هناك 5 أطراف على الأقل تتداخل مع ما يجرى الآن وتفاعلاته خاصة مع اغتيال الأمين العام لحزب الله، الحزب نفسه ومستقبله، وأيضا الاحتلال الإسرائيلى، والولايات المتحدة وإيران، والحوثيون.
مثل كل عمل كبير أو تحول فإن اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، قد يكون ذروة المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، بجانب كونه إحدى مراحل التفاعل والتقاطع بين إيران وإسرائيل، الاغتيال بتخطيطه وتنفيذه قفزة مهمة، وذروة عمليات اختراق واغتيالات كانت مبنية على اختراقات معلوماتية واستخبارية، وهى معلومات تختلف التفسيرات حولها ومصدرها، ما إذا كان اختراقا ذاتيا إسرائيليا، أم أنها ضمن صفقة فردية أو «عميقة».
ففى حين تقول صحيفة لو باريزيان الفرنسية، إن جاسوسا إيرانيا أبلغ إسرائيل بخبر وصول حسن نصرالله إلى ضاحية بيروت، وتفاصيل الاجتماع الذى حضره الأمين العام ونائب قائد فيلق القدس الإيرانى بمشاركة 12 مسؤولا كبيرا من الحزب.
ويوم الاغتيال تم تسريب معلومة أن نصرالله دخل مقر القيادة للحزب فى حارة حريك، لحضور الاجتماع، فى مقر يتكون من 14 طابقا تحت الأرض وفوقه مبنى سكنى، وأن مقر الحزب من 6 مبان تحت الأرض، وأن الاحتلال لم يكن يعرف الإحداثيات بالضبط، وبالتالى فإن طائرة «إف- 35» قذفت 10 قنابل تزن الواحدة منها نحو طن، و85 قنبلة خارقة من نوع «هايفى هايد» MK84، وهو نوع لديه القدرة على اختراق التحصينات، بعمق يتراوح بين 50 و70 مترا تحت الأرض، وكل هذه الأرقام تقريبية، حيث من الصعب تحديد الذخائر والكمية الدقيقة، لكن تم استعمال قنابل متعددة أو قنابل Mk 84s، أو MPR-2000، أو BLU-109، أو مزيج منها حسب تقرير أسوشيتدبرس.
هذا عن العملية التى تشير إلى توفر معلومات وإحداثيات، تؤكد وجود شبكة من الجواسيس أو جهة قدمت المعلومات والمواقع وتحركات، وهى معلومات تم تجميعها على مدى شهور، وليست وليدة اللحظة، حيث كانت عمليات الاختراق والاغتيالات كاشفة عن عمليات معقدة من تجميع وفرز وتوظيف للمعلومات.
الأهم هو أن اغتيال الأمين العام تم بناء على قرار أو أضواء خضراء، لأن الاغتيالات تتم بناء على اتفاقات أو توافق مع جهات واتصالات، وقد اتهم الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان الولايات المتحدة بالتواطؤ على اغتيال أمين عام حزب الله اللبنانى حسن نصرالله، وقال فى بيان نشره على موقعه الرسمى «إن المجتمع الدولى لن ينسى أن القيام بهذا الهجوم الإرهابى صدر من نيويورك، ولا يمكن للأمريكيين أن يعفوا أنفسهم من التواطؤ مع الصهاينة»، بينما قال المرشد الإيرانى الأعلى على خامنئى، إن دماء أمين عام حزب الله اللبنانى لن تذهب سدى، وأن ضربات المقاومة على «الجسد الصهيونى المتآكل» ستزداد شدة وقوة.
وهو ما يشير إلى استمرار المواجهة، تزامنا مع تصريحات رئيس حركة «أنصار الله» عبدالملك الحوثى، تعليقا على اغتيال نصرالله: «كما خابت آمال اليهود بعد اغتيال الشهيد الكبير إسماعيل هنية ستخيب آمالهم فى استهداف السيد حسن نصرالله، واعدا بمزيد من العمليات، وقد أعلنت الحركة عن استهداف مطار بن جوريون، مساء السبت»، وأضاف الحوثى: مهما كان حجم التضحيات فذلك لا يعنى الاستكانة، بل التوجه نحو التصعيد وتطوير الأداء.
وفى رد الفعل قال الجيش الإسرائيلى إن وقت الحوثيين سيأتى لكن التركيز الآن على جبهة لبنان وحزب الله، وهو ما قد يشير إلى توقيتات للإجهاز على جبهة لبنان، خاصة أن هناك مؤشرات على استعداد للاجتياح البرى لجنوب لبنان، وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن الوزير لويد أوستن أبلغ نظيره الإسرائيلى يوآف جالانت، بأن الولايات المتحدة عازمة على منع إيران من «استغلال الوضع فى لبنان أو توسيع رقعة الصراع»، وقال المتحدث باسم البنتاجون إن أوستن عبر عن دعم الولايات المتحدة الكامل لحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، وأن الولايات المتحدة لا تزال على استعداد لحماية القوات والمنشآت الأمريكية فى المنطقة.
فى المقابل، فإن حزب الله نفسه ما زال يوجه الصواريخ على شمال إسرائيل ومناطق مختلفة، فى تأكيد على أنه قادر على الرد، وهناك اتجاه لاختيار خليفة للأمين العام، يواصل العمل، وهو ما سوف يظهر خلال أيام.
فى نفس الوقت هناك أطراف مختلفة داخل لبنان نفسه، تحمل الكثير من التفاصيل والتنوع فى التعامل مع الحزب والأطراف المختلفة، وهى جهات وأطراف مهمة وفاعلة.