سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 أكتوبر 1956.. بن جوريون يطير إلى فرنسا سرا لوضع خطة العدوان الثلاثى ضد مصر.. ودور إسرائيل فيها ردا على قرار تأميم قناة السويس

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 أكتوبر 1956.. بن جوريون يطير إلى فرنسا سرا لوضع خطة العدوان الثلاثى ضد مصر.. ودور إسرائيل فيها ردا على قرار تأميم قناة السويس بن جوريون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

استقل رئيس الوزراء الإسرائيلى «بن جوريون» طائرة فرنسية من مطار صغير قرب تل أبيب إلى باريس تحت جنح الظلام، وصحبه موشى ديان وشيمون بيريز، وموردخاى أون مدير مكتبه، ونزلوا سرا بمطار «فيلا كوبلاى» قرب «سيفر» فى 22 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1956، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس».

هدفت الزيارة لعمل الترتيبات السرية للعدوان الثلاثى على مصر بسبب قرار جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس يوم 26 يوليو 1956، وكان لإسرائيل دور رئيسى فى هذه الترتيبات إلى جانب بريطانيا وفرنسا، وفى المساء عقد بن جوريون ووفده أول اجتماع مع الجانب الفرنسى الذى ضم «جى موليه» رئيس الوزراء، و«كريستان بينو» وزير الخارجية، و«برجيس مانورى» وزير الدفاع، الذى طلب من «بن جوريون» تقييما للموقف فى الشرق الأوسط.

ووفقا لمذكرات «ديان» و«بيريز» عن وقائع الاجتماع وينقل عنهما هيكل، فإن «بن جوريون» بدأ بشرح عام للموقف فى الشرق الأوسط وعن العداء العربى لإسرائيل، وروح الحرب العربية التى أثارها جمال عبدالناصر، وأشعلها بدعوته إلى القومية، ثم أشار إلى صفقة السلاح السرية مع الاتحاد السوفيتى «27 سبتمبر 1955»، وإلى غارات الفدائيين فى عمق إسرائيل وتحكم مصر فى الممرات المائية للمنطقة، وانتهى إلى القول بأن ذلك يضع إسرائيل أمام موقف بالغ الخطورة ويحتم عليها المبادرة إلى العمل قبل أن يستوعب الجيش المصرى سلاحه الجديد، ثم أوضح أن إسرائيل كانت على استعداد للعمل وحدها إذا اقتضى الأمر، ولكن تقديرها كان أنها سوف تتعرض لخسائر فادحة إذا أقدمت على ذلك، وكانت مستعدة لهذه الخسائر تدفعها ضريبة تقيها خطر التدمير الكامل إذا ما أتمت مصر استعدادها، ومن حسن الحظ أن إسرائيل وجدت الآن حليفا قويا هو فرنسا.

ثم قال «بن جوريون»: «لدى خطة بشأن الشرق الأوسط وقد تبدو لكم خيالية، إذا استطعنا ضرب ناصر ووضعنا القناة تحت إشراف دولى وتمكنت إسرائيل من السيطرة على مشارف إيلات «منطقة طابا»، وتم تجريد سيناء من السلاح فإن الموازين كلها سوف تنقلب فى الشرق الأوسط، وبهذه الكيفية سوف تسترد فرنسا لنفسها من جديد موطئ قدم فى الشرق الأوسط عن طريق إسرائيل ولبنان، ويتحقق كسب للغرب بأسره بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ويتم وقف التوغل السوفيتى فى هذا الجزء من العالم، ويستعيد الإنجليز نفوذهم فى العراق ويضمنون مواردهم البترولية».

وأضاف «بن جوريون»: «إن ناصر يزداد قوة، والسوفييت يعززون نفوذهم فى المنطقة، ولعلنا نستطيع فى النهاية إقناع الولايات المتحدة بتأييد عمل مشترك، أما فيما يتعلق بالمشاركة البريطانية، فإن أى تأخير بعد الآن ربما كان مميتا، وإنى أعرف «إيدن» رئيس وزراء بريطانيا شخصيا، وأثق مطلق الثقة من أنه متحمس للعمل المشترك وليست لديه أهداف مزدوجة ولكن موقفه المحلى آخذ فى التدهور».

من السخرية فى هذا الاجتماع أن يتحدث «بن جوريون» عن الاعتبارات الأخلاقية، قائلا: «أريد أن أطرح الاعتبارات الأخلاقية هنا، فالخطط العسكرية التى رأيتها لا تدخل فى حساب وجهة النظر الأخلاقية، وإذا بدأت إسرائيل الحرب فسوف تدفع بأنها دولة معتدية والعالم لا يحب العدوان، ونحن لا نستطيع أن نواجهه بمفردنا، ولذلك فلا بد أن تدخلوا معنا فى نفس التوقيت حتى لا ينصب اللوم علينا وحدنا، نحن نقترح القيام بعمل تعاونى، وإذا وافقتم فسوف نبدأ غدا إذا أردتم، وفى الوقت الذى نتحمل فيه العبء البرى فإن عليكم أن تتحملوا أنتم والبريطانيون مسؤولية الجو، ودعونا نضع خطة ثلاثية يوقع الإنجليز عليها وننطلق لتنفيذها الأسبوع المقبل، وسوف نتمكن من الانتهاء منها بسرعة ويعود جنودكم إلى ديارهم قبل عيد الميلاد».

فى الاجتماع التالى تقدم «ديان» بخطة معدلة تلبى كل الاحتياجات، تقوم على أن يبدأ الجيش الإسرائيلى بهجوم يبدو أنه مجرد عملية انتقام واسعة النطاق، وليس حربا شاملة، وإذا اقتنع المصريون بذلك فسوف يترددون فى تحويلها أيضا لحرب شاملة، ولا يرسلون طائراتهم لضرب المدن الإسرائيلية، وفى نفس الوقت تقوم إسرائيل بإسقاط كتيبة مظلات فى ممر متلا، وتعلن عن وجود قوات لها قرب منطقة قناة السويس.

وينتهز الإنجليز والفرنسيون فرصة هذا الإعلان ثم يقررون التدخل العسكرى للدفاع عن القناة، شريطة ألا تنقضى فترة أكثر من 36 ساعة بين بداية العمل الإسرائيلى وبداية التدخل الإنجليزى الفرنسى، وتتولى فرنسا منفردة مسؤولية الدفاع الجوى عن المدن الإسرائيلية، والدفاع البحرى عن الشواطئ الإسرائيلية، ولا بد أن تصل ثمانية أسراب من الطيران الفرنسى لإسرائيل قبل 48 ساعة من ساعة الصفر، ويتولى الطيران الفرنسى مسؤولية حماية وإمداد الكتيبة الإسرائيلية التى يتم إسقاطها فى ممر متلا.

تمت الموافقة على الخطة، وموعد تنفيذها فى 29 أكتوبر 1956، وأن تظل اتفاقية سيفر سرا لا تذاع نصوصها على الإطلاق.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة