ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فى عددها الصادر اليوم الجمعة، أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أبدى المسئولون الأوكرانيون انفتاحهم على المرشح الجمهورى والرئيس السابق دونالد ترامب وقالوا سرًا إنهم مستعدون لنهج جديد حيال بلادهم من جانب الإدارة الأمريكية.
وأكدت الصحيفة (فى سياق مقال تحليلي) أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستترك بلا أدنى مجالًا من الشك تداعيات كبيرة على أوكرانيا، خاصة فيما يتصل بالمساعدات الأمنية الأمريكية الحيوية حتى أن عددًا من المسئولين الأوكرانيين اعتبروا أن التغيير الجذرى ربما يكون مفيدًا.
وقالت إن الموقف الرسمى بطبيعة الحال هو أن كييف سوف تعمل مع أى شخص يختاره الأمريكيون، مع اتباع الخط الدبلوماسى المبدئى المتمثل فى عدم التدخل فى الشئون الداخلية لحليف ولكن خلف الأبواب المغلقة، يرى البعض فى حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكى جانبًا إيجابيًا فى فوز ترامب، على الرغم من الانتقادات المتكررة من جانب المرشح الجمهورى للإنفاق الأمريكى لدعم أوكرانيا والدعوة إلى إنهاء سريع للحرب قد يصب فى نهاية المطاف فى صالح روسيا.
ومن المرجح أن تحافظ نائبة الرئيس الحالى والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على الوضع الراهن إذا تم انتخابها، وبينما أعرب الأوكرانيون عن امتنانهم للدعم العسكرى الأمريكي، فقد اشتكوا أيضًا من أن البيت الأبيض حذر وبطيء للغاية فى قراراته لتجنب التصعيد مع روسيا. ومع تقدم روسيا فى ساحة المعركة خلال العام الماضى واحتلالها المزيد من الأراضى الأوكرانية، أعرب المسئولون فى كييف عن أسفهم بشكل متزايد على أن الوضع الراهن لا يعمل ولا يؤدى إلى أى تقدم فى موقف بلدهم، فضلًا عن رفض طلباتهم للحصول على أسلحة أقوى وقيود أكثر مرونة على استخدامها.
وأشارت "واشنطن بوست" فى هذا الشأن إلى حقيقة أن علاقة ترامب وزيلينسكى لطالما كانت متوترة منذ عام 2019، عندما حجب ترامب، الذى كان رئيسًا آنذاك، المساعدات العسكرية لأوكرانيا فى محاولة مزعومة للضغط على زيلينسكى لاستخراج معلومات حول التعاملات التجارية فى أوكرانيا لابن بايدن، هانتر بايدن فى جهد أدى إلى عزل ترامب فى مجلس النواب الأمريكى بتهمة إساءة استخدام منصبه وعرقلة مهام الكونجرس، وذلك قبل أن يبرأه مجلس الشيوخ.
وبحسب الصحيفة، رفض العديد من المسئولين الأوكرانيين فكرة أن فوز ترامب سيكون كارثيًا لكييف وأنهم يخشون هذا الاحتمال، وأكدت أنه حتى داخل مكتب زيلينسكى نفسه، بدت حالة من التفاؤل بأن الزعيم الأوكرانى قد يؤثر على ترامب إذا أقام الاثنان رابطة شخصية.
وقال مسئول أوكرانى خدم فى حكومة زيلينسكى خلال رئاسة ترامب، فى تصريح خاص للواشنطن بوست:" بطبيعة الحال، ترتبط إدارة زيلينسكى أكثر بترامب"، وأضاف المسئول، الذى تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته نظرًا لأنه يناقش مسألة حساسة:" أن زيلينسكى رأى دائمًا أوجه تشابه بينه وبين ترامب، وهو ما يعتقد الرئيس الأوكرانى أنه سيساعدهما فى بناء علاقة جيدة. صعد كلاهما إلى السلطة بخلفيات غير نمطية خارج النظام السياسي، حيث جاء ترامب من عالم الأعمال بينما كان زيلينسكى ممثلاً وكوميديًا".
وتابع أن زيلينسكى وفريقه "يحبون الحلول البسيطة. وترامب هو رجل الحلول البسيطة"، فيما أبرزت "واشنطن بوست" أن ترامب أكد مرارًا وتكرارًا أنه سيساعد أوكرانيا وروسيا فى التفاوض على صفقة سريعة لإنهاء الحرب إذا فاز فى الانتخابات التى ستنطلق بعد أيام قليلة، لكنه لم يقدم تفاصيل محددة، بينما تحدث زميله فى الترشح، جيه دى فانس، الذى ينظر إليه العديد من المسئولين الأوكرانيين بريبة، عن خطة سلام من شأنها تجميد خطوط المعركة الحالية وترك أجزاء كبيرة من البلاد فى أيدى الروس.
وفى مقابلة مع صحفيين من دول الشمال الأوروبى أُجريت أمس الأول، بدا أن زيلينسكى يتطرق إلى حديث ترامب عن حل سريع، قائلاً:" نحن أيضًا إلى جانب القرار السريع للسلام، لكن لا ينبغى لنا أن ندفع ثمن هذا، نحن لسنا معتدين. روسيا هى المعتدية؛ يجب أن يدفعوا".. فى المقابل، وصف ترامب زيلينسكى بأنه "أحد أعظم البائعين الذين رأيتهم على الإطلاق"، حسب قوله، وذلك من حيث تلقى المساعدات من الولايات المتحدة. لكن يبدو أن ترامب- حسبما قالت الصحيفة- ألقى باللوم فى الصراع على الزعيم الأوكراني، قائلاً إنه "ما كان ينبغى له أبدًا أن يسمح لهذه الحرب بالبدء".
وقال ترامب أيضًا إن غزو روسيا لم يكن ليحدث أبدًا لو كان لا يزال رئيسًا، وأعرب مرارًا وتكرارًا عن إعجابه بالرئيس الروسى فلاديمير بوتن، واصفًا بعض قراراته الاستراتيجية بأنها "ذكية" و"عبقرية"، فى حين أشار زيلينسكي، فى حديثه الأخير، إلى أن الشعب الأمريكى دعم باستمرار الموقف الأوكرانى "لأنه يفهم أننا ندافع عن قيمنا المشتركة". وأضاف أنه إذا رفض الدعم الأمريكي، "فسوف نعتمد على أنفسنا والوحدة فى أوروبا والرأى العام فى أمريكا".
وقال مسئولان أوكرانيان آخران إنه فى حين كانت رسالة ترامب بشأن أوكرانيا سلبية، إلا أنهما يعتقدان أنها مجرد خطاب حملة ولن تتوافق بالضرورة مع أفعاله فى منصبه. وغالبًا ما يشير المسئولون الأوكرانيون إلى سجل ترامب بشأن أوكرانيا خلال فترة ولايته كرئيس، والذى تضمن تزويد كييف بالأسلحة الفتاكة الأولى فى عام 2019.
وعلى الرغم من أن ترامب أشاد ببوتين، إلا أن إدارته كانت تعتبر متشددة فى موسكو ودفعت بجولات جديدة من العقوبات على روسيا. مع ذلك، أقر بعض المسئولين الأوكرانيين بوجود احتمالات أعلى لحدوث جانب سلبي، بل وأبدوا قلقهم من أن ترامب قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات إقليمية لروسيا فى المفاوضات، وهو ما قد يضطر زيلينسكى إلى الرفض.