أرقام كثيرة ومتفاوتة، ما بين صعود ترامب أحيانا وتقدم هاريس أحيانا أخرى. هذه الأرقام هي خلاصة استطلاعات رأى تنشر نتائجها يوميا فى مختلف الصحف والمؤسسات الإعلامية، سواء كانت على الصعيد الوطنى أو فى ولايات منفردة، أو حتى استطلاع راى كتلة تصويتية محددة كالناخبين السود أو اللاتينيين أو النساء. لكن السؤال الذى يثار دائما قبل كل انتخابات أمريكية، لاسيما فى السنوات الأخيرة هو إلى أي مدى تصدق تلك الاستطلاعات؟.
وفى تقرير عن مدة دقة نتائج استطلاعات الرأي الخاصة بـ الانتخابات الأمريكية، ناهيك عن صدقها، قال موقع The Conversation إن وسائل الإعلام فى الولايات المتحدة، الكبرى منها والصغرى، تقع بشكل متكرر فى مصيدة "سباق خيول الصحافة". فنادرا ما يتم التعامل مع الأسئلة المتعلقة بالسياسة بشكل عميق، ويكون التأكيد غاليا على أحدث الاستطلاعات. فيعلنون مرة ان المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس تتقدم، وفى الأسبوع الثانى يقولون إن ترامب لا يزال متفوقا.
ويشير الموقع إلى أن نظام الانتخاب فى الولايات المتحدة ليس بالتصويت الشعبى المباشر، وإنما يتم اختيار الرئيس بشكل غير مباشر من خلال المجمع الانتخابى، حيث يكون لكل ولاية عدد معين من الناخبين فى هذه الولاية يتم تحديد العدد وفقا لإجمالى سكان تلك الولاية، وأيضا عدد ممثليها فى مجلس الشيوخ. ونتيجة لذلك، فإن الولايات الأصغر يكون لها صوت أكبر مما يمكن أن يشير إليه عدد سكانها.
الولايات المتأرجحة
وأشار الموقع إلى أن أحد تداعيات هذا الأمر هو أن استطلاعات الرأي الوطنية يمكن أن تكون مضللة. ففي أغلب الولايات التي يوجد بها أغلبية راسخة لأحد الحزبين، تكون النتائج متوقعة فى ظل إتباع نمط ان الفائز يحصل على كل الأصوات. بمعنى أن المرشح الذى يحصل على أكبر عدد أصوات الناخبين مباشرة، سيحظى بدعم كافة ممثلي الولاية فى المجمع الانتخابى، وذلك باستثناء ولايتى نبراسكا وماين اللتين تتبعان نظام متناسب. ونتيجة لذلك، فإن اغلب الاستطلاعات ذات الصلة هي تلك التي يتم إجرائها فى الولايات المتأرجحة التي لا يكون فيها لحزب معين تفوق واضح.
ووفقا لتحليلات أجريت مؤخرا، فإن نحو 10 ولايات من المتوقع أن تكون مؤشراً فى سباق 2024. واستنادا إلى الاتجاهات الأخيرة هناك سبع ولايات حاسمة فد تحدد الفائز فى الانتخابات وهى: ويسكونسن وميتشيجان وكارولينا الشمالية وميتشيجان وأريزونا وجورجيا وبنسلفانيا. وفى انتخابات عامي 2016 و2020، كان هامش الفوز فى نلك الولايات أقل من 1% تقريبا.
وفى ظل التقارب الشديد بين ترامب وهاريس للفوز بـ 270 صوت فى المجمع الانتخابى المطلوبة للوصول على البيت الأبيض، فإن الولايات المتأرجحة، التي يبلغ إجمالي أصواتها فى المجمع 91 صوتا، ستحسم النتيجة.
اخفاقات استطلاعات 2016 و 2020
ويشير التقرير إلى الصعوبة الهائلة فى معرفة نوايا الناخبين عندما يكون الفارق بسيطا للغاية فى هذه الولايات الرئيسة. وفى عام 2016، توقعت استطلاعات الرأى بشكل صحيح أن تفوز المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون بالتصويت الشعبى، وحصلت على 3 مليون صوت تقريبا أكثر من ترامب. لكن تلك الاستطلاعات فشلت فى توقع فوز ترامب فى المجمع الانتخابى فى الولايات الحاسمة، والتي دعلته فى المقدمة فى نهاية الأمر.
ويشير الاتحاد الأمريكى لبحوث الرأى العام إلى أسباب عديدة لهذه الأخطاء، منها عدم التمثيل الجيد للناخبين الجمهوريين والتمثيل المبالغ في للناخبين الجامعيين( الذين يميلون إلى الديمقراطيين" والاستهانة بالناخبين غير الحاسمين، الذين صوتوا فى نهاية الأمر لترامب او مرشحين أخرين.
ورغم محاولات إصلاح تلك المشكلات، فقد ظهرت انحيازات أخرى فى سباق 2020. فبينما لم يتم تمثل الناخبينالجامعيين بشكل مبالغ ، وانقسم غير الحاسمين بين بايدن وترامب، فإن وباء كورونا جعل مهمة القائمين على استطلاعات الرأى أكثر تعقيدا. ويشير الاتحاد الأمريكى لبحوث الرأى العام إلى أن الولايات التي كانت بها أكبر نسبة من المصابين بكورونا هي نفسها الولايات التي شهدت أعلى نسبة أخطاء لاستطلاعات الرأى. ونتيجة لذلك، استهونوا بالأصوات المؤيدة لترامب فى الولايات المتأرجحة الرئيسية، وبالغوا فى تقدير تقدم بايدن، مما جعل استطلاعات عام 2020 الأقل دقة منذ 40 عاما.