جاء إعلان وكالة "فيتش" رفع التصنيف الائتماني لمصر للمرة الأولى منذ عام 2019، من "B-" إلى "B"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، خطوة مهمة تعكس نجاح إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الدولة، حيث أعلنت الوكالة أن الترقية جاءت مدعومة بالتدفقات الأخيرة من الاستثمارات الأجنبية، ولا سيما صفقة رأس الحكمة، التي عززت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي، كذلك الإصلاحات الاقتصادية مثل زيادة مرونة سعر الصرف والسياسات النقدية التي تتبناها الدولة المصرية، وهو ما رحب عدد من السياسيين وخبراء الاقتصاد الذين أكدوا أن التقرير يعزز من ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري وهو ما سيكون له انعكاسات على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر.
يعكس نجاح السياسات الاقتصادية ويعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري
وفي هذا السياق أكد الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أن إعلان وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني رفع التصنيف الائتماني لمصر على المدى الطويل بالعملة الأجنبية إلى " B"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، له دلالات شديدة الأهمية على رأسها نجاح السياسات الاقتصادية التي تتبناها الدولة المصرية، فضلا عن التأثير الإيجابي لصفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وعلى رأسها مشروع رأس الحكمة الذي يُعد أضخم استثمار مباشر في تاريخ مصر.
وقال "محسب"، إن التصنيف الائتماني يعني الجدارة الائتمانية، أو قدرة تلك الكيانات على الحصول على القروض اللازمة، ومدى قدرتها على الوفاء بما عليها من التزامات في موعدها، مشيرا إلى أن حالة الاستقرار السياسي والأمني التي تعيشها الدولة المصرية أيضا لها تأثير مباشر على التصنيف الائتماني لما لها من تداعيات على الوضع الاقتصادي وقدرة الدولة على سداد الديون.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن وكالة فيتش أكدت أن المرونة التي أظهرتها مصر في سعر الصرف، فضلًا عن الشروط النقدية الأكثر صرامة، ساهمت بشكل كبير في تعزيز استدامة المالية الخارجية، والاستدامة هنا تعنى أن الدولة قادرة على سداد ديونها من فوائد وأقساط، في مواعيدها، وأنها لن تطلب تأجيل السداد، أو إعادة هيكلة الديون، أو مد أجل السداد أو لم تتعثر في السداد، ومن ثم يكون مؤهلا للحصول على القروض من المؤسسات الدولية، مؤكدا أن هذا التقرير وهذه النظرة المستقبلية تعزز ثقة المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية في قوة وقدرة الاقتصاد المصرى على الوفاء بالتزاماته.
وشدد النائب أيمن محسب، أن تقرير وكالة فيتش بمثابة صك على قوة الاقتصاد المصري، وهو ما سيكون له انعكاسات إيجابية على عملية تدفق الاستثمارات الأجنبية للبلاد، ومن ثم رفع قيمة العملة المصرية، ورفع حجم الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، الموجود بتلك الدولة، مؤكدا أن رفع التصنيف الائتماني لمصر شهادة ثقة جديدة في قوة الاقتصاد المصري.
دفعة قوية للاقتصاد المصري
وبدوره أكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد، أن إعلان وكالة فيتش في تقريرها الأخير رفع تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل الخاص بالعملة الأجنبية من -B إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة، خطوة إيجابية تؤكد أن الدولة المصرية تسير في الطريق الصحيح، في ظل ما اتخذته الدولة من إجراءات إصلاح اقتصادي، ساهمت في تعزيز حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة مثل مشروع رأس الحكمة والتي كانت سببا في استقبال مصر نحو 24 مليار دولار.
وقال "الجندي"، التنصيف الائتماني يعتمد بشكل كبير على تحليل شامل لعديد من العوامل المالية والاقتصادية والمؤسسية المرتبطة بالدولة المدينة أو المقترضة، وأهمها القدرة على السداد، والتاريخ الائتماني، والهيكل المالي والسيولة، إضافة إلى الاقتصاد العام والصناعة، فضلا عن الاستقرار السياسي والأمني الذي تعيشه الدولة، لافتا إلى أن مصر تعيش تحديات إقليمية ضخمة للحفاظ على أمنها القومي واستقراراها رغم ما تمر به المنطقة من صراعات وحرب إسرائيلية غاشمة وظالمة على قطاع غزة على الجبهة الشرقية للدولة المصرية.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ، أن وكالة فيتش أشارت في تقريرها إلى ارتفاع احتياطيات مصر الأجنبية بمقدار 11.4 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، لتصل إلى 44.5 مليار دولار، بدعم من صفقة رأس الحكمة وزيادة استثمار غير المقيمين في الدين المحلي، وهو ما يساهم في تقليل الاعتماد على الدين الخارجي، مشددا على أن هذه التقرير بمثابة شهادة من أهم مؤسسة عالمية على نجاح جهود الحكومة في تنفيذ برنامجها الشامل للإصلاح الاقتصادي وهو ما يساهم في زيادة درجة الثقة في قدرات الاقتصاد المصري، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وخفض تكلفة التمويل للحكومة وللقطاع الخاص.
وشدد النائب حازم الجندي، على أن التقرير توقع بلوغ متوسط الاستثمار الأجنبي المباشر 16.5 مليار دولار سنويًا خلال السنة المالية 2025 والسنة المالية 2026، مما يعزز مرونة الاقتصاد المصري، فضلا عن انخفاض معدلات التضخم، وانخفاض أسعار الفائدة، مما سيقلل من عبء خدمة الديون الحكومية، مؤكدا أن هذا التقرير يمثل دفعة قوية للاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.
