تحت عنوان "كيف تركت الفوضى العمالية النخبة العالمية حذرة من بريطانيا" ألقت صحيفة تليجراف البريطانية الضوء على ما أسمته فوضى الحكومة العمالية فيما يتعلق بالاقتصاد البريطانى لاسيما مع اقتراب الإعلان عن أول ميزانية الأربعاء المقبل، وقالت أن زيادة الضرائب والمناخ الاقتصادى العام ينفر النخبة العالمية ويدفعهم بعيدا عن المملكة المتحدة.
وقال الصحيفة إن رحلة وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز إلى واشنطن لحضور اجتماعات صندوق النقد الدولى كانت فرصة لإظهار أن بريطانيا منفتحة على الأعمال التجارية.
ورغم أن الصندوق سلم بريطانيا أكبر ترقية للنمو فى مجموعة الدول السبع هذا العام وقال أن خلفية انخفاض أسعار الفائدة والتضخم وضعت النمو الاقتصادى على المسار الصحيح "للتسارع" أكثر فى العام المقبل، إلا أن الكثيرين يخشون أن يهدر حزب العمال هذا التقدم، على حد تعبير الصحيفة.
نقلت تليجراف عن أرناب داس، استراتيجى السوق العالمية فى إنفيسكو، قوله "أعيش فى المملكة المتحدة. لقد عشت هناك لمدة 25 عامًا الآن. وبدأت أشكك فى اختياراتي".
وتزعم ريفز أن مهمتها الأولى هى تنمية الاقتصاد. ولكن داس يقول أن الوضع أصبح أقل جاذبية يوما بعد يوم.
ويقول: "أعتقد أن حزب العمال لديه التشخيص الصحيح بأن ما يحتاجون إلى القيام به هو زيادة النمو. ومن أجل القيام بذلك، يحتاجون إلى زيادة الاستثمار من أجل زيادة الإنتاجية. وما يقلقنى حقا هو أنهم يرسلون رسائل متضاربة للغاية حول كيفية القيام بذلك، من خلال زيادة ضرائب مكاسب رأس المال وأنواع أخرى مختلفة من الضرائب".
وأضاف "أن الأمر ليس كما يريد أى مستشار أن يفعل، ولكن على مدى الأسابيع القليلة الماضية أوضحت ريفز أن الضرائب سترتفع بشكل حاد فى ميزانية الأسبوع المقبل. أن تعهدها بعدم العودة إلى التقشف يعنى أنها ستضطر أيضا إلى إطلاق واحدة من أكبر الغارات الضريبية فى التاريخ الحديث - ما يصل إلى 35 مليار جنيه استرلينى - إذا كانت تريد تلبية قاعدة "الاستقرار" الرئيسية الخاصة بها بعدم الاقتراض لتمويل الإنفاق اليومى."
وحذر معهد الدراسات المالية بالفعل من أن ميزانية 30 أكتوبر من المرجح أن ترسل العبء الضريبى إلى مستوى جديد. أن التأمين الوطنى لأصحاب العمل فى ارتفاع، وكذلك الضرائب على مكاسب رأس المال وضريبة الميراث، وفقا للصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن الغارات التى تعهد بها حزب العمال على شركات الأسهم الخاصة وغير المقيمين تسببت فى إثارة ضجة بين المصرفيين فى الاجتماع السنوى لمعهد التمويل الدولى على الجانب الآخر من المدينة.
يقول أحدهم: "أنا متوتر. لماذا كل هذا التلاعب بالعديد من الضرائب وخلق كل هذا الغموض؟ إنه أمر غير ضروري".
ويشعر مصرفى كبير آخر بالفزع من جر حزب العمال إلى مناقشات حول كيفية تعريف الأشياء مثل تعريف من هو العامل الذى سيتم استثنائه من زيادة الضرائب.
وأثير جدلا واسعا الجمعة بعدما صرح كير ستارمر، بأن الزيادات الضريبية ستشمل هؤلاء أصحاب الأصول والأسهم والعقارات باعتبار أنهم ليسوا عمالا، ثم تراجع سريعا عن المقترح، مما أثار تساؤلات حول تعريف من هو العامل الذى سيتم استثنائه من تلك الزيادات.
