احتوائه على آفات يصعب السيطرة عليها مثل النيماتودا.
وشدد على أن الصوب الزراعية تتطلب احتياطات خاصة لضمان عدم دخول آفات خطيرة مثل النيماتودا، مشيرًا إلى أنه من الصعب تغيير موقع الصوبة بعد إنشائها، لذا يجب أخذ كل الاحتياطات اللازمة قبل زراعتها لضمان نجاحها في تحقيق المستهدف منها على صعيد حجم الإنتاجية ومعدلات الجودة.