خطوة هامة نحو تعزيز الاقتصاد المصري
ومن ناحيته أكد النائب احمد سمير زكريا، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ، أن رفع التصنيف الائتماني لمصر من قبل وكالة "فيتش" للمرة الأولى منذ عام 2019 خطوة تمثل دفعة جديدة للاقتصاد المصري، موضحا أن رفع وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني مصر بمستوى واحد من "B-" إلى "B"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، خطوة هامة، و هي إشارة إيجابية تعكس تحسن الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد. و يؤكد الاستقرار الاقتصادي وقدرة الحكومة على سداد ديونها و هو ما يعدّ بمثابة شهادة على تحسن هذه المؤشرات الأساسية.
وقال عضو مجلس الشيوخ، إن رفع التصنيف الائتماني لمصر يثبت نجاح الإصلاحات الاقتصادية و التي ساهمت في زيادة احتياطي النقد الأجنبي ليصل الي ٤٤.٥ مليار دولار وساهم في قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها المالية واستقرار سعر الصرف.
و توقع النائب احمد سمير زكريا، ان يساهم رفع التصنيف الائتماني لمصر في إعطاء إشارة إيجابية للمستثمرين الأجانب الذين ينظرون إلى التصنيف كمعيار لاستقرار السوق المالية، وبالتالي جذب استثمارات أجنبية جديدة المختلفة كما توقع انخفاض التضخم و تقليل الفائدة بصورة تدريجية، مؤكدا على حاجة الدولة المصرية إلى تحسين بيئة الأعمال والحد من مستويات الدين العام وزيادة معدلات النمو الاقتصادي لتحقيق التنمية المستدامة.
يعزز قدرة مصر على النفاذ للأسواق المالية العالمية
وفي ذات الصدد، أكد الدكتور مصطفي أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن التحسن في تصنيف مصر الائتماني من جانب مؤسسة فيتش إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة، يؤكد على سلامة المسار الاقتصادي للدولة المصرية رغم التحديات التي يواجها الاقتصاد المصري جراء تداعيات الحرب في المنطقة ولكن مؤسسة فيتش استندت إلى عدة معايير لبناء رأيها وتوقعاتها بالنسبة للاقتصاد المصري فيما يتعلق بارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر نتيجة لجهود وإجراءات الحكومة المصرية في سبيل تيسير وتحفيز الاستثمار الخاص المحلى والأجنبي إلى جانب صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار بالإضافة إلى زيادة حجم الناتج المحلى الإجمالي بما يحقق استدامة النمو الاقتصادي.
وقال "أبوزيد" في تصريح لـ "اليوم السابع"، إن وكالة فيتش توقعت تحقيق 5.3 % فى العام المالي القادم 2025/2026 ، إلى جانب ارتفاع حجم تحويلات المصريين بالخارج التي تُعد أحد المصادر الرئيسية لتدفقات النقد الأجنبية وارتفاع حجم الاحتياطي النقد لدى البنك المركزي إلى أكثر من 46 مليار دولار بما يغطى احتياجات الدولة 8 شهور من السلع الاستراتيجية وبالتالي زيادة في الاستقرار المالي والنقدي للاقتصاد المصري، مؤكد أن التغير في تصنيف مصر الائتماني إلى الأفضل يعزز من قدرة مصر للنفاذ للأسواق المالية العالمية ويعزز أيضا من ثقة المستثمرين في استقرار الاقتصاد المصري.
يعكس انخفاض مخاطر التمويل الخارجي وقوة الاستثمار
ومن ناحيته قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن قرار وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، بتعديل التصنيف الائتمانى لمصر من B- إلى B، يعكس انخفاض مخاطر التمويل الخارجي وقوة الاستثمار الأجنبي المباشر على المدى القصير ، للعديد من الأسباب على رأسها وجود تدفقات دولارية حالية ومتوقعة من صفقة رأس بناس وغيرها ودفعات صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وهو ما يعكس وجود قدرة مالية للاقتصاد المصري على سداد مستحقات الديون السيادية المستحقة في الفترة القادمة من ثلاث إلى ستة أشهر ، على عكس وضع السيولة الدولارية خلال الفترة السابقة والتي كانت تُهدد بعدم القدرة على سداد المستحقات الدولارية وفقاً لرؤية مؤسسات التصنيف الائتماني ومن ضمنها وكالة "فيتش".
وأضاف "عادل" في تصريح لـ "اليوم السابع"، أن تعديل وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني يساهم في تقليل مخاطر التمويل الخارجي ، بمعنى طمأنة الجهات الدولية المُقرضة والمانحة والتي تلجأ الدولة المصرية للاقتراض منها، وخفض معدلات الفائدة المتزايدة والتي ترتفع كلما زادت مخاطر عدم القدرة على السداد وفقاً لتقارير مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية في هذا الشأن.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن استمرارية التصنيف الائتمانى والنظرة المستقبلية من وكالة "فيتش" ، تتوقف على تحقق توقعها بأن تكون مرونة سعر الصرف أكثر استدامة مما كانت عليه في الماضي ، وهي مسئولية كبيرة تقع على عاتق السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، لأن تحقيقها يتطلب بدايةً استدامة تحرير سعر الصرف بصورة مطلقة وفقاً لآليات العرض والطلب، مع استدامة التدبير والإتاحة للشركات والأفراد، لا سيما وأن تعديل وكالة "فيتش" وتأكيدها على أن التصنيف الائتمانى لمصر عند B ، يتطلب الحفاظ بدايةً على التصنيف والنظرة التي تم تعديلها، تمهيداُ إلى اتخاذ إجراءات وتعديلات هيكلية في السياسات الاقتصادية للدولة المصرية من شأنها تعديل التصنيف الائتماني.