وقالت الصحيفة أن ريفز تجتذب انتقادات من داخل صفوفها. وقال اللورد بلانكيت من حزب العمال، وهو وزير عمل ومعاشات سابق، لصحيفة التايمز أن فرض التأمين الوطنى على مساهمات أصحاب العمل فى المعاشات التقاعدية من شأنه أن يلحق الضرر بمستويات المعيشة فى التقاعد.
ويقول داس من شركة إنفيسكو أن الأخبار ليست كلها سيئة. ويرحب بتعهد ريفز بإلغاء قوانين التخطيط وإزالة البيروقراطية من أجل تمكين بريطانيا من البناء.
ولكنه يضيف: "فى الوقت نفسه، بدأوا فى إعادة تنظيم سوق العمل، أليس كذلك؟ هذه الرسائل مختلطة فى أفضل الأحوال، وتشير إلى أنه إذا استثمرت فى المملكة المتحدة، فربما تحقق نتائج جيدة.ربما تؤتى استثماراتك ثمارها. ولكن بعد ذلك سيكون عليك دفع ضريبة عالية مقابل ذلك".
ومن ناحية أخرى، نفى رئيس الوزراء البريطانى، تضليل الجمهور بشأن الزيادات الضريبية خلال الحملة الانتخابية، وسط تقارير تفيد بأن الحكومة تخطط لزيادة مساهمات التأمين الوطنى لأصحاب العمل، وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وعندما سُئل عما إذا كان قد ضلل الناخبين بعدم تحذيرهم بشأن المليارات من الزيادات الضريبية المتوقعة فى أول ميزانية للحكومة يوم الأربعاء، قال رئيس الوزراء: "لا، كنا واضحين للغاية بشأن الزيادات الضريبية التى سيتعين علينا بالضرورة القيام بها مهما كانت الظروف... لقد ذكرتها ولا أعرف عدد المرات فى الحملة."
وأضاف "كنا واضحين حقًا فى البيان الانتخابى وفى الحملة بأننا لن نزيد الضرائب على العمال ووضحنا ما نعنيه بذلك من حيث ضريبة الدخل، ومن حيث المساهمات الوطنية للتأمين ومن حيث ضريبة القيمة المضافة، ونعتزم الوفاء بالوعود التى قطعناها فى بياننا الانتخابي".
وبحسب ما ورد، من المقرر أن تزيد المستشارة راشيل ريفز معدل التأمين الوطنى لأصحاب العمل بما يصل إلى نقطتين مئويتين فى سعيها لجمع 20 مليار جنيه إسترلينى للخدمات العامة، بما فى ذلك أزمة هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وتعتبر مساهمات التأمين الوطنى ثانى أكبر مصدر للإيرادات فى المملكة المتحدة بعد ضريبة الدخل. يدفع أصحاب العمل بمعدل 13.8%على أرباح العمال التى تزيد عن 175 جنيهًا إسترلينيًا فى الأسبوع. ومن المتوقع أيضًا أن تخفض ريفز عتبات الأرباح التى يبدأ أصحاب العمل عندها فى دفع الضريبة، وفقًا للتقارير.
ومن المتوقع أن تجمع التدابير المجمعة فى أول ميزانية لحزب العمال منذ 15 عامًا ما يقرب من 20 مليار جنيه إسترلينى. وتقول الحكومة أن هناك فجوة تمويلية تبلغ 40 مليار جنيه إسترلينى فى المالية العامة تدعى أنها ورثتها من المحافظين.
وقال أرباب العمل، أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن ترقى إلى مستوى فرض ضريبة على الوظائف، وقد تؤثر على التوظيف وتحد من زيادات الأجور، مما يضر بالشركات بما فى ذلك الحانات والفنادق والمطاعم. وقال مارتن ماكتاج، رئيس اتحاد الشركات الصغيرة، إنه يعارض الفكرة.
وقال ماكتاج لبرنامج توداى على بى بى سي: "إن ما سيفعله هو إلحاق الضرر بالنمو، فهو بالتأكيد يزيد الأجور"، مضيفًا أن مثل هذا التغيير من شأنه أن يقلل من فرص العمل.