لم يكن التحذير من "مفاجأة أكتوبر" الذى أطلقته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون للمرشحة الديمقراطية فى انتخابات ارئاسة الامريكية كامالا هاريس من فراغ. فكلينتون، التي كانت بدورها مرشحة رئاسية فى سباق 2016، عانت وبشدة من مثل هذه المفاجأت والتي كلفتها فى النهاية الانتخابات.
ففي مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع، قالت كلينتون إنه سيكون هناك جهود مركزة لتشويه وإفساد هاريس، وشخصها وما تدافع عنه وما فعلته. وأشارت كلينتون على نظرية مؤامرة انتشرت فى سباق انتخابات 2016 أطلق عليها "بيتزا جيت"، والتي تفجرت فى الأسابيع الأخيرة من حملتها الرئاسية والتي نافست فيها دونالد ترامب.
وتابعت كلينتون قائلة: أنظروا إلى القصة المجنونة التي تم نشرها عنى وتتعلق بعملية إتجار فى الأطفال من قبو محل بيتزا. وأثار التعليق ضحك من الحشد الحاضر للمقابلة. وكانت هذه المزاعم قد اسفرت عن قيام رجل فى كارولينا الشمالية بفتح النار على مطعم للبيتزا فى واشنطن فى 2016.
وطلبت كلينتون من الجمهور عدم الضحك، وقالت إن هذه قصة كبيرة، ودفعت رجل شاب من كارولينا الشمالية لاستقلال سيارته ومعه بندقية هجومية وسار من أجل تحرير هؤلاء الأطفال غير الموجودين واطلق النار على محل لبيع البيتزا فى واشنطن.
وحذرت كلينتون من ان قبل الانتخابات المقرة نوفمبر هذا العام، فإن الفضاء الإلكترونى سيمتلئ بالمعلومات الخاطئة التي يمكن ان تكلف احدهم حياته.
لم يكن ما حدث مع كلينتون هي المرة الأولى التي تفجر فيها مفاجأة أكتوبر. فقبل أيام من موعد تصويت الشعب الأمريكي فى انتخابات الرئاسة، وتحديدا فى 26 أكتوبر 1972، أعلن هنرى كسينجر، مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكي فى هذا الوقت ريتشارد نيكسون، فجأة أن السلام فى المتناول فى حرب الولايات المتحدة المكلفة والمثيرة فى فيتنام. ورغم أن نيسكون كان متوقع فوزه على نطاق واسع، ورغم أن محادثات السلام الأولية قد انهارت بعد أقل من شهرين، فإن احتمال السلام المفاجئ سلم نيكسون انتصارات على طبق من فضة. وانتهى به الأمر بالانتصار فى التصويت الشعبة بفارق كبير متغلبا على خصمه بفارق 18 مليون صوت.
ويقول تقرير موقع فرانس 24 إن هذا الحدث يعتبر على نطاق واسع مفاجأة أكتوبر الأساسية فى السياسات الأمريكية، وبدأ الإعلام والسياسيون فى الولايات المتحدة يشيرون إليه بذلك فى أوائل الثمانينيات.
ويقول أوسكار وينبيرج، المتخصص فى السياسات الأمريكية فى معهد توركو بفنلندا، إن المقصود بها بشكل أساسى حدث غير متوقع يحدث فى وقت متأخر جدا، غالبا فى أكتوبر، فى الحملة الانتخابية بما يؤثر على نتيجة الانتخابات.
ويوضح وينبرج أن هناك ثلاث تصنيفات عامة لمفاجآت أكتوبر، الأول تطور دبلوماسي أمريكى مفاجئ على الساحة الدولية، أو فضيحة سياسية من الماضى تسلط عليها الأضواء من خلال تسريب، أو حدث محلى كبير فى شكل كارثة طبيعية أو وباء او بدء تحقيق جنائى.
ومن بين أشهر مفاجأة أكتوبر وأكثرها تأثيرا، ما حدث فى عام 2016 عندما تأثير سباق هيلارى كلينتون امام دونالد ترامب بما لا يقل عن أربعة مفاجآت فى غضون 28 يوما.
فى هذا العام، بدا شهر أكتوبر بنشر صحيفة نيويورك تايمز إقرارات ترامب الضريبية، والتي أظهرت أن خسارته المزعومة لـ 900 مليون دولار ربما سمحت له بتجنب الضرائب الفيدرالية على مدار عقدين تاليين.
بعدها بأسبوع، بدأ موقع ويكيليكس فى نشر إيميلات تم الحصول عليها من حملة كلينتون. ومن بين أشياء أخرى، فإن الايميلات احتوى على مقتطفات من خطابات مدفوعة الأجر ألقتها كلينتون أمام مؤسسات مالية مرموقة. واحتوت هذه الخطابات، التي رفضت كلينتون الإفصاح عنها على تعليقات بدأت فيها تؤيد قيم الأشخاص شديدى الثراء، وأثنت على خطة ميزانية كان من شانها ان تسفر عن خفض الضمان الاجتماعى وبنود صعبة بالنسبة للطبقة الوسطى رغم مزاعمها انها تقاتل من أجلهم.
وفى الثامن من أكتوبر، انفجرت قنبلة أخرى بنشر تسجيل يعود إلى عام 2005، تفاخر في ترامب بالتحرش بالنساء. وقبل نهاية الشهر ،كان دور كلينتون مجددا، عندما أعلن مدير الإف بى أي فى هذا الوقت جيمس كومى، وبشكل غير متوقع أن المكتب سيواصل التحقيق فى استخدام كلينتون خادم خاص لإرسال البريد الإلكترونى.
وفى كتابه "مفاجآت أكتوبر" الصادر فى عام 2020"، قال ديفلن بارت، الصحفى بواشنطن بوست إنه على الرغم من أن كومى لم يقل شيئا مهما احتوت رسائله البريد الإلكتورنى الخاصة بكلينتون، إلا أن خبر استئناف التحقيق فى حد ذاته كلفاها السباق.
ورغم أن هناك مناسبات أخرى لم تؤثر فيها مفاجآت أكتوبر بشكل كبير على نتيجة انتخابات، فعلى سبيل المثال نجا جورج دبليو بوش فى عام 2000 من الكشف عن أنه تم القبض عليه لتناوله الكحول أثناء القيادة فى السبعينيات، إلا ان الظاهرة ظلت عاملا انتخابيا يخشاه العديد من المرشحين.
فى عام 1980، ذهب المرشح رونالد ريجان إلى مدى أبعد بتحذير الناخبين من أن معارضه، الرئيس جيمى كارتر، يعد لنفسه مفاجأة أكتوبر. وزعم ريجان وحملته ان الرئيس الأمريكي سيكون ربط مفاوضات إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين فى إيران بعام الانتخابات للتأثير على النتيجة لصالحه. لكن هذه المفاجأة لم تحدث ابدا، وأطلق سراح الرهائن فى 20 يناير 1981، فى نفس يوم تنصيب ريجان رئيسا.
ويقول وينبرج عن مفاجآت أكتوبر أصبحت شائعة للغاية حتى أن حملات المرشحين تأخذها فى الحسبان مسبقا.
ويتعاملون معها بجدية شديدة مشيرا إلى أن فرق الحملات لديهم خطط إدارة الأزمات فى حال ما اضطروا للتعامل معها، لكنهم يحاولون أيضا اكتشاف مفاجآت أكتوبر المحتملة التي يمكن أن تصب فى صالحهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة