نصار عيد سالم، جندي مصري من أبناء شمال سيناء، أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، الذين عاشوا لحظة النصر وشاركوا في المعارك الضارية التي انتهت بتحرير الأرض، ورغم تقدمه في السن، يواصل نصار رواية حكايته للأجيال الجديدة في قريته "30 يونيو" بمركز بئر العبد، حيث يقوم بدوره المجتمعي في خدمة المجتمع ورعاية الشباب.
يحتفظ نصار بوثيقة كتبها لأهالي قريته، يسرد فيها تفاصيل مشاركته في حرب أكتوبر، بدأ نصار روايته بالحديث عن يوم السبت 6 أكتوبر 1973، الموافق 10 رمضان 1394 هـ. يذكر أنه في الساعة 12 ظهرًا، كان يتناول طعام الغداء على شاطئ القناة أمام "عين غصين"، حين بدأت التحضيرات للعبور، وفي الساعة 2:05، انطلقت الطائرات المصرية شرق القناة في تشكيلات كثيفة، وصوت التكبيرات كان يغطي كل شيء، فيما عبرت المجموعات الأولى القناة.
يروي نصار أنه في الساعة 2:15، ركب في أحد القوارب، حاملًا معدات الإشارة، ووصل إلى الضفة الشرقية عند الساعة 2:20، حيث وضع قدميه على رمال سيناء لأول مرة منذ سبع سنوات، وكانت هذه اللحظة من أجمل لحظات حياته. يذكر نصار أنه وزملاؤه، مثل مصطفى النزهي والقائد محمد الورداني، سجدوا شكرًا لله عند وصولهم، وقبيل المغرب، اشتبكت مجموعات المشاة مع دبابات العدو، وشارك نصار في هذه المعركة التي شهدت تدمير دبابات العدو.
يتذكر نصار تلك الليلة التي قضاها دون نوم، حيث حفر حفرة بجوار أحد الشهداء واستمر في قتال العدو، و في اليوم التالي، شن العدو هجومًا عنيفًا، لكن القوات المصرية تصدت له بقوة وبسالة، كان نصار مكلفًا بنقل أوامر النيران من المدفعية المتمركزة في الغرب إلى الشرق، حيث كانت تشتعل النيران في دبابات العدو تحت ضربات صواريخ الأبطال.
يتابع بقوله أنه في يوم 7 أكتوبر، استمر القتال الشديد، ومع حلول الليل، كانت حالته وزملائه تزداد صعوبة بسبب نقص المياه والطعام، وفي يوم 8 أكتوبر، استمر الهجوم العنيف، وسقط عدد من الشهداء، منهم عفيفي محمود عفيفي وعبد الوهاب الهجان، بينما أصيب العريف السيد رجب عبد الحميد بفقدان السمع، و تمكن وزميله مصطفى من الوصول إلى تبة كثيب النخيل، حيث احتلت القوات المصرية الموقع رغم شدة القصف.
وفي يوم 9 أكتوبر، شهد نصار ما وصفه بـ اليوم الحزين، حيث تصدت القوات المصرية لدبابات العدو التي كانت تأتي من كل اتجاه و في هذه المعركة، وقعت قذيفة معادية بالقرب من نصار، مما أدى إلى انهيار الحفرة التي كان يحتمي بها، ولم يبق من جسده ظاهرًا فوق الأرض سوى يده اليمنى ورأسه،و بعد انتهاء القصف، تمكن زملاؤه من إخراجه، واستمر في أداء مهامه رغم التعب الشديد.
في الأيام التالية، استمر في القتال والتنقل بين المواقع، حيث شارك في الهجمات على مواقع العدو وواجه ظروفًا قاسية، و في يوم 12 أكتوبر، شن العدو هجومًا ضاريًا على الموقع الذي كان نصار يتمركز فيه، لكنه نجا من الخطر بأعجوبة. في مساء يوم 13 أكتوبر، حيث تلقت الكتيبة أوامر بالتحرك نحو الدفرسوار، حيث واجه ورفاقه العدو ببسالة.
في يوم 14 أكتوبر، شهد نصار ما وصفه بـ"يوم تطوير الهجوم"، واستطاعوا تكبيد العدو الخسائر، واستشهد أحد أصدقائه المقربين، عبد الرازق حسن عثمان، في حادثة مؤثرة تركت أثرًا كبيرًا في نفسه.
يروي نصار بفخر كيف استمرت قواتنا في مواجهة العدو، وكيف انتهى الأمر بتسلل العدو ومحاولة الالتفاف على القوات المصرية، و بعد إصدار قرار وقف إطلاق النار في 21 أكتوبر، شعر ورفاقه بالاطمئنان، وعبر قناة السويس إلى الضفة الغربية في ليلة 24 أكتوبر، حيث التقى بشقيقه على عيد.
قصة نصار عيد سالم تعكس بطولات الجنود المصريين في حرب أكتوبر، وتظهر صمودهم وإصرارهم على تحرير أرض سيناء، وبعد سنوات من انتهاء الحرب وعودة الأرض التي يجلس عليها، يواصل البطل سرد حكايته للأجيال الجديدة، لتبقى ذكرى النصر والتضحيات محفورة في الذاكرة الوطنية لاتنسي.
مع رفاقه
نصار اثناء التجنيد